مع بداية أكتوبر/تشرين الأول الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي، أطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة تحت عنوان "اشربي أقل من أجل ثدييك"، في مواجهة الأشرطة الوردية المطبوعة على عبوات المشروبات الكحولية. وحسب تقرير صدر مؤخرًا، ففي الوقت الذي يقوم فيه بعض صانعي البيرة بتلوين منتوجاتهم باللون الزهري، وتعرض زجاجات النبيذ الوردي وقوائم الكوكتيل الشريط الأيقوني الذي يروج لتبرعات شركاتهم للمنظمات المكافحة لسرطان الثدي، تذكر حملة "كحول أقل من أجل ثدييك" النساء بأن استهلاك الكحول يرفع من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
مع بداية أكتوبر/تشرين الأول الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي، أطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة تحت عنوان "اشربي أقل من أجل ثدييك"
يظهر مقطع فيديو الحملة المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، شابة ترقص في ملهى ليلي حاملة في يدها مشروبًا كحوليًا. تبتسم وهي تتجه إلى الحمام، لكن عندما تنظر في المرآة، ترى نسخة شاحبة وصلعاء منها. تمد يدها لتلمس شعرها وهي مذعورة بينما تمتد يد صورتها في المرآة لتضع يدها على كأس الكحول، فيما يهمهم صوت أنثوي في الخلفية "المشروبات الكحولية تزيد من خطر إصابتك! اشربي أقل من أجل ثدييك".
اقرأ/ي أيضًا: ما هي أعراض التهاب المرارة؟
ليس هنالك معنى محدد لما تعنيه كلمة "أقل". لكن حملة "كحول أقل" تقدرها استنادًا إلى الدراسات الوبائية السابقة التي توصلت إلى أن كأسًا واحدًا من الكحول وهو الحد الذي توصي به الإرشادات الغذائية الأمريكية للنساء يصبح خطرًا مع مرور الوقت ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 14%. وتعتبر هذه نسبة مرتفعة خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يملكون تاريخًا عائليًا مع المرض.
وفقًا لتحليل أجراه مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها عام 2020، تعرف امرأة واحدة فقط من بين كل أربع نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عامًا، أن الكحول عامل مساهم في الإصابة بسرطان الثدي. ترغب بريسيلا مارتينيز، التي تقود حملة كحول أقل، والتي تعمل باحثة في مجال الصحة العامة في تغيير هذا الأمر. وتقول "أهدف إلى منع الفتاة التي تشرب الكحول اليوم، من اكتشاف إصابتها بسرطان الثدي بعد 20 عامًا والتساؤل عن السبب. يعرف كثير من الناس النتيجة المحتملة المترتبة على شرب الكحول، لكن النساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي لا يعرفن".
شخصت 250 ألف امرأة أمريكية تقريبًا بسرطان الثدي سنة 2018، وتوفيت منهن 42465. مما يجعل سرطان الثدي ثاني أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بعد سرطان الجلد وثانيها فتكًا بعد سرطان الرئة لدى النساء. بالإضافة لذلك بينت ورقة بحثية أعدها باحثون من الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) ونشرت سنة 2021 أن من بين حالات الإصابة الجديدة في عام 2020 في الولايات المتحدة، 14 ألف حالة منها يمكن عزوها إلى استهلاك الكحول في الماضي.
ترى نويل لوكونتي، عالمة الأورام بجامعة ويسكونسن، أن العلاقة بين الكحول والإصابة بسرطان الثدي لم تحظ بالاهتمام الكافي يومًا، حتى من قبل الأطباء المتخصصين. مما دفعها إلى إصدار بيان سنة 2017 حول الكحول والسرطان من الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري، والذي دعا المتخصصين إلى أخذ زمام المبادرة في مواجهة "الاستهلاك المفرط للكحول" من خلال التوعية، والدعوة لتغيير السياسات، والبحث.
ارتفع استهلاك الكحول في الفترة التي اجتاح فيها وباء كورونا العالم. وزادت أيام الشرب المفرط والتي يحتسي المرء فيها أربع كؤوس أو أكثر في غضون بضع ساعات، بنسبة 41% لدى النساء وفقًا لمسح أجرته مؤسسة RAND.
عندما تحدثت شاريما راساناياغام، رئيسة العلماء في منظمة شركاء الوقاية من سرطان الثدي في سان فرانسيسكو، عن المسببات البيئية لسرطان الثدي، كان الحضور متفاعلًا إلى أن ذكرت الكحول. تقول: "يحب الناس الكحول ولا يحبون سماع الأضرار الكارثية التي تسببها". أخبرتهم أن الكمية مهمة "على الأقل، اشربوا كمية أقل".
تعمل منظمة الصحة العالمية على تطوير خطة عمل عالمية. تحدد المسودة الحالية هدفًا يتمثل في خفض نصيب الفرد من استهلاك الكحول بنسبة 20% بحلول عام 2030. وتحث الدول على تطوير وانتهاج سياسات ذات أثر أكبر مثل فرض ضرائب أعلى على الكحول، وتقليل الإعلانات، ونشر الوعي بمخاطرها الصحية.
يصف ديفيد جيرنيغان خبير سياسة الكحول في جامعة بوسطن هذا الجهد بأنه خطوة جيدة لكنها غير كافية. ويفضل صياغة معاهدة دولية بشأن الكحول، على غرار"الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ". التي وقعت من قبل 168 دولة التزمت باتخاذ خطوات لتقييد الإعلان عن التبغ، وزيادة الضرائب على السجائر، ومكافحة التدخين لدى الشباب.
يقول جيرنيغان: "هناك ما يكفي من الأدلة القوية التي تمنعهم من تجاهل الكحول باعتباره مشكلة صحية. لكن السياسة العالمية تجاه الكحول لازالت أقصر يدًا من تلك التي تكافح استهلاك التبغ". ويدعو نشطاء حماية المستهلك أيضًا إلى اتخاذ إجراءات أقوى. فعلى خلاف السجائر التي تحمل عبواتها تحذيرات قوية، وصورًا لأشخاص مصابين بأمراض مرتبطة بالتبغ، تكتفي ملصقات المشروبات الكحولية بتحذير النساء الحوامل حاليًا من خطر حدوث تشوهات خلقية لدى الجنين وتحمل بعضها العبارة التالية: "يضعف استهلاك المشروبات الكحولية قدرتك على قيادة السيارة أو تشغيل الآلات، وقد يتسبب في مشاكل صحية" دون ذكر السرطان.
قدم اتحاد المستهلكين في أمريكا بالإضافة لسبع منظمات أخرى (بما في ذلك شركاء الوقاية من سرطان الثدي والجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري) التماسًا إلى مكتب ضرائب وتجارة الكحول والتبغ التابع لوزارة الخزانة الأمريكية في عام 2020، ثم قدمت تحذيرًا آخر في عام 2021 يدعو إلى نشر العبارات التالية على ملصقات المشروبات الكحولية "استهلاك المشروبات الكحولية يمكن أن يسبب السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والقولون". لكن هذا التغيير يتطلب موافقة الكونجرس.
حتى الآن، لم تتلق هذه المنظمات ردًا على الالتماس، لكن توماس جريميليون، مدير السياسة الغذائية لاتحاد المستهلكين، لا يزال متفائلًا. يقول: "نحن لا نسعى لتقييد حقوق أي أحد، بل نريد فقط أن يتمتع المستهلكون بحقهم في معرفة أضرار ما يستهلكونه".
تعمل منظمة الصحة العالمية على تطوير خطة عمل عالمية. تحدد المسودة الحالية هدفًا يتمثل في خفض نصيب الفرد من استهلاك الكحول بنسبة 20% بحلول عام 2030
تحمل مارتينيز مؤسسة حملة "اشربي أقل" هذه المهمة على عاتقها. وستعمل على نشر هذه الرسالة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، عبر تسليط الضوء على سرطان الثدي ومسبباته. وتأمل أن تلتحق منظمات أخرى، خصوصًا تلك التي تدافع عن صحة المرأة، بهذه القضية. وأن تدفع الشرائط الوردية التي تذكر بخطر الإصابة بسرطان الثدي النساء إلى التفكير مرتين قبل أن يرفعن كؤوس المشروبات الكحولية.
اقرأ/ي أيضًا: