13-أغسطس-2024
كوارث صحية تهدد حياة سكان قطاع غزة (رويترز)

كوارث صحية تهدد حياة سكان قطاع غزة (رويترز)

كشفت تقديرات أممية أن عدد حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (A) بلغت نحو 40 ألف حالة في قطاع غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مقارنة بنحو 85 حالة فقط في نفس الفترة من العام الماضي.

وأشار تقرير لقناة "إن بي سي" الأميركية إلى أن الارتفاع الكبير في حالات الإصابة يعود إلى لجوء سكان القطاع لشرب المياه الملوثة.

ويعتمد سكان قطاع غزة بشكل كبير على الآبار ومحطات تحلية المياه، لكن الغالبية العظمى من تلك البنية التحتية تم تدميرها، جراء استهدافها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

أشار تقرير لقناة "إن بي سي" الأميركية إلى أن الارتفاع الكبير في حالات الإصابة، يعود إلى لجوء سكان القطاع لشرب المياه الملوثة

وقدرت مجموعة "أوكسفام" للإغاثة الدولية، الشهر الماضي، أن جميع محطات تحلية المياه في غزة و88 % من آبار المياه في غزة تم تدميرها أو تضررت.

ووفقًا لـ"أوكسفام" أيضًا، تم تدمير جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي في غزة و70 % من مضخات الصرف الصحي الخاصة بها. ونتيجة لذلك، انخفضت كمية المياه الصالحة للشرب في غزة بنسبة 94 % منذ بدء العدوان، أي إلى أقل من 5 لترات يوميًا للشخص الواحد. وتقول الأمم المتحدة إن الأشخاص في حالات الطوارئ يحتاجون إلى 15 لترًا من المياه على الأقل يوميًا.

وفي محاولة لإيجاد حلول، قامت المنظمات الإنسانية بالمساعدة في إصلاح البنية التحتية وتركيب خزانات الصرف الصحي وتوزيع المياه النظيفة وأقراص الكلور، لكن وصولها إلى غزة محدود للغاية، بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال. وهو ما أدى بالسكان للشرب والاستحمام في مياه البحر غير المعالجة والملوثة بمياه الصرف الصحي، دون صابون أو مطهرات.

وتحدث نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (غير ربحي)، ستيف موريسون، لقناة "إن بي سي"، قائلًا: "ليس لديك تدفق كبير من المياه الصالحة للشرب القادمة عن طريق شاحنات الصهاريج التي تعبر الحدود، ولم تنجح جهود تحلية المياه، وليس لديك معالجة لمياه الصرف الصحي تعمل على خفض التلوث البرازي".

ويمكن أن يؤدي تناول الطعام أو الماء الملوث بالبراز إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (A)، وهو مرض يصيب الكبد ويمكن أن يشفى، لكن سوء التغذية والصرف الصحي يمكن أن يزيد من خطر حدوث مضاعفات.

وقال رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر في خانيونس، الدكتور أحمد الفرا: "مرض التهاب الكبد الوبائي (A) منتشر على نطاق واسع في قطاع غزة هذه الأيام، بسبب سوء الصرف الصحي وسوء نوعية الغذاء وتلوث المياه".

بدوره، كشف رئيس بلدية خانيونس، علاء البطة، عن أن 30 بئر مياهٍ على الأقل جنوب قطاع غزة تم تدميرها الشهر الماضي.

وأضاف: "جزء كبير من الآبار الأخرى يقع في مناطق الإخلاء ونخشى أن يتم تدميرها، ونحن نعاني من أزمة مياه حادة".

فيما أعلنت الأمم المتحدة أنها تبذل جهودًا لاستعادة الكهرباء في محطة تحلية المياه بجنوب غزة، والتي يمكن أن توفر المياه النظيفة لنحو مليون شخص.

ولكن في الوقت نفسه، تتزايد التهديدات الصحية المرتبطة بالمياه القذرة. فقد كشفت وزارة الصحة بالقطاع عن كارثة صحية جديدة، مع رصد الفيروس المسبب لشلل الأطفال في مياه الصرف الصحي.

وأشارت الوزارة في بيان إلى "إجراء فحوصات لعينات من الصرف الصحي بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف، وأظهرت النتائج وجود الفيروس المسبب لشلل الأطفال".

وفي هذا الإطار، تخطط منظمة الصحة العالمية لتوزيع 1.2 مليون لقاح شلل الأطفال في غزة في الأسابيع المقبلة.

لكن موريسون أخبر القناة الأميركية أن "جهود التطعيم تواجه تحديات كبيرة. إذ يجب تخزين الجرعات في درجات حرارة باردة حتى لا تفسد، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك عدد كافٍ من مقدمي الرعاية الصحية لإدارتها".

بالإضافة إلى ذلك، سجلت منظمة الصحة العالمية إصابة نحو 65 ألف شخص بطفح جلدي، وأكثر من مليون حالة إصابة جديدة بالالتهاب التنفسي الحاد، وأكثر من نصف مليون حالة إسهال حاد وأكثر من 100 ألف حالة يرقان في الفتر الممتدة من تشرين الأول/أكتوبر إلى أواخر حزيران/يونيو الماضي.

ورصد تقرير "إن بي سي" حالات لأطفال أصيبوا بالطفح الجلدي في قطاع غزة، من بينهم حالة الطفلة صبحية، البالغة من العمر سبعة أشهر، والتي أخبر الأطباء والدتها أن الطفح الجلدي الذي يظهر على جلدها هو نتيجة لبكتيريا من المياه الملوثة.

والطفلة صبحية التي ولدت بعد أشهر قليلة من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة هي واحدة من العديد من الأطفال الصغار الذين أصيبوا بأمراض مرتبطة بشرب أو الاستحمام بمياه ملوثة، وفقًا لأسر وأطباء ومنظمات إنسانية في المنطقة.

وفي مقابلة مع القناة الأميركية، كشفت سمر حمودة، والدة الطفلة صبحية، أن أسرتها اضطرت إلى النزوح من شمال غزة، وكانت تقيم في مدينة خانيونس الجنوبية التي أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء المناطق الشرقية منها يوم الجمعة الماضية

وقالت حمودة: "لقد جئنا إلى هنا لنواجه ظروفًا أسوأ، فلا يوجد مكان نظيف للإقامة، ولم نجد مياهًا صالحة للشرب، ولا حتى مياه حتى يتمكن أطفالنا من الاستحمام".

وأضافت: "وصف الأطباء أدوية لصبحية، لكن الأسرة لم تتمكن من العثور عليها".