رغم الأرقام الكبيرة التي تحققها صادرات الأسلحة الإسرائيلية نحو دول العالم، لكنها تطرح خلفها أسئلة "عميقة ومخيفة"، حول الأسباب الحقيقية من وراء تجارة الأسلحة في إسرائيل.
الحاخام أفيدان فريدمان، الباحث في جامعة "بار إيلان"، تناول هذا الموضوع في مقال نشر على موقع "والاه" العبري، حيث أشار إلى أنّ المعطيات التي تقدمها وزارة الأمن حول جني إسرائيل أرباح سنوية تقدر بـ13 مليار دولار، تعطي مؤشرات سيئة للغاية كافية لإفساد فرحة الإسرائيليين من المكاسب المالية الكبيرة التي تحققها تجارة الأسلحة، فهذا يحتم عليهم طرح أسئلة أساسية عميقة عليهم أن يواجهوا بها أنفسهم، وهي: "من نحن كمجتمع؟ ما هو أساس شركتنا؟ هل نحن مجتمع يركز بشكل أساسي، من خلال تاريخه المؤلم، على الحاجة إلى البقاء في عالم يهددنا بشكل متكرر؟ مجتمع يتصالح مع واقع أننا حتى الآن نعيش على السيف، وباسم الهدف الأسمى وهو بقاؤنا، سنبرر أي وسيلة ضرورية لتحقيقه؟ أم أننا مجتمع قادر على تجاوز احتياجات البقاء الأساسية للسعي لعيش حياة ذات معنى وهدف؟ هل الروح التأسيسية للمجتمع الإسرائيلي هي حب الحياة أم الخوف من الموت؟".
المعطيات التي تقدمها وزارة الأمن حول جني إسرائيل أرباحًا سنوية تقدر بـ13 مليار دولار، تعطي مؤشرات سيئة وسيئة للغاية كافية لإفساد فرحة الإسرائيليين من المكاسب المالية الكبيرة التي تحققها تجارة الأسلحة
واعتبر فريدمان أن هذه الأسئلة تكمن وراء الجدل الدائر حول صفقة الرهائن، والخلافات حول اليوم التالي للحرب في غزة، وأيضًا يجب أن نطرح السؤال للفرحين بتحقيق هذه الأرقام القياسية من تجارة الأسلحة، هل "نريد كمجتمع أن نفخر بحقيقة أننا تمكنا كل عام من توزيع المزيد والمزيد من الأسلحة على عالم دموي؟ هل نريد أن نربط نجاحنا باستمرار الحروب في العالم، ونضع أنفسنا في موقف مفاده أن استمرار الحرب هو أمر يخدمنا، وأن نجاحنا يعتمد على معاناة الآخرين؟".
ولفت الباحث بجامعة "بار إيلان" إلى أن مبيعات الأسلحة الإسرائيلية ولو كانت اقتصرت فقط على الدول التي لديها "احتياجات مشروعة للدفاع"، لما كان هناك مجال للشك أو النقد، لكن الأمور ليست على هذا النحو، فإسرائيل تصدر أسلحة إلى 130 دولة في العالم، بما في ذلك الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل صارخ، والدول التي ترتكب عمليات تطهير عرقي وإبادة الجماعية.
وبحسب فريدمان، ارتفاع صادرات الأسلحة يخفي مدى تواطؤ إسرائيل في معاناة الأبرياء بمختلف أنحاء العالم، وعلى الرغم من تقديم مجموعة من الأعذار لهذه السياسة، لكن في النهاية، هذه "السياسة تجعل منا دولة تستفيد من الموت والحرب، بل وتفتخر بها، لأنها تخدم مصلحتنا في البقاء".
ولفت الباحث الإسرائيلي إلى أنّ الأرقام القليلة التي نشرتها وزارة الأمن تظهر أن هذه الصفقات يتم "إبرامها عن سابق إصرار وتعمّد"، ما يعني قناعة الإسرائيليين بـ"العيش على السيف"، والاستفادة منه، وسط "رفض لأي مطالبات بفرض حدود أخلاقية على هذه الصادرات، والاكتفاء بتقديم أعذار غير مقنعة مفادها أن هذه القيود من شأنها أن تقضي على صناعة السلاح، وتلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي".
وتكشف الأرقام، أن صادرات الأسلحة الإسرائيلية ثلثها من الأسلحة الجوية، ويذهب 1 % إلى القارة الأفريقية بكاملها، وهناك انخفاض كبير للصادرات نحو الدول التي طبعت مع إسرائيل، لكن الدول التي لها إشكاليات كبيرة مع حقوق الإنسان هي التي سجلت ارتفاعًا كبيرًا، فقد وصلت نسبة صادرات الأسلحة الإسرائيلية نحو أذربيجان في العقد الماضي نحو 70 %، وبمساعدة هذه الأسلحة "نفذت أذربيجان تطهيرًا عرقيًا بحق الأرمن".
وكشف أن "دولة الاحتلال تمكنت من تحطيم الرقم القياسي على الإطلاق في مبيعات الأسلحة، في وقت تجاوز فيه معدل صادراتها من الأسلحة الجوية نسبة الثلث، مع ذهاب 1 بالمئة منها للقارة الأفريقية بأكملها، رغم انخفاضها بشكل كبير إلى دول التطبيع ضمن اتفاقيات التطبيع، ويتمتع الكثير منها بسجل إشكالي للغاية في مجال حقوق الإنسان، فيما وصلت نسبة الأسلحة الإسرائيلية إلى أذربيجان 70 بالمئة في العقد الماضي، وبمساعدتها نفذت الدولة تطهيرًا عرقيًا للأرمن في ناغورني قره باغ"، ورغم ذلك لم تدفع هذه الصادرات أذربيجان إلى أنّ تؤيد إسرائيل في التصويت بالأمم المتحدة بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.