تعديلات دستورية أطاحت بمن سبقوه قبل الاستفادة منها، ورئاسة الاتحاد الأفريقي، المنصب الذي شغله أبرز الديكتاتوريين في القارة السمراء قبل خروج بعضهم من السلطة بعام أو اثنين، في حوادث بعضها تاريخي.
يدور الحديث حول الفأل السيئ الذي قد يصيب السيسي بسبب التعديلات الدستورية التي كانت نذير شؤم لمن سبقه مثل السادات ومبارك
فأل سيئ يلوح في الأفق ويقترب من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ بداية عام 2019؛ هكذا يعتقد بعض المصريين، وتدور بعض الأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي، في سياق بعضه ساخر، وبعضه قد يبدو جاد، وتعليقات أخرى تحمل الأمنيات!
اقرأ/ي أيضًا: مقترح تعديل الدستور.. كل شيء للسيسي!
الفأل ورمزيته والحديث عنه جزء من الثقافة الشعبية لدى المصريين، وإن كانت خافتة بعض الشيء في الأوساط المثقفة، لكنها أمور كما يتضح تشكل جزءًا كبيرًا من وجدان وطموح الرئيس المصري نفسه، فالسيسي معروف عنه تصديق الرموز التأويلية الغيبية والمنامات والأحلام، واعترف بذلك من قبل في حوار مسرب مع الصحفي ياسر رزق، وحكى عن بعض الأحلام التي يرى أنها كانت نبوءة لوصوله إلى كرسي الحكم في مصر.
الحديث حول الفأل السيئ للسيسي بدأ مع دوران عجلة التعديلات الدستورية التي يناقشها البرلمان المصري منذ عدة أيام، وتتركز التعديلات على زيادة فترة حكم السيسي شخصيًا للبلاد، إلى 2034، بدلًا من 2022. وتقارب تلك التعديلات ما سبق وقام به الرئيس الأسبق أنور السادات واغتيل قبل الاستفادة من المواد المعدلة، وهو ما حدث أيضًا مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي تنحى قبل توريث الحكم لنجله بعد التعديلات الدستورية في 2005، التي كانت تهدف لتمهيد الطريق لجمال مبارك.
ويتداخل الحديث حول لعنة التعديلات الدستورية المصرية، مع تولي الرئيس المصري رئاسة الاتحاد الأفريقي، وهو المنصب الذي تولاه بعض الرؤساء في أفريقيا قبل الإطاحة بهم من الحكم في بلادهم عن طريق الثورة أو الانقلاب العسكري أو تسليم السلطة بشكل سلمي تحت الضغط، ومن أبرزهم معمر القذافي وروبرت موغابي وبينجو وا موثاريكا وجواكيم شيسانو وأوباسانجو وغيرهم .
السيسي يُصدق!
شهرة لعنة التعديلات الدستورية المصرية تأتي بعد مقتل وتنحي كل من الرئيسين السادات ومبارك بالترتيب، دون الاستفادة من تعديلات أدخلت على دستور 1976، متعلقة بمدة الرئاسة وكيفية اختيار الرئيس بالاستفتاء، أجراها السادات عام 1980، بحيث مدد الفترات الرئاسية من فترتين إلى فترات متكررة، واستبدل الانتخاب المباشر بالاستفتاء. غير أن السادات اغتيل في 1981 دون أن يستفيد من التعديلات التي أجراها.
وفي عام 2005، قرر حسني مبارك تعديل المادة 76 بشكل يسمح فيه بالانتخابات المتعددة، لكن بشروط تعجيزية، ما اعتبرته المعارضة تعديلًا صوريًا تهدفه تهيئة الوضع لتوريث الحكم بانتخابات صورية لنجله جمال مبارك. غير أنه لم يتمكن من الاستمرار في الحكم، وتنحى بعد ثورة 25 يناير في 2011.
