12-يونيو-2024
خفر السواحل التونسي يوقف مهاجرين قبالة الساحل قبالة صفاقس (أرشيفية)

خفر السواحل التونسي يوقف مهاجرين قبالة الساحل قبالة صفاقس (أرشيف)

اطّلعت وكالة رويترز على ما وصفته بتقريرٍ أمميٍّ سريٍّ عن حقوق الانسان، يفيدُ بتورط حرس الحدود التونسي في انتهاكاتٍ مروعةٍ بحق مهاجرين قادمين من أماكن مختلفةٍ بينها فلسطين وسوريا والسودان وجنوب السودان وإفريقيا جنوب الصحراء أثناء طردهم نحو ليبيا.

وبحسب التقرير الأممي فقد ألقت قوات حرس الحدود في تونس القبض على مهاجرين وسلمتهم إلى نظيرتها في ليبيا، وهناك يتعرض المهاجرون، حسب التقرير، إلى انتهاكاتٍ فادحةٍ تبدأ بالابتزاز والتعذيب والعمل القسري وتنتهي بالقتل.

وذكر التقرير الأممي السري أنّ كلًّا من تونس وليبيا "تلعبان دورًا رئيسيًا في جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى وقف تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا إلى جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط".

وممّا ورد في التقرير الأممي الذي يعود إعداده إلى تاريخ 23 كانون الثاني/يناير الماضي أنّ "مئات المهاجرين في تونس ألقي القبض عليهم ضمن موجةٍ من الاعتقالات، وطردوا إلى ليبيا خلال النصف الثاني من العام الماضي".

وبحسب وكالة رويترز التي اطلعت على فحوى التقرير فقد استند في استنتاجاته إلى "مقابلاتٍ أجريت مع 18 مهاجرًا سبق احتجازهم بالإضافة إلى أدلّةٍ أخرى عبارةٌ عن صورٍ ومقاطع مصورةٍ لعمليات تعذيبٍ في إحدى المنشآت".

ومن الانتهاكات التي وثقها التقرير قيام مسؤولين ليبيين بطلب "آلاف الدولارات مقابل إطلاق سراح بعض المهاجرين"، وأكّد التقرير الأممي السري أن هذا الوضع يصب في مصلحة "هؤلاء الذين يستغلون الضعفاء، ومنهم المتاجرون بالبشر".

يلعب كل من تونس وليبيا دورًا رئيسيًا في جهود الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا إلى أوروبا، مما يعزز من الانتهاكات المستمرة بحق المهاجرين

كما وثق التقرير انتهاكًا آخر يتمثل في قيام حرس الحدود التونسي بالتنسيق مع نظيره الليبي لنقل المهاجرين إما إلى مراكز احتجاز "العسة" أو "نالوت"، الواقعتين على الجانب الآخر من الحدود في ليبيا، وهما مركزان يتولى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي وخفر السواحل إدارتهما، وأوضح تقرير الأمم المتحدة أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية يمنع باستمرار مسؤولي الأمم المتحدة من الدخول إلى الموقعين.

في الموقعين المذكورين يحتجز المهاجرون لفتراتٍ تتراوح بين بضعة أياٍم وعدة أسابيع قبل نقلهم إلى مركز احتجاز بئر الغنم بالقرب من طرابلس، وفي مركز احتجاز بئر الغنم وثق التقرير اتهاماتٍ ضدّ مسؤولين ابتزوا المهاجرين للحصول على مبالغ تتراوح بين 2500 و4 آلاف دولار تبعًا لجنسياتهم مقابل إطلاق سراحهم.

كما وثق التقرير وجود ندوبٍ وعلامات تعذيبٍ كانت واضحة على 3 من المهاجرين الذين تمت مقابلتهم.

وأوضح التقرير أن "مئات المعتقلين مكدسون في حظائر وزنازين، غالبًا ما يكون بها مرحاض واحد صالح للاستخدام ولا يوجد صرف صحي أو تهوية".

ونقل التقرير عن شهود عيانٍ "في العسة، إحراق حرس الحدود رجلًا سودانيًا حيًا، وإطلاق الرصاص على محتجزٍ آخر لأسباب غير معروفة".

وأضاف التقرير أن محتجزين سابقين تعرفوا على تجار بشر بين مسؤولي حرس الحدود العاملين هناك.

ونقل التقرير الأممي السري عن الخبير الليبي في مجال حقوق الإنسان طارق لملوم قوله إن "عمليات نقل المهاجرين هذه جرت في أوائل أيار/مايو الماضي، وإن نحو ألفي مهاجرٍ كانوا في تونس نقلوا إلى ليبيا هذا العام"، مشيرا إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 30 مهاجرًا.

وعند التوجه بهذه المعطيات إلى السلطات في ليبيا وتونس للرد عليها، رفضت الدولتان طلبات التعليق على التقرير الأممي. كما لم يردّ متحدثٌ باسم المفوضية الأوروبية على أسئلةٍ لرويترز على صلةٍ بالتقرير الأممي.

كما تحفظ متحدثٌ باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على التعليق قائلًا إنه "ليس بوسعه ذلك" مع العلم أنه في نيسان/إبريل الماضي قال المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا عبد الله باتيلي إنه "يشعر بقلقٍ بالغٍ إزاء الوضع المزري للمهاجرين واللاجئين في ليبيا الذين يعانون من انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان طوال عملية الهجرة".

التقرير الأممي خلص إلى أنّ "النهج الحالي الخاص بالهجرة وإدارة الحدود غير ناجحٍ"، داعيًا ليبيا إلى "إلغاء تجريم المهاجرين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني وطالب بدعم دولي كامل لدفع إدارة الحدود للالتزام بحقوق الإنسان".

يذكر أنّ الاتحاد الأوروبي قرر العام الماضي إنفاق 800 مليون يورو حتى عام 2024 في شمال أفريقيا لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، في اتفاقاتٍ أبرمها مع دولٍ من بينها تونس وليبيا وتركيا وموريتانيا، أثارت في حينها انتقاداتٍ حقوقية على مستوياتٍ واسعة النطاق، حيث أكدت منظماتٌ حقوقيةٌ أنّ "سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في نقل السيطرة على الهجرة إلى دول أخرى مقابل تقديم مساعدات تؤدي إلى انتهاكات، وتخفق في معالجة القضايا الأساسية".

ويبدو أن تلك الاتفاقيات بدأت تعطي مفعولها، ففي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، "انخفض عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بأكثر من 60% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023".

وفي تعليقٍ على هذا الانخفاض في أعداد المهاجرين الواصلين إلى الشواطئ الأوروبية قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في الرابع من حزيران/يونيو الجاري إن الانخفاض يرجع "قبل أي شيء إلى المساعدة القادمة من تونس وليبيا".