تحيط بهم الحشرات والزواحف السامة نظرًا لطبيعة المكان من جهة، وموجات الصقيع من جهة أخرى، مائتان واثنان وعشرون أسرة نزحت من محافظات ومناطق وسط وشمال اليمن، كـ"تعز" و"دمت" و"صنعاء" إلى جنوب اليمن، هربًا من ويلات الحرب. لم تتمكن هذه العائلات من نقل حاجياتهم الأساسية من ملابس وطعام خاصة للأطفال، الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى الطرق البدائية للحياة من خلال العيش في ما يشبه الكهوف، الواقعة تحديدًا في قرية "مريس" في محافظة "الضالع" جنوب اليمن.
222 أسرة نزحت من محافظات وسط وشمال اليمن إلى الجنوب، هربًا من ويلات الحرب وهي تلجأ اليوم إلى الطرق البدائية للحياة وتعيش في ما يشبه الكهوف
إقرأ/ي أيضًا: النزوح اليمني من حرب إلى حرب
الشيخ أحمد عبد القوي، رب أسرة مكونة من عشرين فردًا، نزح وأسرته منذ أشهر إلى "وادي يعيس"، شمال محافظة "الضالع"، يقول لـ"الترا صوت": "اضطررنا للنزوح خارج قريتنا بعد أن اقتحمها المسلحون الحوثيون وكانوا خلال الأيام الأولى يطلقون قذائف الهاون بعشوائية على الأحياء السكنية، عدت إلى منزلي منذ فترة لجلب سيارتي وبعض الملابس لكني وجدته مدمرًا كما أحرقت السيارة".
الشيخ أحمد، كغيره من الأسر النازحة، لم تلتفت إليهم المنظمات الإنسانية أو الجمعيات الخيرية لأسابيع عدة، حتى استطاعت منظمة "وفاق" تأمين عدد محدود من السلات الغذائية والملابس والأغطية للنازحين. ويؤكد مندوب المنظمة المحامي محمد، لـ"الترا صوت" أن "عددًا كبيرًا من النازحين ينامون في العراء دون أغطية وأن المنظمة لا تستطيع وحدها استيعاب احتياجاتهم". ويضيف: "هناك جهد من منظمات أخرى كالهلال الأحمر وذلك خاص بالمصابين والجرحى، أما النازحين فلا يوجد اهتمام بحالهم".
يقول النازح علي اليعيسي، لـ"الترا صوت": "نزحنا في مجموعات إلى كهوف الجبال في منطقة "مريس"، وقلة من المقتدرين استطاعوا الانتقال إلى شقق الإيجار في مدن أخرى"، ويتابع: "جعلتني الحرب بلا وظيفة وبلا مأوى بعد أن تم قصف منزلي، وأصبحت فجأة لا أملك حتى ماء الشرب النقي، وأتعرض لآلام المفاصل بين الحين والآخر بسبب الرياح الباردة في هذه المنطقة الجبلية فليس لدينا أنا وأولادي الذين يعانون كذلك من السعال ونزلات البرد ملابس شتوية تقينا البرد".
اقرأ/ي أيضًا: مخلفات الحرب.. آلاف المعاقين في جنوب اليمن
ويوضح أحمد العمري، مندوب ملف الجرحى في قرية "مريس"، لـ"الترا صوت"، أن "هناك عشرات الجرحى ضمن النازحين إلى الكهوف في قرية مريس"، ويشير العمري إلى الدعم الذي تقدمه منظمات كأطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي وصفه بـ"غير الكافي"، ويؤكد "ضرورة فتح مشفى في القرية لأن جميع المراكز الصحية الحكومية قد تم إغلاقها ولم يعد هناك خيار لإسعاف الجرحى سوى نقلهم إلى مدن أخرى وعلى مسافات بعيدة"، ويضيف: "الحكومة اليمنية لا تكتفي بعدم تقديمها الدعم لنا بل تقوم بإغلاق المطارات أمام المصابين الذين هم بحاجة ماسة للعلاج خارج اليمن".
المئات من المنازل تدمرت بفعل الحرب التي لا تزال دائرة في محافظة "الضالع" وضواحيها وفي المحافظات اليمنية الأخرى، فضلًا عن فساد الكثير من الأراضي الزراعية، التي كانت الأمل الأخير للنازحين لتحصيل قوت العيش، ولا حل في الأفق لهؤلاء النازحين خاصة وسط صمت متواصل وغير مبرر من قبل الحكومة اليمنية.
اقرأ/ي أيضًا: