تتوالى على مسامعنا في العالم العربي مصطلحات تبدأ بالأزمة الاقتصادية ولا تنتهي عند انهيار العملة والتضخم، حتى بات لزامًا عليه أن يبدأ صباحه كل يوم بالاطمئنان على سعر العملة وأسعار الذهب، لعله يرى لمحة مما سيواجه ذاك اليوم.
شهد العالم العربي شدًا وجذبًا سياسيين خلال العقد الماضي، نتج عنهما تدهور في الأوضاع الاقتصادية، وتعمق في مستويات الفساد مع تحولات نحو الأمننة العميقة والاستثمار فيها. وقد ضاعف في ذلك نشوء أزمات عالمية كان من أبرزها جائحة كورونا ثم الأزمة الأوكرانية المستمرة حتى اليوم، وكل ذلك ألقى بثقله على الأوضاع الاقتصادية ومعايش الناس الصعبة أصلًا. وقد كان من أبرز تجليات تردي السياسات الاقتصادية في العالم العربي، الانهيارات المتتالية لعملات دول عديدة في المنطقة، مثل عملات كل من لبنان وسوريا ومصر والسودان والعراق والجزائر واليمن، بالإضافة إلى الجارة تركيا. فما الذي نعنيه بانهيار العملات وانخفاض قيمتها وكيف يحدث ذلك؟ وما الذي يعنيه انهيار العملة في بلدك؟ وكيف يمكن فهم استقرار العملة في بلد غير غني بالموارد ويعاني من إشكالات اقتصادية جوهرية مثل الأردن؟
كل ذلك سنجيب عنه ضمن هذه المادة من سلسلة "باختصار"، على التراصوت.
ما هو انهيار العملات؟
يمكن تعريف انهيار العملات أو انخفاض قيمتها بأنه التدني الذي يطرأ على سعر عملة ما مقابل العملات الأجنبية، فلا يعود من الممكن استخدام القدر ذاته منها لشراء البضائع، وهكذا تصبح العملة مع زيادة تدهورها غير ذات فائدة ترجى في المعاملات اليومية، لأنه لا يعود من الممكن استخدامها لشراء السلع.
ويقدر معدل انخفاض قيمة العملة بالاستناد إلى حجم الصادرات والواردات في دولة ما، فزيادة الطلب على السلع الأجنبية يعني المزيد من الواردات، وهو ما بدوره يعني زيادة استثمارات العملة الأجنبية وانخفاض قيمة العملة المحلية.
أما أسباب انخفاض قيمة عملة ما فتتداخل فيها عوامل عديدة من أهمها الاستقرار السياسي وتذبذب قيم الصادرات والواردات وتدني حجم العملات الأجنبية الواردة إلى البلاد بالمقارنة مع الصادرة، بالإضافة إلى عوامل متصلة بالاقتصاد الكلي.
يمكن تعريف انهيار العملات أو انخفاض قيمتها بأنه التدني الذي يطرأ على سعر عملة ما مقابل العملات الأجنبية، فلا يعود من الممكن استخدام القدر ذاته منها لشراء البضائع، وهكذا تصبح العملة مع زيادة تدهورها غير ذات فائدة ترجى في المعاملات اليومية، لأنه لا يعود من الممكن استخدامها لشراء السلع.
تدهور قيمة العملة عادة ما يأتي مترافقًا مع مجموعة من المشاكل الاقتصادية الأخرى، ليطلق على هذه الحالة اسم "أزمة العملة". وعادة ما تنتج أزمة العملة عندما تتسبب توقعات المستثمرين بتغيرات كبيرة في قيمة العملة، ويرافق ذلك تضخم وارتفاع في الأسعار وزيادة في البطالة وزيادة في الاعتماد على الديون، ويمكننا القول بأن انهيار العملة ليس إلا عَرَضًا من أعراض وجود مشاكل اقتصادية أكبر.
فقيمة العملات لا تنخفض فجأة، بل إن هنالك مؤشرات ومشاكل عادة ما يكون انخفاض قيمة العملة هو النتيجة المنطقية لاستمرارها، ومن ذلك انخفاض القوة الشرائية بسبب التضخم وارتفاع معدلات البطالة والتذبذبات الكبيرة قي سوق الأسهم وفشل نظام المصارف وضعف السياسات المالية.
ما الذي ينتج عن أزمة العملات وانهيار العملة؟
يمكن تلخيص أزمة العملات بأنها تدهور بالاقتصاد وازدياد في التضخم، الأمر الذي يخلق حالة من انعدام اليقين لدى الناس حيال إدارة الدولة وقطاع المصارف، كما تنتج عن ذلك تذبذبات عديدة في سوق تداول العملات.
وعادة ما تأتي أزمة العملات في سياق حدوث عجز في ميزان المدفوعات، أي أن يفوق حجم واردات الدولة صادراتها، وهو ما يؤدي فيما يشبه تأثير الدومينو إلى تصفية ميزان المدفوعات، ومن ثم أزمة مالية تضعف وتيرة النمو الاقتصادي وهو ما ينتج عنه تصفية للاستثمارات الأجنبية وهبوط في سوق الأسهم.
وفي مثل هذه الحالات، تجري العادة على أن تتدخل الدولة من خلال بنكها المركزي، إذ يزيد من طباعة العملة ويرفع معدلات الفائدة ويبيع جزءًا من مدخراته الأجنبية، في حين تتخذ الحكومات إجراءات أخرى تضمن استقرار العملة وتقلل التضخم، من خلال زيادة فرص العمل واتباع سياسات نقدية جاذبة للاستثمارات والحفاظ على علاقات تجارية دائمة مع دول أخرى تضمن استمرار تبادل السلع.
أما انهيار العملة، فحيث أن العملات الصعبة تفرض نفسها على العديد من الدول حول العالم، فإن انخفاض قيمة عملة بلد ما يعني فقدانها لقيمتها في دول أخرى عديدة. كما أن ذلك يعني زيادة الاقتراض من البنك الدولي، إذ عادة ما يقدم تسهيلات للدول في مثل هذه الحالة، كما أن أدوات الاقتراض تصبح أقل كلفة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في كثير من الحالات.
أضف إلى ذلك أن المستثمرين الأجانب عادة ما يميلون إلى سحب استثماراتهم من الدول التي تشهد أزمة في العملة، في حين يغلب على المستثمرين المحليين سحب استثماراتهم من دول أخرى، الأمر الذي يخلق أزمات تطال اقتصادات دول عديدة.
أزمة الجنيه المصري
في شهر نيسان/ أبريل الماضي، جاء الجنيه المصري في المرتبة السادسة عالميًا من حيث سوء الأداء، إذ باتت قيمته تشهد انخفاضًا تلو الآخر إلى أن فقد نصف قيمته خلال أقل من عام ووصلت قيمة تداوله عند كتابة هذا التقرير إلى 30.90 جنيه مقابل الدولار الأمريكي الواحد، في حين يتوقع خبراء أن يصل إلى ما بين 45 و50 مقابل الدولار الواحد خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
الجنيه المصري كان قد عُوِّم في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016، ثم مجددًا في آذار مارس هذا العام في محاولة للتعامل مع تداعيات انهياره وأسبابها على حد سواء، إذ يهدف التعويم إلى حل مشكلة نقص الاحتياطي من العملات الصعبة وتقليص الفارق في سعر الدولار بين البنك المركزي والسوق السوداء. لكن لم يؤثر تعويم الجنيه في أي من المرتين على سعر الجنيه الذي واصل تدهوره، ومع ذلك يجري الحديث حاليًا عن تعويم ثالث متوقع رغم ما ينطوي عليه التعويم من رفع كبير لأسعار السلع كلها، المحلية والمستوردة.
ولحل الأزمة التي يواجهها الاقتصاد المصري، يحاول النظام توفير الاحتياطي المطلوب لا من خلال الطرق المتبعة في العادة، مثل تنشيط السياحة وزيادة الصادرات عن الواردات، بل من خلال الودائع والقروض من دول عديدة مثل السعودية والصين والإمارات أو من صندوق النقد الدولي.
ولعل ما يتبادر إلى الذهن التساؤل عن انعدام أثر الاستقرار السياسي في مصر على تحسن الأوضاع الاقتصادية. في هذا السياق يقول المحلل الاقتصادي، حسام عايش، لألترا صوت إن "الاستقرار السياسي في مصر استقرار محكوم لا تعبر عنه حالة من الحراك، وهذا يعد واحدًا من الأسباب التي تدفع باتجاه تدهور الاقتصاد إذ إن هنالك دائمًا مخاوف من وقوع اضطرابات أو انقلاب أو ما إلى ذلك."
يضيف عايش أن عائدات مصر من قناة السويس تتأثر بالاقتصاد العالمي، "فعندما تحدث اضطرابات في العالم، إن كانت جائحة أو أزمات في أوكرانيا أو غيرها، تتراجع هذه العائدات، وأي مشكلة في الإقليم تؤثر على العائدات السياحية لمصر، كما أن مصادر العملات الأجنبية قليلة بالنسبة لمصر."
وقد برزت في مصر مؤخرًا عدد من المشاريع الضخمة، كان أهمها العاصمة الإدارية الجديدة بالإضافة إلى جسور وشوارع كبيرة. يؤكد عايش أن تمويل إنشاء هذه المشاريع كان باستخدام العملة الصعبة القليلة أصلًا في البلاد، أو من خلال الاستدانة من بعض الدول، ولكنها في الوقت ذاته لم تخلق إيرادات تغطي تكلفة إنشائها، الأمر الذي تسبب بنزيف الاحتياطي من العملات الأجنبية.
بالإضافة إلى كل ذلك، فقد تأثرت مصر بالأزمة الأوكرانية تأثرًا مباشرًا، إذ تعد من أبرز الدول المستوردة للقمح الأوكراني، وقد تسببت الحرب بارتفاع أسعار الحبوب التي تعد سلعًا أساسية، ومن ثم المزيد من النزيف في احتياطي العملات الأجنبية وانخفاض سعر الجنيه المصري. وما يزيد الطن بلة أن أكثر من ثلثي الاقتصاد المصري يديره الجيش، وهو ما قلص من دور القطاع الخاص في البلاد ودفع بالاستثمارات الأجنبية للخروج، كما دفع مستثمرين مصريين كبار أيضًا إلى الخروج باستثماراتهم إلى دول أخرى أكثر استقرارًا وترحيبًا وذات بيئة استثمارية أكثر جذبًا.
ما الذي يجري مع الليرة اللبنانية؟
رشحت مؤخرًا أنباء عما قد يمثل توافقًا بين الأطراف السياسية في لبنان لاختيار جهاد أزعور، مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، لتولي منصب رئاسة لبنان في الفترة المقبلة، على أمل أن يكون خير من يتولى هذا المنصب في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
لكن عايش يؤكد أن الآمال المعقودة على أزعور متوَهَّمة، وأن توليه المنصب لن ينقذ لبنان مما هو فيه، إذ "كان هنالك رئيس منتخب وقد وقعت الأزمة الاقتصادية أساسًا أثناء وجوده ووجود حكومة ومؤسسات عاملة"، كما يقول عايش. ويضيف أن "الإِشكالية في لبنان مركبة وهي تتصل بدور لبنان في المنطقة وعلاقته الخارجية ودور حزب الله في دول المنطقة والعلاقة مع سوريا ومع إيران، بالإضافة إلى المشاريع السياسية للأطراف اللبنانية والدور الإسرائيلي في لبنان"، فكيف وصلت لبنان إلى ما وصلت إليه؟
تراجعت الليرة اللبنانية طوال السنوات الماضية تراجعًا تدريجيًا وحادًا إلى أن وصلت، بعد أن كانت مستقرة عند 1,507، لمستوى قياسي بلغ 15003.93 للدولار الواحد، في الوقت الذي تغرق فيه البلاد بتضخم رفع أسعار السلع الغذائية بحوالي 350%، ليصبح حوالي 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر.
تبدأ قصة انهيار الليرة اللبنانية عام 2019، إلا أن جذور الأزمة تعود إلى ما قبل ذلك بكثير، وبالتحديد إلى فترة ما بعد الحرب الأهلية، إذ دخل الاقتصاد في حالة اعتماد على قطاع الخدمات وبلغت مساهمة كل من التجارة والسياحة والخدمات المالية في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 60%، كما ساهم ارتفاع أسعار الفائدة التي حددها بنك لبنان المركزي، في تحقيق أرباح كبيرة كانت تعوض ضُعف الإنتاج المحلي وارتفاع حجم الواردات الأجنبية.
ومع توسع قطاع الخدمات وزيادة نفوذ قطاع المصارف، أصبح اقتصاد لبنان معتمدًا بشكل كبير على الدولار الأمريكي لدرجة أنه شاع استخدامه إلى جانب الليرة بين اللبنانيين.
ولكن مع انطلاق ثورات الربيع العربي وبدء النظام السوري حربه ضد الثورة السورية والتي استمرت طوال سنوات، بدأ المستثمرون بسحب أموالهم من مصارف لبنان التي كانت على التماس مع الجارة السورية، وتضرر قطاعا السياحة والخدمات إلى حد كبير، خاصة مع تدخل أطراف لبنانية، على رأسهم حزب الله، في الحرب في سوريا، وهكذا بدأت البلاد تفقد رصيدها من العملات الأجنبية.
مع مرور السنوات واستمرار الأوضاع على ما هي، بدأت المصارف اللبنانية بمنع سحب الودائع بالدولار بسبب نفاد مخزونها منه، واتهمت بالفساد في معاملاتها وبنهب أموال المودعين، وهكذا بدأت رحلة تدهور قيمة الليرة اللبنانية ودخلت البلاد في أزمة ديون أكبر. من ناحيتها حاولت الحكومة اللبنانية تحويل ديونها العامة من الليرة إلى سندات أوروبية ثم منها إلى عملات أجنبية، ولكن لم يكن ذلك إلا حلًا مؤقتًا، إذ غرقت البلاد بعد ذلك في مزيد من الديون.
في عام 2019 أعلن مصرف لبنان المركزي إغلاقه مدة أسبوعين بسبب نفاد كافة احتياطاته من العملات الأجنبية، ثم توالت سلسلة الانهيارات وتعمقت أزمة الدولار اللبناني مع تخلف لبنان عن سداد 1.2 مليار دولار من ديونه بالسندات الأوروبية في آذار مارس 2020، ثم مع بلوغ الدين العام 170% من الناتج المحلي الإجمالي، أعلن رئيس الوزراء، حسان دياب، أن بلاده لن تسدد ديون السندات الأوروبية.
وبالتأكيد، إن عدم وجود عملات أجنبية يعني عدم القدرة على شراء السلع التي تحتاجها البلاد التي تعتمد منذ سنوات على الواردات الأجنبية لتأمين سلعها، بما فيها الأساسية من قمح ووقود، وهو ما نتج عنه تقليص في ساعات وصول التيار الكهربائي للمنازل وارتفاع كبير في أسعار الخبز وتقنين لبيعه، ومن ثم فقد أغلقت مئات المصانع والمنشآت المحلية أبوابها وفقد أكثر من 25,000 شخص وظائفهم.
يقول عايش إن لبنان لن يخرج من أزمته "ما دامت هناك ادعاءات، حقيقية أم غير ذلك، بوجود إيران في لبنان وأن حزب الله يمثل وكيلها في المنطقة."
هل تخرج الليرة التركية من أزمتها؟
الليرة التركية هي الأخرى تعاني من انخفاض قيمتها كل فترة، الأمر الذي يثير التساؤلات عن أسباب هذا الانخفاض رغم الاستقرار السياسي النسبي في البلاد، والذي يقوم على تداول السلطات عبر صناديق الاقتراع، كما أن تركيا تتمتع بقوانين جاذبة للاستثمارات الأجنبية، فما هو سبب أزمة الليرة التركية؟
يقول عايش إن "المعجزة الاقتصادية التركية قامت على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تركيا، وهو ما قاد إلى مرحلة ازدهار اقتصادي بدأت عام 2002 واستمرت حتى عام 2014 تقريبًا"، ولكن مع فشل تركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، وفقًا لعايش، وأيضًا مع انطلاق الثورات المضادة التي قضت على التصورات التي كانت لدى الغرب عن إمكانية نشوء أنظمة اقتصادية في دول الثورات العربية مشابهة للنموذج التركي، فقد بدأت الاستثمارات الغربية بالخروج من تركيا وبدأ الاقتصاد التركي ينكشف ويقل احتياطي البلاد من العملات الأجنبية نتيجة لذلك، وهو ما أدى إلى انخفاض قيمة الليرة التركية، خاصة وأن حجم الواردات التركية أكبر من صادراتها، وأن تركيا تنفق من العملات الأجنبية أكثر مما تكسب، ليصل العجز في الميزان التجاري إلى أكثر من 48 مليار دولار.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن "إجمالي ديون البلاد يقارب 500 مليار دولار، معظمها بالعملات الأجنبية، الأمر الذي يؤثر على الاحتياطي التركي منها ويؤدي إلى انخفاض مستمر في قيمة الليرة، ويضاف إلى ذلك تأثير ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع والطاقة "، وفقًا لعايش.
من جهة أخرى، يوجه مراقبون انتقادات للتدخلات السياسية المباشرة بالسياسات النقدية للبلاد، ولاسيما الضغوط التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي يثير القلق لدى المستثمرين الأجانب والأتراك ويدفعهم لسحب استثماراتهم.
ويشار أيضًا إلى أن الرئيس التركي كان يتبع سياسة ترفض رفع أسعار الفائدة على خلاف ما يجري عادة، إذ عادة ما ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة عند تسارع النمو الاقتصادي، ويكون ذلك بهدف الحفاظ على ثبات وتيرة النمو الاقتصادي. لكن ما حدث في تركيا كان عكس ذلك، فأبقى البنك المركزي التركي أسعار الفائدة منخفضة، الأمر الذي أدى إلى خروج الاقتصاد عن السيطرة.
لكن وبعد الانتخابات التركية الأخيرة، واصلت الليرة التركية تراجعها في الوقت الذي يتوقع فيه كثيرون أن تقود محافظة البنك المركزي الجديدة، حفيظة أركان، تحولًا في السياسات النقدية المتبعة في البلاد تحت إشراف وزير المالية الجديد، محمد شيمشك، ذي التوجه الليبرالي المخالف لما درج عليه أردوغان.
يشار إلى أن قيمة الليرة التركية انخفضت بما يزيد عن الضعف في عام واحد، وظلت في انخفاض مستمر حتى أصبحت تقدر حاليًا بـ 23.43 مقابل الدولار الواحد، في حين تقدر نسبة التضخم بحوالي 39.6%.
الدينار الأردني.. ثبات يخفي الكثير
وفي ظل كل التجاذبات التي تشهدها المنطقة ورغم وقوع الأردن في بقعة جغرافية تحيط بها التوترات والحروب من كل صوب، يلاحظ أن عملته مستقرة، وهو ما يضمن عدم دخول البلاد في أزمة اقتصادية كبرى مكشوفة.
يأتي استقرار الدينار الأردني مع وجود معظم الأسباب التي عادة ما تتمثل نتيجتها الطبيعة في انهيار العملة، إذ قدر إجمالي الدين العام للأردن مطلع العام الجاري بأكثر من 39 مليار دينار أردني، أي ما نسبته 106.81% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفع عجز الميزان التجاري مطلع هذا العام بنسبة 36.4%.
لكن هذا الاستقرار في العملة يأتي مع وجود معظم الأسباب التي عادة ما تتمثل نتيجتها الطبيعة في انهيار العملة، إذ قدر إجمالي الدين العام للأردن مطلع العام الجاري بأكثر من 39 مليار دينار أردني، أي ما نسبته 106.81% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفع عجز الميزان التجاري مطلع هذا العام بنسبة 36.4%، وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة.
يقول عايش إن الأردن اتخذ قرارًا اقتصاديًا سياسيًا بربط سعر صرف الدينار بالدولار الأمريكي، "والكلفة الهائلة لجميع برامج التصحيح الاقتصادي منذ عام 1989 إلى الآن تمثلت في ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي أو ثباتها وازدياد معدلات الفقر وانخفاض معدلات الدخل."
ويضيف عايش أن من الكلف التي يتكبدها الأردن في سبيل ربط عملته بالدولار، رفع أسعار الفائدة مرات عديدة تماشيًا مع رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي، وقرار الربط، رغم أنه قرار صائب، على حد قول عايش، إلا أنه لا ينفي أن قيمة الدينار ترتفع وتنخفض بالنسبة للعملات الأخرى، وثباته قائم فقط بالنسبة للدولار الأمريكي.
كما يشير عايش إلى أن كلًا من المساعدات الأمريكية للأردن، التي تعتمد الميزانية عليها بشكل أساسي والتي قدرت هذا العام بـ 1.45 مليار دولار، وتساهل صندوق النقد الدولي حيال السياسات النقدية التي يتبعها الأردن، كل ذلك يشكل طوق أمان يتيح الفرصة أمام الأردن للحصول على المزيد من القروض والمساعدات وعدم الانزلاق باتجاه أزمة مالية.
لكن عايش يحذر من التعامل مع هذه التسهيلات والحماية المقدمة للأردن، على أنها دائمة أو أمر مفروغ منه، "بل على المسؤولين التعامل مع المشاكل الاقتصادية وخاصة الفساد.. ومحاولة الاعتماد على أنفسنا حتى لا نجد أنفسنا في ورطة إن تراجعت المنح والمساعدات فجأة، أو إن توقفت لأي سبب سياسي قد نضطر إلى اتخاذه."