المفارقة في الحديث عن الفأل والحظوظ، أن السيسي نفسه يبدو جادًا في تصديقه وإيمانه بهذه الأمور، كما سبق وأشرنا، وأنه كان مختارًا لرئاسة مصر، كما جاء في مناماته وأحلامه التي رآها، والتي منها حلم يبشره فيه السادات بحكم مصر
وتداول مستخدمو السوشيال ميديا في مصر بعض التعليقات حول لعنة التعديلات الدستورية، منهم الكاتبة المصرية مي عزام التي غردت قائلة: "لعنة التعديلات الدستورية: لا السادات استفاد بمد فترة الرئاسة بتعديل الدستور، ولا جمال مبارك استفاد من المادة 76 التفصيل على مقاسه. لكن نقول إيه محدش بيتعظ من اللي فات".
وكتب الحساب الساخر باسم سوزان مبارك: "لعنة التعديلات الدستورية: لا السادات استفاد بمد فترة الرئاسة بتعديل الدستور، ولا جيمي ابن بطني استفاد من المادة 76 التفصيل على مقاسه".
فيما غرد يحيي زكريا: "بكل الصدق أخشى على الرئيس السيسي من لعنة التعديلات الدستورية. والله على ما أقول شهيد"، بينما غرد شاهين السيد قائلًا: "أرجو ألا ننسى لعنة التعديلات الدستورية".
لعنة رئاسة الاتحاد الأفريقي
اللعنة الأخرى التي تحدث عنها البعض، تدور حول رئاسة السيسي للاتحاد الأفريقي. ومنذ تأسيس الاتحاد في 2002 خلفًا لمنظمة الوحدة الأفريقية، تولى رئاسته قبل تولي السيسي، نحو 15 رئيسًا من حكام الدول الأفريقية.
ومع استبعاد آخر رئيس ومن سبقه، إذ لم يمر عليهما عامين منذ رئاستهما للاتحاد؛ ثمة ستة رؤساء لم يستمروا في الحكم بعد توليهم رئاسة الاتحاد الأفريقي لأكثر من ثلاث سنوات على أقصى تقدير، منهم من قتل أو انقُلب عليه عسكريًا، أو سلموا السلطة بشكل سلمي على إثر احتجاجات أو ضغوط سياسية.
ومن أبرز هؤلاء معمر القذفي الذي تولى رئاسة الاتحاد من 2009 إلى 2010، وقتل في 2011. وفي حين أن أبرز التعليقات على السوشيال ميديا، جاءت بالإشارة بحالة معمر القذافي، لكنه ليس الوحيد.
وهناك كذلك ربورت موغابي، الرئيس الزيمبابوي الذي تسلم رئاسة الاتحاد الأفريقي من 2015 لـ2016، وأجبر على الاستقالة من منصبه بانقلاب عسكري في 2017، بعد نحو 30 عامًا من الحكم.
أيضًا بينجو وا موثاريكا رئيس مالاوي، الذي تولي رئاسة الاتحاد في الفترة من 2010 إلى 2011، لكنه مات بأزمة قلبية في 2012، أي بعد عام واحد أيضًا.
كذلك من ترك الحكم بشكل سلمي، وتصادف أن ذلك جاء بعد توليهم رئاسة الاتحاد الأفريقي، ومن بين هؤلاء جواكيم شيسانو رئيس موزمبيق السابق، الذي تولى رئاسة الاتحاد في 2004، ورفض بعد عام واحد في 2005 الترشح للانتخابات الرئاسية، بالرغم من السماح له بذلك دستوريًا.
وأولوسيجون أوباسانجو رئيس نيجيريا الأسبق، الذي تولى رئاسة الاتحاد من 2005 إلى 2006، وبعد عام واحد أي في 2007، انتهت مدة حكمه ولم يترشح احترامًا للدستور.
رئاسة الاتحاد الأفريقي كانت فألًا سيئًا على عدد من الحكام الأفارقة، الذين تركوا الحكم بعد رئاستهم للاتحاد بنحو عام إما بانقلابات عسكرية أو ثورات
وهناك أيضًا جون كوفور رئيس غانا الأسبق تولى رئاسة الاتحاد في الفترة من 2007 إلى 2008 وبعد عام واحد، أي في 2009 انتهت فترة حكمه للبلاد، فيما ترك يايي بوني رئيس بنين الحكم في 2016 بعد أن تولى رئاسة الاتحاد في 2013، ومني رئيس وزرائه بهزيمة من المعارضة.
اقرأ/ي أيضًا: