17-أغسطس-2024
السياسة التي تتبعها ميتا في تعديل المحتوى غير منصفة (منصة إكس)

السياسة التي تتبعها ميتا في تعديل المحتوى غير منصفة (منصة إكس)

كشفت وثائق جديدة، أن عملاق منصات التواصل الاجتماعي "ميتا"، تواجه صعوبات في تعديل المحتوى المتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، خاصة فيما يتعلق باللغة العبرية، على الرغم من التغييرات الأخيرة في سياستها الداخلية.

وبحسب مضمون إرشادات السياسة الداخلية التي شاركها موظف سابق في شركة "ميتا"، مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، والذي عمل في تعديل المحتوى، فإن "العملية الخاصة بتعديل المحتوى المتعلق بالصراع متعددة الطبقات". لكن الوثائق تشير إلى أن شركة "ميتا"، التي تمتلك منصات "فيسبوك" و"إنستغرام" وتطبيق" واتساب"، لا تمتلك نفس العمليات لقياس دقة تعديل المحتوى العبري والمحتوى العربي.

وتحدث الموظف، الذي لم تذكر الصحيفة اسمه بسبب مخاوف حقيقية من الانتقام المهني، أن سياسات "ميتا" التي "تحكم خطاب الكراهية فيما يتعلق بفلسطين غير عادلة"، وهو التقييم الذي طالما ردده المؤيدون للفلسطينيين.

ويشعر بعض "العاملين على الخطوط الأمامية لمعركة المعلومات المحيطة بالصراع" بالحذر من إثارة  هذه الإشكالية خوفًا من الانتقام. وهي "مزاعم" ترددت في رسالة حديثة وقع عليها أكثر من 200 عامل في "ميتا". وقال الموظف السابق إن "هذه الشروط تعطي الانطباع بأن أولويات الشركة لا تتعلق فعليًا بضمان أن المحتوى آمن للمجتمع".

سياسات "ميتا" التي "تحكم خطاب الكراهية فيما يتعلق بفلسطين غير عادلة"، وهو التقييم الذي طالما ردده المؤيدون للفلسطينيين

وتشير "الغارديان" إلى أن الوثائق، التي أصبحت سارية اعتبارًا من هذا الربيع، في الوقت الذي واجهت فيه "ميتا" وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي انتقادات بسبب نهجها في التعامل مع الحرب على غزة، حيث يمكن أن "تؤدي خيارات اللغة والتعديل أثناء الأحداث الإخبارية السريعة الحركة إلى عواقب وخيمة".

وفي حزيران/ يونيو الماضي، وجه تحالف يضم 49 منظمة للمجتمع المدني وعدد من الفلسطينيين البارزين رسالة إلى شركة "ميتا" تتهمها بـ"مساعدة الحكومات وتحريضها على الإبادة الجماعية من خلال سياسات تعديل المحتوى".
وقالت العضو في "الحملة الأميركية لحقوق الفلسطينيين"،  كات كنار، التي جهزت الرسالة: "عندما يتم إسكات الأصوات الفلسطينية على منصات "ميتا"، فإن ذلك له عواقب مباشرة للغاية على حياة الفلسطينيين".

وأضافت: "لا يسمع الناس عما يحدث في فلسطين، لكنهم يسمعون دعاية تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم. العواقب خطيرة وحقيقية للغاية".
ويعد انتقاد الشركة لتعديل المحتوى بحسب اللغة، قديم، حيث ذكرت المبلغة عن مخالفات "فيسبوك"، أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي، فرانسيس هاوجن، أنه "في حين أن 9 % فقط من مستخدمي عملاق الشبكات الاجتماعية يتحدثون الإنجليزية، فإن 87 % من إنفاقها على المعلومات المضللة كان مخصصًا لهذه الفئة".
بالمقابل، ترفض "ميتا" هذه النسبة، قائلةً في بيان: إن "غالبية الشركاء في برنامج التحقق من الحقائق التابع لجهات خارجية يراجعون المحتوى القادم من خارج الولايات المتحدة، وأن الرقم يمثل عملها بشأن المعلومات المضللة".

احتجاجات ضد سياسة ميتا
وتلفت الصحفية البريطانية، إلى أن وثائق المتعلقة بتعديل المحتوى، التي صدرت بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر والحرب على غزة، تسلط الضوء على مجموعة متنوعة من قرارات سياسة التعديل في "ميتا".
ومن بينها سياسات الشركة بشأن "خطاب الكراهية وحركة المقاطعة". وتتطلب السياسات إزالة عبارات "مقاطعة المتاجر اليهودية" و"مقاطعة المتاجر الإسلامية"، ولكنها تسمح بعبارة "مقاطعة المتاجر العربية"، وفق ما ورد في الوثائق الداخلية.

وقالت المتحدثة باسم "ميتا"، تريسي كلايتون: إن "سياسة "ميتا" هي إزالة الدعوات إلى المقاطعة القائمة على الدين فقط، ولكن السماح بدعوات مقاطعة الشركات على أساس الخصائص المحمية مثل الجنسية، لأنها عادة ما تكون مرتبطة بخطاب سياسي، أو مقصودة كشكل من أشكال الاحتجاج ضد حكومة معينة". وأضافت: فإن "عبارات مقاطعة المحلات الإسرائيلية أو مقاطعة المحلات العربية مسموح بها".

وردًا على رسالة الموظفين الأخيرة، قالت كلايتون: إن "ميتا تأخذ مزاعم وجود سياسات لفرض قواعد المحتوى تؤثر بشكل غير متناسب على الأصوات المؤيدة للفلسطينيين على محمل الجد"، وأضافت: "كان هدفنا ولا يزال، إعطاء الجميع صوتًا، والمساعدة في ضمان بقاء منصاتنا أماكن آمنة للأشخاص الذين يستخدمونها".

لكن السياسة التي تتبعها الشركة، كما هو موضح تحديدًا في الوثائق الداخلية،  تنص على أن عبارة مثل "لا ينبغي السماح بدخول أي سلع إسرائيلية إلى هنا حتى تتوقف عن ارتكاب جرائم الحرب" مسموح بها، وكذلك عبارة "مقاطعة المتاجر العربية"، وفق الصحيفة البريطانية.

ويجادل مؤسس ومدير "حملة"، وهي منظمة غير ربحية تدافع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية، نديم ناشف، بأن هذه السياسة تؤكد أن "ميتا"، ليس لديها فهم دقيق للمنطقة.

وأضاف: "الهوية العربية تتكون من أشخاص في جميع أنحاء المنطقة من العديد من البلدان المختلفة، في حين تتكون الهوية الإسرائيلية من أفراد من دولة قومية واحدة تحتل وتضطهد الفلسطينيين، كمجموعة فرعية من السكان العرب. ولهذا السبب يُظهر تأطير "ميتا" تحيزًا جوهريا تجاه إسرائيل".

وتكشف الوثائق أيضًا، نافذة جديدة على قدرة "ميتا" على قياس جودة تعديل المحتوى الخاص بها باللغة العربية والعبرية.
وبحسب الموظف السابق، لدى الشركة "نظام قائم لتتبع دقة السياسة لتطبيق المحتوى بالعديد من اللغات. وهذا يعني أن نظام الجودة الخاص بالشركة، باستخدام خبراء بشريين، يراجع عمل المشرفين والأنظمة في الخطوط الأمامية ويقيم مدى توافق القرارات التي يتخذها هؤلاء المشرفون والأنظمة مع سياسات "ميتا" بشأن ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به على "فيسبوك" و"إنستغرام". ثم يقوم برنامج قياس الجودة بإنشاء درجة دقة تتبع أداء تعديل المحتوى عبر المنصات".
وتوجد أنظمة مراجعة للغات مثل الإنجليزية والإسبانية والعربية والتايلاندية. ولكن بالنسبة لجزء من قرارات المحتوى باللغة العبرية، تم إعلان مثل هذا التقييم "غير قابل للتطبيق"، بسبب "غياب الترجمة"، كما تظهر الوثائق.

وقال الموظف السابق: إن "هذا يرجع إلى نقص المراجعين البشريين ذوي الخبرة في اللغة العبرية".
وتقول "ميتا": إنها "تمتلك أنظمة متعددة لقياس دقة التنفيذ لتعديل المحتوى باللغة العبرية، بما في ذلك التقييم من قبل المراجعين والمدققين الناطقين باللغة العبرية".
ومع ذلك، تظهر الوثائق أنه لا يوجد مقياس "دقة  التنفيذ اللغة العبرية"، وهو ما لفت إليه الموظف السابق، قائلًا: "نظرًا لعدم إدراج اللغة العبرية في النظام، فإن هذا النوع من مراجعة التنفيذ في المحتوى باللغة العبرية يتم على أساس ارتجالي، على عكس المحتوى باللغة العربية".
وأضاف: هذا "التناقض يعني أن الشركة تراجع المحتوى باللغة الرسمية لإسرائيل بشكل أقل منهجية من اللغة العربية. وتابع: "هذا الاختلاف يعني تحيزًا في كيفية تطبيق القواعد على المحتوى، مما قد يؤدي إلى الإفراط في تطبيق القواعد على المحتوى باللغة العربية".
وتشكل اللغة العبرية، التي يتحدث بها حوالي 10 ملايين شخص، نسبة صغيرة بكثير من المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بشركة "ميتا" مقارنة باللغة العربية، التي يتحدث بها حوالي 400 مليون شخص.

تظهر الوثائق أنه لا يوجد مقياس "دقة  التنفيذ اللغة العبرية"، وقال الموظف السابق: إنه "نظرًا لعدم إدراج اللغة العبرية في النظام، فإن هذا النوع من مراجعة التنفيذ في المحتوى باللغة العبرية يتم على أساس ارتجالي، على عكس المحتوى باللغة العربية"

ويتحدث المنتقدون على أنه بسبب الحرب المستمرة على غزة، كانت هناك حاجة إلى مزيد من الاهتمام بالمحتوى باللغة العبرية، وقد واجهت "ميتا" أسئلة حول تعديلها للمنشورات باللغة العبرية من قبل. 
وخلص تحليل مستقل أجري عام 2022، أن نظام التعديل الخاص بالشركة عاقب المتحدثين باللغة العربية أكثر من المتحدثين بالعبرية، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، حتى عند مراعاة التفاوت في عدد المتحدثين.
ويعزى التفاوت جزئيًا إلى حقيقة أن "ميتا"، في ذلك الوقت، وضعت "مُصنّفًا للخطاب العدائي" باللغة العربية، مما يسمح بالكشف التلقائي عن المحتوى المخالف مثل "خطاب الكراهية والدعوات إلى العنف"، لكنها لم تفعل الشيء نفسه بالنسبة للمحتوى باللغة العبرية. 

وجاء في التحليل، أن عدم وجود مُصنّف باللغة العبرية يعني أن المحتوى باللغة العربية من المرجح أن تتم إزالته خوارزميًا بشكل متكرر.