بدأت دور عرض سينمائية في الجزائر عرض الفيلم السينمائي "سما"، المقتبسة قصته من رواية الأديب اليمني وجدي الأهدل المعنونة بـ"بلاد بلا سماء". الفيلم هو العمل السينمائي الأول الذي يشترك فيه فنانون من اليمن والجزائر، وتم تصوير أحداثه قبل خمسة أعوام في مدينة الكيفان ضمن ولاية العاصمة الجزائرية.
رواية "بلاد بلا سماء" تحمل حالة صراع بين بطلة الرواية سما، والمجتمع الذي يشوه صورة المرأة مهما كانت ملتزمة أخلاقيًا
يتناول الفيلم ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء في المجتمع العربي، إذ تختفي فتاة عشرينية تدرس في الجامعة بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتسبب بوقوع مشاكل لعائلتها المحافظة التي تشعر بالعار نتيجة لاختفائها، وتلجأ هذه العائلة إلى الشعوذة لتبرير اختفاء ابنتهم أمام المجتمع الذي تسيطر عليه النظرة القاصرة تجاه الفتيات ولإقناع أنفسهم بمصيرها.
اقرأ/ي أيضًا: حوار| وليد العلفي: اليمن أستديو كبير
يؤدي بطولة الفيلم الممثلين نسيمة الوعل التي جسدت دور "سما"، وفايزة لوعيل بدور "أم سما"، ومصطفى سفراني، وسليم العربي وتوفيق الأضرعي، ونصر جودي، وعلي حموش، ورشيد توني، وعدلان بكوش. الفيلم من تصوير المصور الفلسطيني المقيم في فرنسا خالد زكي، وإخراج اليمني المقيم في القاهرة عمار الربصي.
صراع مجتمعي
يتحدث المخرج السينمائي عمار الربصي لـ"الترا صوت" أن السبب الأول الذي دفعه لاختيار رواية "بلاد بلا سماء" هو قراءته لأغلب أعمال الكاتب والروائي وجدي الأهدل، وإعجابه الخاص بهذه الرواية لما تحمله من سرد جميل وبناء محكم وأحداث مشوقة. والسبب الآخر يتلخص بأنه يرى بأن الرواية لامست جانبه العاطفي المتحيز للمرأة التي هي أمه أو أخته أو زوجته، إضافة إلى أن نظرة الرجل الشرقي القاصرة للمرأة، خصوصًا في مجتمعه اليمني.
ويقول الربصي: "رواية بلاد بلا سماء تحمل حالة تسويق وصراع بين بطلة الرواية سما، والمجتمع الذي يشوه صورة المرأة مهما كانت ملتزمة أخلاقيًا".
وعن الكاتب وجدي الأهدل يقول: "الكاتب والروائي سلط الضوء على التحرش بشكل واقعي بما يتناسب مع طبيعة المجتمع اليمني، ومن خلال ذلك عكست هذه التجربة على الواقع الجزائري لأن المعاناة واحده والمتضررة من كل ذلك الأنثى".
سبق أن ساهم عمار الربصي في إخراج فيلم سينمائي قصير بعنوان "كرامة" سنة 2012، لكنه لم يحقق نجاحات لافته مثل فيلم "سما". ويرجع الربصي ذلك إلى تراكم الخبرات التي اكتسبها منذ حصوله على درجة الليسانس في التمثيل من الجزائر سنة 2011، والليسانس في الإخراج السينمائي سنة 2014. واليوم يسعى للحصول على الدكتوراه في السينما من مصر بعد أن حصل على الماجستير من معهد السينما.
ابتكار في المعالجة
تعتبر "بلاد بلا سماء" الرواية الرابعة للأديب اليمني وجدي الأهدل، بعد روايات "قوارب جبلية"، و"حمار بين الأغاني"، و"فيلسوف الكرنتينة". كما أنها تُـعد الرواية الأولى له التي تم تصويرها سينمائيًا، وعن ذلك يرى الأديب وجدي الأهدل بأن اقتباس الروايات في الأعمال السينمائية يعتبر انتصارًا للعمل الأدبي ويحقق انتشارًا أكبر. يقول الأهدل لـ"الترا صوت": "لقد استطاع المخرج أن يبتكر معالجة درامية متميزة، وسيناريو مثير جعل الفيلم محل إعجاب، إضافة إلى أن أداء الممثلين في الفيلم مبهر، خصوصًا أداء الممثلة الجزائرية نسيمة لوعيل التي جسدت دور سما".
وحول سؤالنا إن كانت هناك رمزية ما وراء شخصية سما؟ يرد الأهدل: "هي رمز متعدد الدلالات، ويمكن لكل قارئ أن يستنتج الدلالة التي يراها الأقرب إلى نفسه. أحد أبسط الدلالات هو القول إن شخصية سماء ترمز لليمن".
تدور أحداث الفيلم باللهجة الجزائرية، وتجري ترجمته إلى الإنجليزية في القاهرة، ليتم عرضه في دور عرض سينمائية في مصر.
وجدي الأهدل: أبسط الدلالات التي تحملها شخصية سما في "بلاد بلا سماء" هو اليمن ذاته
ويقول المخرج الربصي أنه "يستعد حاليًا تجهيز فيلم سينمائي مقتبس من قصة الكاتب المصري يوسف إدريس التي تحمل عنوان "الكنز".
اقرأ/ي أيضًا: هزاع في الدقي.. أول فيلم كوميدي يمني مصري
يُذكر أنه سبق لمخرجين اقتباس روايات لأدباء يمنيين، ففي 1961 أخرج المخرج الأمريكي أندرو مارتون فيلم "وإسلاماه"، المقتبس من رواية الأديب اليمني علي أحمد باكثير التي تحمل الاسم نفسه، حيث حقّق الفيلم شهرة واسعة وبقي في ذاكرة مشاهديه حتى الوقت الراهن.
اقرأ/ي أيضًا: