20-أغسطس-2024
احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في شيكاغو

(AFP) متظاهرون مؤيدون لفلسطين في شيكاغو

انطلقت أعمال مؤتمر الحزب الديمقراطي في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي، ومن المقرّر أن يستمر حتى يوم الخميس المقبل، حيث تُختَتم جلساتُه بكلمةٍ لكامالا هاريس تعلن فيها قبولها الترشح على بطاقة الحزب لانتخابات الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

ويُعدّ المؤتمر العام للحزب تقليدًا أساسيًا في كل انتخاباتٍ رئاسية أميركية، حيث يجتمع آلاف المندوبين الديمقراطيين من كل الولايات لإعلان دعمهم لترشح مرشّحهم. وهو ما نجده أيضًا لدى الحزب الجمهوري، فالمؤتمرات العامة تعد بمثابة فرصةٍ أخيرة لإظهار ما يدافع عنه كل حزبٍ من جهة، كما تعدّ فرصةً لتوحيد الحزب في معمعة الانتخابات.

ويعدّ سياق انعقاد المؤتمر هذه السنة خاصًا بكل المعاني، حيث اخترقت الانقسامات الحزب على أكثر من مستوى، بعضُها حُسم (بانسحاب بايدن)، وبعضها الآخر ما يزال يلقي بظلاله عليه، ويتعلق الأمر أساسًا بالحرب على غزة والموقف منها، خاصةً أن المؤتمر ينعقد في مدينة شيكاغو، وهي معقلٌ لأكثر الأميركيين من أصلٍ فلسطيني، من جهة، كما أنها إحدى الولايات المتأرجحة من جهة أخرى. وبناءً على ذلك، يخشى بعض قادة الحزب من: "تبعات التظاهرات الضخمة المؤيدة للفلسطينيين المتوقعة في شوارع المدينة" خلال المؤتمر العام.

الفعاليات الاحتجاجية التي ستنظّم على هامش مؤتمر الحزب الديمقراطي تأييدًا لفلسطين تُذكّر بالاحتجاجات ضد حرب فيتنام التي رافقت مؤتمر الحزب في شيكاغو عام 1968 

ونحاول في هذا التقرير تسليط الضوء على أهم الأسئلة والقضايا التي تثار حول المؤتمر العام للديمقراطيين هذا العام.

مهام المؤتمر

يُعنى المؤتمر بصياغة الأجندة الانتخابية لعام 2024، وعلى رأسها "تحديد البطاقة الانتخابية"، وقد تمّ حسمها بتسمية الرئيس ونائب الرئيس، وبالتالي سينصب التركيز على تقديم برنامج سياسي واقتصادي للمرشح، وإبراز مستوى الوحدة والانسجام داخل الحزب في جوٍّ من "الاحتفالية" تتماشى والعرض التلفزيوني. ويعتقد محللون أنّ هذه النزعة أفقدت المؤتمرات الحزبية مضمونها السياسي المتعمق الذي يخوض بعقلانية في أهم القضايا، لصالح الكليشيهات الاستعراضية، وهذه تنطبق أكثر على أسلوب المرشح الجمهوري دونالد ترامب وحملته.

وأمام مؤتمر الديمقراطيين حاليًا مهمتين رئيسيتين بعد التوافق على المرشح للسباق الرئاسي ونائبه، الأولى هي "الموافقة على برنامجٍ يحدد مواقف الحزب بشأن القضايا الداخلية والخارجية"، والثانية: "بعث الحماس اللازم لحشد وتعبئة ما يضمن الفوز في الانتخابات وتوفير فرصةٍ لشخصيات واعدة بين كوادر الحزب للظهور على المستوى القومي".

ومن المتوقع أن تنتهز هاريس ونائبها والز تصويت المندوبين وإجماع الديمقراطيين عليهما في التركيز خلال المؤتمر على توجيه هجومٍ مركّز على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، من خلال: "إبراز مخاطر إعادة انتخابه، ومهاجمة سياساته وبرامج الحزب الجمهوري".

