كشف تقرير نشرته مجلة بوليتيكو الأمريكية أن الإدارة الأميركية زودت إسرائيل بمواقع وإحداثيات المنظمات الإنسانية في غزة لتفادي قصف منشآتها، لكنها على الرغم من ذلك واصلت استهدافها.
وأضافت المجلة نقلا عن ثلاثة مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد زودت دولة الاحتلال بإحداثيات العديد من المواقع التي تعدّ مرافق طبية وإغاثية، إضافة إلى معلومات عن أنشطة العاملين في الجهود الإغاثية في القطاع، إلا أن الجيش الإسرائيلي نفذ رغم ذلك غارات عديدة ضدّ هذه المواقع ذاتها كأهداف يدّعي أن فيها وجودًا لعناصر من حماس، أو بالقرب منها، ويشمل ذلك المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس وغيرها، وهو ما ألحق دمارًا واسعًا وخسائر هائلة في الأرواح بين المدنيين، كما منع وصول الوقود والإمدادات الضرورية الأخرى إلى تلك المنشآت، بشكل أخرجها عن العمل تمامًا.
وأشارت المجلة إلى أنه ليس واضحا ما إذا كانت الولايات المتحدة أعدت قائمة بالأهداف التي ينبغي عدم قصفها أم زودت إسرائيل بتوجيه لمرة واحدة. لكن المصادر أكدت أن مسؤولين ساعدوا في الإبلاغ بإحداثيات مواقع الجماعات التي توفر الغذاء والرعاية الطبية في غزة وتعمل خارج المستشفيات والمكاتب. وقد كان من بين المواقع التي أخطرت بها الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية منشآت طبية منها مستشفى الشفاء الذي اقتحمته قوات الاحتلال الإسرائيلية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، ليتبين لاحقًا أن المستشفى يخلو من أي نشاط لعناصر المقاومة، بخلاف الرواية الإسرائيلية التي ادّعت أنّ المستشفى يمثّل مركز قيادة لكتائب القسام.
نظام الإشعار الإنساني (HNS)
بعد بضعة أيام من 7 تشرين الأول/أكتوبر، أرسلت مجموعات الإغاثة في غزة إحداثياتها إلى الأمم المتحدة – بموجب ترتيب معتمد ومعمول به سابقًا يسمى نظام الإخطار أو الإشعار الإنساني (Human Notification System) وذلك لمنع حصول أي استهداف ولو عرضي لهذه المواقع التي يعمل بها المدنيون ويتواجدون فيها. ويعد هذا النظام أحد الأنظمة المعمول بها في مناطق النزاع، للتنسيق مع الأطراف المعنيّة لتسهيل الأعمال الإغاثية وضمان عدم استهداف العاملين معها.
لكن ومنذ أن بدأت إسرائيل حربها الانتقامية ضدّ قطاع غزّة، والتي أوقعت زهاء 13,000 شهيد وشهيدة على الأقل، ومع تصاعد شدّة القصف الجوي في غزة، بحثت منظمات الإغاثة عن قنوات اتصال إضافية لمشاركة إحداثيات مواقعها والمعلومات المتعلقة بعملها، بما في ذلك الاتصال بكبار المسؤولين الأمريكيين وأعضاء الكونجرس، وذلك على أمل الضغط على واشنطن للمساعدة في حماية أنشطها والعاملين معها، بحسب ما نقلت المجلة.
رغم ذلك، فإن الهجمات استمرت على تلك المواقع وبالقرب منها، كما تواصل ما أكدت العديد من التقارير المستقلة أنه استهداف مباشر لها وللعاملين فيها. فبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن غارة جوية إسرائيلية قد أصابت منطقة خلف المستشفى الإندونيسي في غزة مما أدى إلى مقتل شخصين، بحسب ما أكدته الأمم المتحدة. وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وهي إحدى وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة العاملة في غزة، إن 176 شخصًا لجأوا إلى منشآتها قد قُتلوا خلال قصف القوات الإسرائيلية.
ومن جهتها، قالت منظمة أطباء بلا حدود الأسبوع الماضي إن موظفيها احتموا في مكاتب المنظمة ومبان سكنية تابعة لها، وعلى الرغم من تواصلهم مع أطراف إسرائيلية لتسهيل إخلائهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من المغادرة. وبحسب تصريحات صادرة عن المنظمة، فإنه ما يزال هنالك موظفون عاملون لديها عالقون مع عائلاتهم في تلك المباني، وليس لديهم ماء ولا طعام”. وأضاف البيان: “نحن نرجو ونناشد ونتوسل، من أجل السماح للمدنيين بالتحرك”.