بالأمس، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، المشرفة على انتخابات الرئاسة المصرية لعام 2018، فوز عبدالفتاح السيسي بفترة رئاسية ثانية تمتد لأربع سنوات حتى 2022.
مثلت الأصوات الباطلة في الرئاسيات المصرية الأخيرة، نسبةً تجاوزت 7%، ما يجعلها الأكثر منها في أي انتخابات سابقة شهدتها البلاد
وبحسب الهيئة، حصد السيسي 21 مليون و835 ألف و387 صوتًا، بنسبة 97.08% من إجمالي الأصوات الصحيحة، متفوقًا بفارق ضخم على المرشح المغمور موسى مصطفى موسى الذي حصل فقط علي 656 ألف و534 صوتًا، بنسبة 2.92% من الأصوات الصحيحة، فيما وصلت عدد الأصوات الباطلة مليون و762 ألف و231 صوتًا، أي أنه من مجمل الأصوات المشاركة في الانتخابات، جاءت "الأصوات الباطلة" في المركز الثاني، وموسى مصطفى في المركز الثالث.
اقرأ/ي أيضًا: "احتيال وفبركة".. ماذا قالت الصحف الأجنبية عن الانتخابات المصرية؟
وبحسب الهيئة الوطنية للانتخابات أيضًا، فقد بلغ عدد المصوتين 24 مليون و254 ألف و152 مواطنًا، في الداخل والخارج.
وانتبهت الدولة إلى الفائض في الأصوات الباطلة، ما دفعها إلى ترويج النسب دون احتساب الأصوات الباطلة التي تمثل نسبةً تتجاوز 7% من إجمالي الأصوات، وهي الأكثر منها في أي انتخابات أو استفتاءات أخرى شهدتها البلاد!
وفور إعلان نتيجة الانتخابات المصرية دشن النشطاء المصريون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#كدابين" (كذّابون)، ليتصدر في أقل من ساعة المركز الأول في تويتر بمصر، وصولًا للمركز الخامس عالميًا. وعليه نشر المدونون والمغردون صورًا ساخرة من الانتخابات ونتائجها التي كانت بطلتها "الأصوات الباطلة".
من 2014 إلى 2022
إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات يعني استمرار السيسي في منصب رئيس الجمهورية لأربع سنوات أخرى تنتهي في 2022، ولا يمكنه، بحسب الدستور، الترشح بعدها مرة اُخرى، إلا إذا جرى تعديل الدستور، وهو الأمر الذي يثير حالة من الجدل بشكل مستمر على مدار العامين الأخيرين، فالبعض يطالب البرلمان بتعديل الدستور بما يسمح بزيادة عدد مرات الترشح، أو إلغاء شرط المدتين، أو تمديد سنوات الرئاسة لست سنوات بدلًا من أربعة فقط، فيما يطالب البعض الرئيس باحترام الدستور والخروج من القصر الجمهوري بعد انتهاء فترة رئاسته.
في حين جرت الانتخابات السابقة أمام المرشح حمدين صباحي، وحصل فيها صباحي على 757 ألفًا و511 صوتًا، أي بنسبة بلغت 3.1%، فيما جاءت الأصوات الباطلة نحو مليون و40 ألفا و608 صوتًا، وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات 2014 نحو 25 مليونًا و578 ألفًا و223 ناخبًا. جاءت انتخابات 2018، و هي الثانية التي يُعلن فوز السيسي بها، على العكس من الانتخابات الأولى لعام 2014، والتي كان سيناريو عملية التصويت فيها أقرب لأن يصدق في ظل حالة استقطاب حادة في المجتمع، كرست لها الدولة على مدار نحو عام، جاءت انتخابات 2018 في أجواء مشحونة، ازدادت فيها الضغوطات الحقوقية والاجتماعية، وزادت انتهاكات الدولة خلال الفترة السابقة للانتخابات بشكل غير مسبوق، وطالت الجميع وعلى رأسهم المرشحين المحتملين، ما دفع السيسي في النهاية إلى الاستعانة بموسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، والذي تقدم للترشح قبل غلق باب الترشح بدقائق، بعد أن حسم السيسي الصراع وقام بإقصاء جميع منافسيه المحتملين للرئاسة، وعلى رأسهم رئيس الأركان المصري السابق سامي عنان، والعقيد أحمد قنصوة، وكذلك التضييق على كل من أحمد شفيق ومحمد أنور السادات وخالد علي، ما دفعهم للانسحاب من السباق دون استكماله.
انتخابات بلا مخالفات!
كان المشهد التمثيلي غير مقنع عندما خرج المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، وقال في كلمته بمؤتمر إعلان النتيجة: "الهيئة لم تُخطر بأية مخالفات أيام الاقتراع الثلاثة سوى تأخير بعض اللجان في فتحها عن الميعاد المقرر، ولم يتقدم أحد بطعن على أي قرار من قرارات الهيئة".
والسيسي كما استطاع إقصاء منافسيه مستخدمًا الجيش والشرطة، ذهب إلى استخدام الهيئة الوطنية للانتخابات وكذلك المجلس الأعلى للإعلام في تهديد المنظمات والإعلام، لمواجهة أي محاولة لكشف الانتهاكات التي حدثت خلال فترة التصويت.
وبدأت طرق المنع من خلال مذكرة برلمانية في كانون الثاني/يناير الماضي مدرج بها أسماء بعض المنظمات المصرية والدولية للمطالبة بمنعها من المراقبة على الانتخابات، كما رفضت الهيئة الموافقة على منح المنظمات الحقوقية والجمعيات الجادة تصاريح مراقبة للانتخابات، في مقابل السماح لجمعيات غير معروفة بالمراقبة، وقد أصدرت جميعها بالطبع بيانات إشادة، دون رصد أي انتهاكات، رغم مئات التجاوزات التي شهدتها الانتخابات وسجلتها مقاطع مصورة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أبرزها الحشد مقابل أموال ومواد تموينية، وكذلك الدعاية أمام اللجان للسيسي.
و أصدر مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، بيانًا أول أمس السبت، لرصد الانتهاكات التي حدثت خلال أيام الانتخابات الثلاثة التي بدأت يوم الإثنين الأسبوع الماضي وانتهت الأربعاء. وتحدث البيان عن شخصيات عامة ومساعديهم قدموا حوافز تموينية ومالية لجذب الناخبين على التصويت في الانتخابات الرئاسية، مشيرًا إلى أن عملية التصويت تمت تحت ضغوط الترهيب والترغيب.
ورصد تقرير المركز الذي جاء تحت عنوان "ليلة عرس الديمقراطية أم مأساتها؟" سيارات تجميع المواطنين للإدلاء بأصواتهم بصورة جماعية، مع تقديم وعود لبعض الناخبين في القرى، بتوصيل بعض خدمات البنية التحتية.
وسخر البيان من شعار "مصر تنتخب" الذي قال إنه تحول إلى "مصر تنتحب"، لكون الانتخابات أقرب للاستفتاء. وأكد المركز في البيان على اعتماده فقط على الجهود الذاتية لمتابعة الانتخابات الرئاسية في ثمان محافظات، بسبب رفض الهيئة الوطنية للانتخابات منح مراقبية تصاريح.
شهدت الانتخابات المصرية الأخيرة جملة من المخالفات والانتهاكات التي تغاضت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات!
وكان للمجلس الأعلى للإعلام دور في مساند للهيئة في التضييق على وسائل الإعلام من خلال إصدار بيانات تبعتها عقوبات ضد صحيفة المصري اليوم لأنها كتبت عنوانًا يبدو أنه لم يُرضي النظام.
اقرأ/ي أيضًا: مختصر "الهَبد" و"التهجيص" في انتخابات مصر
وفي منتصف شباط/فبراير الماضي نددت نحو 14 منظمة مصرية ودولية حقوقية، بالمناخ السياسي السائد في مصر، معتبرة أن الانتخابات الرئاسية لن تكون "حرة أو نزيهة". البيان الذي وقعت عليه المنظمات وأبرزها هيومن رايتس ووتش، ومراسلون بلا حدود، تحدث عن انتهاكات الحكومة المصرية، ووصفها بأنها "داست على أبسط متطلبات الانتخابات الحرة والنزيهة".
وأشار البيان إلي أن عبد الفتاح السيسي دأب على خنق الحريات الأساسية، واعتقل مرشحين محتملين وأوقف مناصرين لهم. كما طالب البيان الدول المانحة لمصر بوقف كافة المساعدات الأمنية التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي، وتركيز المساعدات على ضمان التحسن الملموس في تدابير حماية حقوق الإنسان الأساسية".
#كدابين يفضح لجان السيسي الإلكترونية
أمام تلك الانتهاكات المتكررة والتشكيك في صحة الأرقام التي أُعلنت عن الانتخابات، دشن النشطاء المعارضين للسيسي هاشتاغ "#كدابين"، الذي تميزت التعليقات عليه بالسخرية من العملية الانتخابية برمتها. وخلال ساعة من تدشينه تصدر المركز الأول في مصر، والخامس عالميًا، بينما حاول المؤيدون للسيسي، أو ما باتت تعرف بـ"اللجان الإلكترونية"، تدشين هاشتاغ مقابل هو "#محروقين"، لكنه لم يصمد كثيرًا.
وكتب حازم عبدالعظيم العضو السابق في حملة السيسي لعام 2014 والمعارض الحالي: "كتائب السيسي الإلكترونية عن بكرة أبيها في حالة استنفار قصوى، حاولوا بهاشتاغ "#مصر_بتفرح" ففشل، وحاولوا بـ#محروقين ففشل. #كدابين متصدر باكتساح، الرسالة: ماحدش يقدر يكتم الصوت الحر التلقائي مهما اشتريتوا ناس ووظفتم عبيد. وتويتر مش انتخابات السيسي المزيفة".
وكتب الناشط السياسي وائل خليل، مُشككًا في صحة الأرقام الصادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات، بالمقارنة بينها وبين انتخابات 2012، التي توصف بأنها الأولى والأخيرة حتى الآن في مصر، من حيث النزاهة والديمقراطية.
وغردت الناشطة السياسية والمعتقلة السابقة ماهينور المصري: "نزلتوا الضباط تلم الشباب من الشوارع والقهاوي وعملتوا ترهيب للموظفين إنهم ينزلوا ينتخبوا بالعافية، وبعد كل ده 97% بس. على أيامنا كان زمانه دخل تحسين علشان يلحق طب. انتخاباتك كدابة زيك يا بلحة. نتايجك جاية بالترهيب والتخويف والكدب زيك بالضبط".
الوزير المصري الأسبق خلال رئاسة محمد مرسي، محمد محسوب، شارك متفاعلًا على الهاشتاغ بتغريدة قال فيها: "الأرقام المزيفة لا تمنح شرعية ولا تعني قبول الشعب، بطلان مؤكد للانتخابات يجعل وجود سلطة غير شرعية خطرًا على البلاد، فابتزاز العالم لها سيتضاعف، وتنازلاتها وتفريطها سيتسارع".
اقرأ/ي أيضًا:
"وهم الرئيس".. فيلم السيسي الممل لإقناع المصريين بشبه الانتخابات
حقوق الإنسان في مصر.. بين أوهام وزارة الخارجية ولمحة المفوض السامي عن الواقع