16-أكتوبر-2024
تشهد العاصمة بيروت أزمة سير خانقة (AFP)

(AFP) تشهد العاصمة بيروت أزمة سير خانقة

مع تدفق أعداد كبيرة من النازحين إلى العاصمة اللبنانية بيروت، لم تعد البنية التحتية المتهالكة أصلًا قادرة على الاستيعاب، في ظل الظلام الذي تعيشه العاصمة ليلًا، حتى قبل الحرب، والطرق التي تحتاج إلى صيانة والخدمات العامة المفقودة.

فقد فرّ مئات الآلاف من اللبنانيين خلال الأسابيع الأخيرة من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية إلى بيروت، بسبب الغارات الإسرائيلية الكثيفة، حيث استأجروا شققًا سكنية أو نزلوا عند أقارب وفي مراكز إيواء، فيما افترش آخرون الطرق والساحات العامة.

يتحدث سائق التاكسي، جمال عضاضة، لوكالة "فرانس برس"، عن أن المدينة تحوّلت إلى "موقف سيارات كبير"، بعدما كانت تشهد أصلًا أزمة سير خانقة. ويقول الرجل الذي يعمل سائق تاكسي منذ 25 عامًا، بينما يقود سيارته في شارع الحمراء التجاري المزدحم في غرب بيروت: "خط السير هنا ينبغي أن يتسع لسيارتين، لكن السيارات ركنت يمينًا ويسارًا، وبالتالي لا يوجد إلا خط واحد، ما يسبّب الزحمة".

قبل العدوان الأخير وعمليات النزوح الكبيرة، كانت شوارع العاصمة اللبنانية مليئة بالحفر وغارقة في الظلام ليلًا بسبب انقطاع الكهرباء

ومنذ 23 أيلول/سبتمبر الماضي، كثفت إسرائيل قصفها على مناطق واسعة من لبنان لا سيما في جنوبه وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. يشرح الملازم أول، فادي بغدادي، من خلية إدارة الكوارث في محافظة بيروت أن "البنية التحتية في العاصمة باتت بحالة يرثى لها لأن عدد الناس المتواجدين فيها كبير جدًا".

ويقول: "عدد النازحين الموزعين على 169 مركز إيواء تخطى 55 ألفًا، في حين يُعتقد أن نحو 200 ألف نازح يقطنون منازل أو شقق"، ويضيف: "هؤلاء يحتاجون إلى مياه، وهناك كمية أكبر من النفايات، والحاجة إلى الصرف الصحي تزداد".

قبل العدوان الأخير وعمليات النزوح الكبيرة، كانت شوارع العاصمة اللبنانية مليئة بالحفر وغارقة في الظلام ليلًا بسبب انقطاع الكهرباء. كما تعاني من الازدحام أصلًا، لندرة وسائل النقل العامة، وهذا ما يجعل سكانها يعتمدون بشكل كبير على سياراتهم الخاصة أو سيارات الأجرة. 

وتمتلئ شوارع العاصمة الآن بمزيد من السيارات والدراجات النارية. وركنت السيارات قرب بعضها البعض على الطرق في صف ثانٍ، أو أحيانا على الأرصفة، ويقول بغدادي: "سيارات الإسعاف تواجه صعوبة أحيانًا في الوصول إلى وجهتها بسبب هذه الفوضى".

بالإضافة لذلك، تتراكم النفايات في الشوارع ببلد شهد أزمة جمع نفايات قبل عدة سنوات، ويعاني من أزمة اقتصادية خانقة منذ خمس سنوات شلّت الخدمات العامة، ودفعت شرائح كبيرة من المجتمع إلى حافة الفقر. 

يقول المدير العام لشركة "رامكو" لجمع النفايات في بيروت، وليد بو سعد، لـ"فرانس برس": "ازدادت كمية النفايات بكل تأكيد، لكن المشكلة لا تنحصر بهذا فحسب، بل يحول الازدحام دون مرور آلياتنا وسيارات النفايات في الطرق الداخلية لرفع الحاويات التي تحتوي النفايات وتفريغها".

ويضيف "نحاول طوال الوقت مع القوى الأمنية أن نتحدث مع الناس، لكن الاستجابة كانت بطيئة للغاية، وأغلب الأشخاص لا يستجيبون لطلبات إزالة السيارات، وبالتالي، تزداد النفايات دائمًا وتخرج من الحاوية لتتبعثر حولها وتصبح مهمة إزالتها من الأرض أصعب وتستغرق وقتًا أكثر".

تشير وكالة "فرانس برس" إلى أن مراسليها شاهدوا عمال جمع النفايات وهم يحاولون جمع أكوام كبيرة من القمامة بالقرب من حاويات مكدسة، الأمر الذي يستغرق وقتًا طويلًا، بينما كانت شاحنات جمع النفايات تجد صعوبة بالغة في التحرك من دون صدم سيارات من حولها.

كما ظهرت مشكلة أخرى تتعلق بزيادة ملحوظة لعدد الشاحنات الخاصة بنقل المياه في شوارع بيروت. فشبكة المياه ضعيفة أساسًا ويعتمد الكثير من سكان العاصمة على قناني وغالونات المياه المعدنية للشرب وعلى شاحنات تعبئة المياه للاستخدام المنزلي. 

وقد كشفت وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الأسبوع الماضي، لوكالة "فرانس برس" أنها قدمت 172.500 لتر من المياه المعبأة و2.2 مليون لتر من المياه المنقولة بالشاحنات لدعم النازحين في الملاجئ في جميع أنحاء البلاد.

يقول العامل في شركة توزيع مياه، فؤاد السملاوي، لـ"فرانس برس" إن الطلب قد ازداد بشكل كبير على المياه خلال الأسبوعين الأخيرين، ويضيف الرجل المصري الذي يعيش ويعمل في لبنان منذ ثلاثة عقود "في السابق، كان يطلب منا نحو 20 نقلة في اليوم، حاليًا هناك طلب على نحو 30 إلى 33 نقلة في اليوم".

ويوضح السملاوي، وهو يقف قرب شاحنات تعبئ المياه من محطة مياه في الجديدة على أطراف بيروت، أن معظم عمليات التسليم تكون في المدارس التي تحوّلت إلى ملاجئ وأماكن آخرى تستضيف أعدادًا كبيرة من النازحين، وتضيف شركته مادة الكلور إلى المياه لتنقيتها من الجراثيم، ويقول: "يجب أن نلبّي طلبات الزبون في الليل أو في النهار". 

من جهته، يوضح الرئيس التنفيذي للاستدامة في الجامعة اللبنانية الأميركية، أن "شبكة المياه في بيروت ترزح تحت ضغط كبير"، ويضيف "الطلب على المياه مرتفع جدًا، لكن مستويات المياه الجوفية منخفضة كثيرًا، بسبب تراجع نسبة الأمطار خلال فصل الصيف".

بالإضافة لذلك، بعض النازحين يقيمون في مبانٍ مهجورة منذ وقت طويل تفتقر لإمدادات المياه أو قد تكون أنابيب المياه قديمة جدًا تصب في مجاري مياه الأمطار بدلًا من شبكات الصرف الصحي. 

وبحسب "اليونيسف"، أنشئ الجزء الأكبر من شبكة الصرف الصحي في بيروت منذ عقود ما يجعلها عرضة للتشقق والانكسار بسبب القصف العنيف على المدينة. وأوضحت الهيئة الأممية، أن وصول العدد الكبير من الأشخاص إلى العاصمة زاد أيضًا من "احتمال حدوث انسدادات وفيضانات في شبكة الصرف الصحي"، وأشارت إلى أن الفيضانات "تشكّل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة".