ألترا صوت – فريق التحرير
في السابع من شهر كانون الثاني/يناير الجاري، حذر مدير الشاباك الإسرائيلي ناداف أرغمان، من ما قال إنه تدخل محتمل من قبل دول أجنبية في انتخابات الكنيست، المزمع عقدها في شهر نيسان/أبريل القادم، قائلًا إن هذه الخطوة يمكن أن تؤثر على خيارات الرأي العام، وعلى النتيجة النهائية للانتخابات.
أشار الشاباك إلى أن التدخل الإلكتروني الذي يستهدف الانتخابات الإسرائيلية ليس مجرد تقدير أو توقع، وإنما معلومات أكيدة
وفي حديثه في مؤتمر "أصدقاء تل أبيب"، قال أرغمان في إشارة إلى حملات دعائية "مشبوهة" في وسائل التواصل الاجتماعي قبل الانتخابات: "لا أعرف لصالح من أو ضد من ستتدخل الجهة الأجنبية في هذه المرحلة"، مضيفًا أنه لا يستطيع أن يحدد ما هي المصلحة السياسية وراء هذا التحرك. ومع ذلك، كرر تأكيده على وجود تدخل، قائلًا "إنني أعرف عن ماذا أتحدث".
اقرأ/ي أيضًا: تسريبات: إسرائيل تدعم السعودية لتأجيج الخلاف في لبنان
كما أشار أرغمان إلى أن الهجوم الإلكتروني الذي يستهدف الانتخابات الإسرائيلية ليس مجرد تقدير أو توقع، بل إن فريقه يملك معلومات محددة تشير إلى خصم معين يقوم بإعداد هجوم واضح.
ردًا على انتشار هذه التصريحات، قال مكتب الأمن الداخلي في الشاباك في بيان إنه "إذا دعت الحاجة، فإن إسرائيل ومخابراتها المحلية لديها الأدوات والقدرة على اكتشاف ومراقبة وإحباط محاولات الدول الأجنبية للتأثير على انتخابات نيسان/أبريل". وفي غضون ذلك، أعلنت جهات إسرائيلية عدة بالفعل البدء بإجراء فحص شامل لقضية الأمن السيبراني فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة.
لم تكن هذه هي الحالة الأولى الشبيهة، فقبل الانتخابات الخاصة بالبلديات في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قالت مديرية الإنترنت الوطنية في إسرائيل إن آلاف الحسابات المزيفة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تم إنشاؤها واستخدامها لنشر معلومات كاذبة عن المرشحين السياسيين، في محاولة كبيرة للتأثير على الناخبين.
فيما أشارت التوقعات مباشرة إلى روسيا، باعتبارها المتهم الأول وراء هذا التدخل. فيما بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتناقل بعض الترجيحات بهذا الخصوص. غير أن الكرملين سارع إلى نفي هذه المعلومات، قائلًا في تصريحات على لسان المتحدث باسمه ديمتري باسكوف، لوكالة انترفاكس الروسية، في التاسع من الشهر الجاري، إنه لم يكن عند روسيا أي مخططات للتدخل في الانتخابات الإسرائيلية.
وتعليقًا على تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية حول تصريحات مدير الشاباك، الذي كان تداول الأخبار حولها محظورًا من الرقابة أول الأمر، قال بيسكوف إن موسكو لا تعتزم التدخل في الانتخابات في أي دولة في العالم. معتبرًا أن هذا "غير وارد"، دون الإشارة إلى تصريحات أرغمان بشكل مباشر. وتابع: "لم تتدخل روسيا أبدًا في الانتخابات في أي بلد، وليس لديها أية نية للقيام بذلك في المستقبل".
أصدقاء نتنياهو
بمجرد بدء تداول الأخبار والترجيحات حول عملية التدخل المزعومة، بدأت أصابع الاتهام تتوجه نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فيما تخوفت بعض الأصوات السياسية في إسرائيل من أن "أصدقاء" وحلفاء رئيس الوزراء المدان بعدد من قضايا الفساد، متورطون بهذا التدخل.
وقال تمار زاندبرغ، رئيس حزب ميرتس المعارض، في بيان حول هذه التصريحات: "نطالب الأجهزة الأمنية بالتأكد من أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لا يسرق الانتخابات لصالح صديقه الطاغية بيبي (بنيامين نتنياهو)"، في إشارة إلى العلاقات الوثيقة بين الأخيرين.
وتملك إسرائيل حاليًا عددًا من التشريعات التي تنظم الدعاية وتعرف باسم قانون الانتخابات لعام 1959، لكنها لا تشمل الإنترنت، وهو ما لا ينفك يثير جدلًا. وفي وقت سابق، كشفت تقارير إسرائيلية، من خلال مصادر في مكتب بنيامين نتنياهو نفسه، أنه طلب بشكل واضح وقف أي نوع من التشريعات التي قد تُعنى بدمج الإنترنت ضمن هذه القوانين. وهو ما يزيد من الشكوك بتورط نتنياهو في التدخل المحتمل.
فيما اعترض نواب من حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو، على مشروع تقديم استئناف للجنة الانتخابات المركزية، من أجل حظر الدعايات غير معروفة المصدر على الإنترنت. وهو ما اعتبره حزب "ييش عتيد" (يوجد مستقبل) إقرارًا بتورط الحزب الحاكم بنشر أخبار زائفة، ومحاولة التأثير على الناخبيين الإسرائيليين.
ويبدو أن القناعة بوجود تدخل خارجي يصب في صالح نتنياهو، أصبحت أقوى من أي وقت مضى داخل المجتمع الإسرائيلي. حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز (PEW) للدراسات، أن 62% من الإسرائيليين خائفون من تدخل أجنبي في انتخابات الكنيست المقبلة، ويعتقدون أن هذا التدخل من الممكن أن يؤثر على نتائجها.
جنود سعوديون لدعم "بيبي"؟
لم تكن الترجيحات بشأن التدخل الخارجي الذي يصب في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متعلقة بروسيا فقط. حيث أشارت تقارير إسرائيلية خلال اليومين الماضيين، إلى أن هناك شبكة واسعة من الحسابات الآلية في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، التي تنشر محتوىً مؤيدًا لنتنياهو في الانتخابات، تعود للسعودية.
وحسب موقع "غلوبز" العبري، فقد بيّن الخبير الأمني والمختص بشأن عمليات الاختراق في وسائل التواصل الاجتماعي، نعوم روتيم، الذي يعمل بشكل غير رسمي على اكتشاف وتعطيل الحسابات الآلية التي تديرها جهات أجنبية ومحلية، بهدف التأثير في الرأي العام الإسرائيلي، أن هناك عددًا من الشبكات التي تضم آلاف الحسابات الآلية المزيفة في موقع تويتر، تابعة لكل من السعودية وروسيا، بالإضافة إلى جهات إسرائيلية محلية.
ووفقًا لـ"غلوبز"، فإن شبكة الحسابات الآلية السعودية، ظلت نشطة منذ 11 شهرًا، فيما تقوم الآن بتوزيع محتوى منظم ومتشابه في وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية.
تعززت مخاوف 62% من الإسرائيليين بشأن التدخل الخارجي في انتخابات الكنيست المقبلة بعد تسريبات توضح الجهد السعودي لصالح نتنياهو
وتقوم هذه الحسابات بنشر أخبار زائفة، حول شخصيات إسرائيلية غالبًا ما تكون مرتبطة بالمعارضة، بما في ذلك معلومات عن عائلاتهم وحياتهم الشخصية، فيما تستهدف بشكل أساسي مجتمع الصحافيين، على أمل أن يعيد هؤلاء العاملون في الصحافة نشر هذه الأخبار، ما يضفي شرعية عليها. وعلى سبيل المثال، فقد نشرت هذه الحسابات محتوى مناصرًا لنتنياهو عدة مرات، على الرغم من نشر محتوى آخر ضد زوجته.
اقرأ/ي أيضًا: أبرز 5 شخصيات في مسلسل التّطبيع السّعودي والإماراتي مع إسرائيل
يأتي ذلك في حين أن السعودية بقيادة ولي العهد المثير للجدل، محمد بن سلمان، تمثل على رأس محور الانسجام التطبيعي مع تل أبيب "الاعتدال السني"، حسب وصف نتنياهو نفسه، واحدًا من أبرز ملفات الدعاية الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، من ناحية اعتبار عمليات التطبيع الواسعة التي تتم مع دول عربية عديدة، جزءًا من نجاح سياساته الخارجية في الشرق الأوسط.
اقرأ/ي أيضًا:
السعودية وإسرائيل.. تعاون استخباراتي وثيق وقرع لطبول حرب في المنطقة!
تطبيع رعاة الإرهاب.. إسرائيل والسعودية على مائدة استخبارية واحدة