11-يوليو-2024
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

فرنسا في حالة غموض سياسي عقب إعلان نتائج الانتخابات (الأناضول)

نشر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، رسالةً إلى الفرنسيين حول الوضع السياسي المتأزّم، بعد صمتٍ دام عدة أيامٍ عقب إعلان نتائج الجولة الثانية من انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان)، معتبرًا أنّ أيّ "طرفٍ لم يخرج فائزًا" من الانتخابات، ما يحتّم على جميع القوى السياسية "في مؤسسات الجمهورية ودولة القانون والحكم البرلماني  الانخراط في حوارٍ صادقٍ ومخلصٍ لبناء غالبيةٍ صلبة تكون بالضرورة ذات تعدديةٍ".

وتزامنت رسالة ماكرون مع هجوم قوي شنّته ضدّه زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان، التي اتهمته، أمس الأربعاء، بالتسبب في أزمة تشكيل الحكومة.

كما تزامنت رسالة ماكرون مع تزايد خشية المستثمرين "الأجانب والأثرياء من تداعيات محتملة لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة كخسارة بعض الامتيازات"، الأمر الذي يجعلهم، حسب وكالة رويترز "في حيرة البقاء في فرنسا"، مع العلم أنّ أكثر من جهة استثمارية أعلنت عن بدء إجراءات مغادرة فرنسا نحو وجهات أخرى.

ولا ينبع قلق المستثمرين والأثرياء الأجانب من حالة الغموض السياسي التي تعتري فرنسا جرّاء عدم حصول أي تحالف سياسي على الأغلبية التشريعية، وإنّما ترافق ذلك القلق مع احتمال تصدر اليمين لنتائج الانتخابات بعد الجولة الأولى، وتصدّر اليسار للنتائج في الجولة الثانية، فكلا التيارين يثير قلق ومخاوف أصحاب رؤوس الأموال الذين منحهم ماكرون امتيازات كبيرة منذ وصوله الرئاسة، وجعل رضاهم وبقاء أموالهم في فرنسا أحد أجندته الرئيسية في الحكم، عبر خفض الضرائب بشكلٍ خاص، وتغييراتٍ في سوق العمل بما في ذلك رواتب التقاعد، وفق رويترز.

تزامنت رسالة ماكرون مع تزايد خشية المستثمرين الأجانب والأثرياء من تداعيات محتملة لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، بما في ذلك خسارة بعض الامتيازات

وكانت نتائج الانتخابات التشريعية قد أسفرت عن فوز اليسار بالمرتبة الأولى بـ190 مقعدًا، يليه في المرتبة الثانية  الوسط متمثلًا في تحالف "معًا" الرئاسي بـ160 مقعدًا، وفي المرتبة الثالثة اليمين المتطرف بـ140 مقعدًا. وبموجب النتائج التي لم تمنح أي طرف الأغلبية (289 مقعدًا) انزلقت فرنسا إلى أزمة سياسية، ليس من المحدد متى قد تغادرها.

مفاوضات تشكيل الحكومة

قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن قادة اليسار وتحالف "معًا" يبذلون جهودًا دؤوبة، من أجل طرح  تصوراتٍ تفضي إلى تشكيل حكومة قابلةٍ للاستمرار في إدارة البلاد. 

كما وصفت مصادر فرنسية عملية التفاوض في صفوف اليسار وتكتل "معًا" بالشاقّة. ويعطي اليسار، حسب ما رَشَح عن المفاوضات الأولوية لتطبيق برنامجه الانتخابي، ولو دفعه ذلك، حسب المصادر الفرنسية، "إلى عقد تحالفاتٍ لكل مسألةٍ على حدة".

ويدور برنامج تحالف اليسار حول إصلاح نظام التقاعد، وإلغاء قوانين حول الهجرة، وإصلاح نظام مساعدات البطالة والحد الأدنى من الأجور، ومعظم هذه النقاط في تعارض مع برنامج ماكرون.

وعلى الأحزاب الفرنسية في كلٍّ من الجبهة الشعبية الجديدة، وتحالف "معًا" بزعامة ماكرون، أن تتفاهم في البداية على "تعيين شخصيةٍ توافقية يمكنها تجسيد مشروعها المشترك".

الأسماء المطروحة من اليسار

يُنتظَر أن يقدم تحالف اليسار مطلع الأسبوع المقبل اسم مرشحه لرئاسة الحكومة، وقد طُرحت حتى اللحظة أسماء أربعة شخصيات هي: أوليفييه فور رئيس الحزب الاشتراكي الذي أعلن استعداده للمهمّة، ووصفه أحد قادة الحزب بأنه "الشخصية الوحيدة التي يمكنها طمأنة الفرنسيين".

الاسم الثاني المطروح في تحالف اليسار هو النائبة الشابة كليمانس غيتي، التي تحظى بدعم حزب فرنسا الأبية (أقصى اليسار) الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد ضمن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة.

ودفعت أوساط من الخضر المدافعين عن البيئة باسم زعيمة الحزب، مارين تونديلييه، فيما طرحت فعاليات يسارية أخرى اسم كليمنتين أوتان، المنشقة عن حزب فرنسا الأبية لرئاسة الحكومة.

وقد رجّح يانيك جادو، العضو في مجلس الشيوخ عن أنصار البيئة، عدم إمكانية "تشكيل ائتلافٍ أوسع من الجبهة الشعبية الجديدة في الحكومة"، معتبرًا أن "التحالفات ستُبنى في الجمعية الوطنية".

فيما حذّر منسق "فرنسا الأبية"، مانويل بومبار، من أنّ اليسار سيطبق برنامجه، وأن على "كل من التكتلات تحمل مسؤولياتها، فإما التصويت على مقترحاتنا أو الإطاحة بنا" حسب قوله.

مغادرة المستثمرين

حذّرت وكالات التصنيف والأسواق المالية من تداعيات حالة الغموض السياسي في فرنسا، وبدأ بالفعل بعض المستثمرين يفكرون في مغادرة باريس، وفي هذا الصدد، نقت فرانس برس، عن فيليب لورنتز، محامي الضرائب في شركة أوغست ديبوزي قوله: "ملفات الأشخاص الذين يستعلمون عن مغادرة فرنسا زادت بنسبة 30% على الأقل في الأسابيع الأخيرة"، وتعد سويسرا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الوجهات البديلة لهؤلاء حال مغادرتهم فرنسا.

كما أعرب باسكال كانيي، رئيس شركة C4 Ventures، وهو أيضًا سفير مفوض الاستثمارات الأجنبية الدولية منذ 2017، ويشارك في قمم سنوية تحت عنوان "اختاروا فرنسا"، عن مخاوفه من تدعيات حالة الغموض السياسي، معتبرًا أن السيناريو الكارثي لم يأت بعد.