برنامج هاريس الانتخابي:

لم تجد كامالا هاريس وقتًا كافيًا لصياغة برنامجٍ انتخابي واضح، نظرًا إلى إنها دخلت السباق الرئاسي في 21 تموز/يوليو الماضي بعد تنحي بايدن. ومع ذلك، عكست تصريحاتها ووعودها طيلة الفترة المنصرمة ملامح برنامجٍ انتخابي ستكتمل صياغته في غضون اليومين المقبلين.

على الصعيد الاقتصادي، وعدت هاريس في إطار معالجة ارتفاع الأسعار والسكن والرعاية الصحية: "بالعمل على تخفيض أسعار تلك السلع الأساسية والخدمات، كما تعهدت بعدم رفع الضرائب على الأشخاص الذين يكسبون أقل من 400 ألف دولار في السنة".

وفيما يتعلق بالحق في الإجهاض الذي ألغته المحكمة العليا على المستوى الفيدرالي منتصف عام 2022، أعلنت هاريس أنها ستوقع بعد أن تُصبح رئيسةً مشروع قانون يقنن هذا الحق. ومن المعروف أن هاريس تصدرت، في ظل إدارة بايدن، جهود استعادة الحماية لحقوق الإجهاض، وحثت الكونغرس على تمرير تشريعٍ لتقنين هذه الحق.

وبالنسبة لملف الرعاية الصحية،دعمت هاريس: "جهود إدارة بايدن للتفاوض على أسعارٍ أقل للأدوية الموصوفة لكبار السن في برنامج (ميديكير)"، وتعهدت خلال الحملة بتسريع تلك المحادثات مع شركات الأدوية، كما وعدت بالعمل على زيادة أعداد المشمولين ببرامج التأمين الصحي.

وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية، الذي فشلت هاريس في إدارته أثناء عملها نائبةً للرئيس بايدن، أعلنت هاريس عن دعمها لإصلاحٍ شامل لبرنامج الهجرة، يتضمن: "مسارًا يمنح المهاجر وسائل للحصول على الجنسية الأميركية"، دون تحديد التفاصيل.

ولأنّ هذا الملف من الأمور التي تجر الكثير من المتاعب لهاريس، فقد قالت حملتها إنّ هاريس حال انتخابها: "ستوظف الآلاف من ضباط حرس الحدود، واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لدعم أمن الحدود وزيادة التمويل لوقف الاتجار بالبشر".

أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فلا تحمل هاريس جديدًا خارج توجهات بايدن، فهي تتبنى ذات المواقف فيما يخص حلف "الناتو" والأمن الأوروبي وتهديدات الصعود الصيني، والتعامل بحزمٍ مع سلوك روسيا "العدواني" الذي يهدد استقرار أوروبا.

تبعات الحرب على غزة

تلقي الحرب على غزة بظلالٍ قاتمة على مؤتمر الديمقراطيين، في ظل تعهد الجماعات المؤيدة للفلسطينيين بتنظيم مظاهرات حاشدة خارج مقر المؤتمر الرئيسي. ويتوقع مراقبون أن تتسبب المظاهرات في إثارة صدامات وربما أعمال عنف قد تغطي على أعمال المؤتمر. ويدفع مثل هذا السيناريو إلى تزايد القلق لدى قادة الحزب الديمقراطي الذين ما تزال أحداث مؤتمر شيكاغو آب/أغسطس 1968 عالقةً في أذهانهم، فقد كانت نتائج ذلك المؤتمر كارثيةً بفعل قمع الشرطة للمتظاهرين المحتجين على حرب فيتنام، ما تسبب في خسارة مرشحهم للرئاسة حينها هيوبرت همفري أمام ريتشارد نيكسون.

ويعدّ فشل مفاوضات وقف إطلاق النار عنصرًا يضاف إلى غضب المحتجين على سياسات بايدن وإدارته الداعمة للعدوان الإسرائيلي على غزة. وتدعو بعض فعاليات الحركة الاحتجاجية ضد الحرب إلى عدم التصويت لهاريس لمشاركتها ودورها في اتخاذ قرارات البيت الأبيض الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.