بعد الجدل الطويل حول زواج القاصرات في المغرب، وتزايد الحملات المطالبة بإلغائه، تقدّمت كتلة التجمّع الوطني للأحرار مؤخّرًا، باقتراح قانون إلى مجلس النواب المغربي، يهدف إلى إلغاء المادة 20 من مدوّنة الأسرة في الدستور المغربي، باعتبار أنها تسهّل الالتفاف على المادة 19 من المدونة نفسها، والتي تنصّ على أن يكون سن الزواج القانوني في المغرب 18 سنة للذكور والإناث، لتكون المرة الأولى التي تتقدم كتلة تمثّل غالبية المجلس النيابي باقتراح يهدف إلى الحدّ من هذه الظاهرة القديمة والمتنامية.
حسب وزير العدل المغربي، أكثر من 12 ألفًا وست مائة حالة زواج قصّر سُجلت في المغرب خلال العام 2020، ما يشكل حوالي 6.5 % من مجمل العقود المبرمة.
المادة 20 من مدونة الأسرة في المغرب، تجيز لقاضي الأسرة المكلّف بالزواج، بعقد قران فتى وفتاة دون سن الأهلية الذي تنصّ عليه المادة 19 ( 18 سنة )، على ألّا يقلّ سن المأذون له عن 16 سنة، بمقرر معلّل يبيّن فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة وجوبا بخبرة طبية"، الأمر الذي ينظر الناشطون الحقوقيون المعارضون لزواج القاصرات، على أنه ثغرة يلتف من خلالها الأهل على المادة 19، لتزويج بناتهم القصر، بهدف الحصول على مقابل مادي كبيرمن الزوج أو لأسباب أخرى متعلقة بالعادات والتقاليد.
وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر أشار مطلع الشهر الماضي، إلى أن أكثر من 12 ألفًا وست مائة حالة زواج قصّر سُجلت في المغرب خلال العام 2020، ما يشكل حوالي 6.5 % من مجمل العقود المبرمة. وقال بنعبد القادر خلال جلسة برلمانية، إن حالات زيجات القصّر في المغرب آخذة في الانخفاض عام بعد آخر، وإن كانت نتائج الإحصائيات لا ترقى إلى التطلّعات.
موقع فرنس 24 نشر قبل شهرين تقريبًا، تقريرًا تحت عنوان "الكوابيس التي تعيشها الفتيات المغربيات بسبب الزواج المبكر"، نقل من خلاله شهادات لفتيات تم تزويجهن في أعمار صغيرة، من بينهن نادية ابنة لـ 16 سنة، والتي تزوّجت من رجل معنّف بعمر والدها، استفاد من الثغرة القانونية في المادة 20 التي تتيح له الزواج من قاصر في حال موافقة والدها، وفي حال ارتأى قاضي الأسرة أن الظروف تسمح بذلك. تمكنّت نادية من الحصول على الطلاق بعد عام فقط من زواجها الذي وصفته بالكابوس، وقد قالت لفرنس 24 إن حلمها كان هو الحصول على استقلالها وحريتها، وهي تنصح جميع الفتيات في قريتها أن يقمن بذلك ويرفضن التزويج المبكر.
زواج القاصرات في المغرب أقلق الأمم المتحدة
وكالات الأمم المتحدة الناشطة في المغرب، كانت قد حذرت في العام 2019، من تنامي ظاهرة زواج القاصرات في المملكة، ورأت أنها عقبة حقيقية أمام تطور البلاد، ولها عواقب عميقة على صحة الأطفال البدنية والعقلية. كما أطلقت الأمم المتحدة مبادرة مشتركة في الرباط خلال العام نفسه، بهدف القضاء على زواج القاصرات، بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل الذي يصادف في الـ 11 من تشرين الأول \ أكتوبر من كل عام.
وقد دعت المبادرة التي شارك فيها اليونيسيف، هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى التزام جماعي من حكومة وبرلمان المغرب، إضافة إلى المؤسسات والجمعيات ووسائل الإعلام فيه، من أجل القضاء على زواج القاصرات، على اعتبار أنه "انتهاك لحقوق الإنسان وممارسة تُهدد المصلحة الفضلى للطفل، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي يعتبر المغرب طرفاً فيها ".
حسب وزير العدل المغربي، أكثر من 12 ألفًا وست مائة حالة زواج قصّر سُجلت في المغرب خلال العام 2020، ما يشكل حوالي 6.5 % من مجمل العقود المبرمة.
وبحسب وثيقة نشرتها الوكالات نفسها، فإن أكثر من 32 ألف طلب زواج قاصرات تمّ التقدّم به في العام 2018، مقارنة مع 30 ألف طلب في العام 2006، وقد تمّت الموافقة على 85 % من الطلبات في الفترة بين عامي 2011 و2018، فيما تخشى الأمم المتحدة من أن يكون العدد الفعلي أكبر من ذلك بكثير، حيث أن الزيجات غير الرسمية للأطفال من زواج عرفي أو زواج الفاتحة لا تظهر في الإحصاءات الرسمية .