15-أكتوبر-2024
الاحتجاجات في إسرائيل

احتمالات الانهيار تشكك في مستقبل إسرائيل في المنطقة (هآرتس)

على الرغم من القدرات العسكرية والتكنولوجية الكبيرة لإسرائيل واستعداد أكبر قوة عالمية، وهي الولايات المتحدة الأميركية، للدفاع عنها في وجه التهديدات، إلّا أن إسرائيل تبقى مهددةً في وجودها. ذلك ما تعيه أوساط كثيرة في النخب الإسرائيلية وتحذّر منه مع كلّ تصعيد، وتزايدت تلك التحذيرات في سياق عملية طوفان الأقصى وارتداداتها وآخرها فتح جبهة الشمال وتبادل الهجمات مع إيران.

وفي أحدث تحذيرٍ يتناول التهديدات الوجودية لإسرائيل نشرت هآرتس مقالًا للكاتب الإسرائيلي روجل ألفر، تناول 6 حلقات اعتبرها تشكل تهديدًا لوجود إسرائيل، معتبرا أنّ دولة الاحتلال قد تكون على شفا انهيارٍ شامل، مشبّهًا وضعيتها الحالية بجذع شجرةٍ يبدو متماسكًا من الخارج، لكن حلقاته الداخلية تآكلت حتى "أصبح العفن يهدده بالانهيار" على حدّ توصيفه.

1- العيش في ظلال حربٍ أبدية

على رأس الحلقات التي تشكل تهديدًا وجوديا لإسرائيل، ذكر أفلر أنّ إسرائيل "تعيش  في ظلال حربٍ تبدو أنها أبدية وغير قابلة للتوقف"، مضيفًا أنّ الوضع الراهن "قد يجعل الشعب الإسرائيلي غير قادر على تصور فترات هدوء، إذ أصبحوا يتوقعون العيش وسط الانفجارات والملاجئ بشكل دائم".

ولفت أفلر النظر إلى أن هذه الحرب بتداعياتها بدأت منذ عام 1947 ولم تتوقف قط كما يرى، مشيرًا إلى أن المجتمع الإسرائيلي لم يعرف السلام الحقيقي منذ ذلك الحين، وأنه بات معتادًا على حياة الحرب والملاجئ والعيش تحت التهديد المستمر.

"الدكتاتورية المتصاعدة" في إسرائيل تمثل حلقة من حلقات الانهيار، وثمة تحذيرات لتداعيات التحول نحو حكم الفرد و"التفوق اليهودي"

2- الاحتلال والفصل العنصري

على الرغم من أنّ مقال هآرتس أهمل مآسي الشعب الفلسطيني التي يعيشها تحت الاحتلال إلا أنه اعتبر في المقابل أنّ "الاحتلال والفصل العنصري" يشكلان الحلقة الثانية من حلقات التهديد الوجودي لإسرائيل، فاحتلال الضفة الغربية، وربما "قريبًا  احتلال شمال غزة"، يخلق بيئةً غير مستقرة ويغذي ثقافة الموت. وفي هذا السياق أوضح أفلر أنّ الاحتلال لا يكتفي بالتوسع الجغرافي، بل يمتد لتشويه بنية المجتمع نفسه، حيث يزداد الانقسام الداخلي وتزداد مخاطر اندلاع الصراعات.

3- تصاعد الدكتاتورية

اعتبر ألفر أنّ "الدكتاتورية المتصاعدة" في إسرائيل تمثل الحلقة الثالثة من حلقات الانهيار، وفي هذا السياق حذر الكاتب من تداعيات التحول نحو حكم الفرد و"التفوق اليهودي"، معتبرًا أن هذه التحولات تساهم في تدمير النظام الديمقراطي، مشيرًا إلى أن ما يُطلق عليه "الانقلاب القضائي" الذي عملت عليه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمهد الطريق لتثبيت السلطة في "أيدي الدكتاتورية".

4- التركيبة الديمغرافية الانفجارية

اعتبر مقال هآرتس أنّ التركيبة الديمغرافية التي تتضمن فئة اليهود المتدينين "الحريديم" تمثّل الحلقة الرابعة من حلقات انهيار إسرائيل، محذرًا من تأثيرها "المدمر" على الاقتصاد الإسرائيلي، لأن هذه الفئة تتهرب من العمل والتعليم الأساسي، مما يشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرا، وفق تعبيره.

5- الانهيار الاقتصادي المتوقّع

ربط مقال هآرتس بين الأزمات الديمغرافية والانهيار الاقتصادي المحتمل، الذي يعدّ الحلقة الخامسة في سلسلة الانهيارات، فالتصنيف الائتماني لإسرائيل قد يتدهور نتيجة تزايد الأعباء الاقتصادية والاعتماد المفرط على قلة من دافعي الضرائب، مع الإشارة طبعًا، حسب الكاتب، إلى أنّ تكلفة هذه الأزمة ستقع على عاتق الإسرائيليين العاديين.

6- التدهور البيئي

يمثل "التدهور البيئي"، حسب أفلر، الحلقة السادسة والأخيرة، فالاكتظاظ السكاني الذي تغذيه أيضًا ما سماها "الديمغرافيا الأرثوذكسية المتطرفة"، ومعها إهمال الحكومة، قد يؤديان إلى انهيارٍ بيئي خطير، مستخلصًا من ذلك أن "التهديد السكاني" يفاقم من تآكل المجتمع الإسرائيلي.

يعتبر أفلر في ختام مقاله أن "حلقة الحرب الأبدية" التي تعيش فيها إسرائيل هي الأخطر على وجودها، يليها خطر تركز السلطة أو الدكتاتورية التي تجلّت في مشروع التعديلات القضائية، وما تسببت فيه من احتجاجات، مع الإشارة إلى مفارقة وهي أنّ قطاعًا ممن يحتجون على التعديلات القضائية هم من يقودون الطائرات المقاتلة للحرب الأبدية المدمرة.

هذه الأهمية المعطاة من طرف الكاتب للحلقتين "الأولى والثالثة" لا تعني في وجهة نظره عدم أهمية باقي الحلقات، فالحلقات الست مرتبطة، ولن يؤدي التخلص من إحداها إلى إنقاذ إسرائيل، وضرب أفلر لذلك مثالًا بالعودة المحتملة للأسرى الإسرائيليين من قطاع غزة، قائلًا "إن عودة الرهائن في الصفقة لن تشفي المجتمع الإسرائيلي ولن تقدم رؤيةً صحية للمستقبل، ستكون عودتهم بمثابة اخضرار ورقة واحدة في الشجرة، لكن عدد الأوراق الميتة في أوراق الشجر يتزايد باستمرار" وفق قوله.

وأضاف أفلر في هذا السياق أنّ "أولئك الذين يرتكبون الأخطاء، والذين يُظهرون ثقتهم بعودة الأسرى والمحتجزين أو إسقاط واستبدال حكومة نتنياهو، ينظرون إلى السياق من الخارج فقط ويرفضون الاعتراف بحلقاته الداخلية"، متوصلًا في خاتمة المقال إلى أنّ "إسرائيل تعيش حاليًا وسط هذه الحلقات الست، وهي تتجه نحو الانقراض الذاتي والسقوط الحتمي" حسب توصيفه.