تحدث متطوعون محليون يقومون بإطعام أشد الناس فقرًا في السودان عن أن الأطراف المتصارعة تستهدفهم، ما يجعل من الصعب عليهم مواصلة تقديم المساعدات الضرورية في بلد يعاني من أكبر أزمة جوع في العالم.
وكشفت وكالة "رويترز" للأنباء أن الكثير من المتطوعين فرو تحت التهديد بالاعتقال أو العنف، مشيرةً إلى توقف المطابخ الخيرية المعروفة في السودان باسم "التكايا" عن العمل، والتي أقيمت في أكثر الأماكن نكبةً، وكانت تقدم الوجبات يوميًا لأسابيع. وتشير تقديرات إلى أن مئات الأشخاص يموتون يوميًا في السودان من الجوع والأمراض المرتبطة بالجوع.
الكثير من المتطوعين فرو تحت التهديد بالاعتقال أو العنف، بينما توقفت المطابخ الخيرية المعروفة في السودان باسم "التكايا" عن العمل
وتواصلت "رويترز" مع 24 متطوعًا يديرون مطابخ في ولايتي الخرطوم ودارفور في وسط وغرب البلاد، وأجزاء من الشرق، حيث فر الملايين من منازلهم وفقدوا سبل العيش منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكثفت منظمات إنسانية دولية دعمها للمتطوعين، لأنها لم تتمكن من إيصال المساعدات الغذائية إلى مناطق يهددها خطر المجاعة. لكن 10 من المتطوعين كشفوا لـ"رويترز"، من خلال التواصل معهم عبر الهاتف، أن هذا جعل المساعدات أكثر عرضة للنهب من قبل قوات الدعم السريع.
وتحدث المتطوع جهاد صلاح الدين الذي غادر الخرطوم قبل عام إلى القاهرة، لـ"رويترز"، وقال: "كنا في أمان عندما لم تكن قوات الدعم السريع على علم بالتمويل، لكنهم أصبحوا ينظرون إلى مطابخنا كمصدر للطعام".
فيما صرح 12 متطوعًا أن طرفي الصراع هاجما أو احتجزا متطوعين للاشتباه في تعاونهم مع الطرف الآخر. وقالت "رويترز" إن معظم المتطوعين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، خوفًا من الانتقام.
Sudan's warring sides target local aid volunteers fighting famine https://t.co/XQHiKfhMLb pic.twitter.com/TYlBguPO9B
— Reuters Africa (@ReutersAfrica) October 8, 2024
وكشف متطوع في بحري، وهي مدينة تشكل إلى جانب الخرطوم وأم درمان العاصمة السودانية، أن جنودًا يرتدون زي قوات الدعم السريع سرقوا الهاتف الذي كان يستخدمه لتلقي التبرعات عبر تطبيق "مصرفي" إلى جانب ثلاثة ملايين جنيه سوداني (1200 دولار) نقدًا مخصصة للغذاء. ووقعت الحادثة في شهر تموز/يوليو الماضي.
وأضاف أن هذه الحادثة كانت واحدة من خمس حوادث وقعت هذا العام، تعرض فيها للهجوم أو المضايقة من قبل قوات شبه عسكرية تسيطر على أحياء يشرف فيها على 21 مطبخًا يقدم الطعام لنحو 10 آلاف شخص.
وذكر أنه في وقت لاحق من شهر حزيزان/ يونيو، اقتحم مسلحون منزلًا يضم أحد المطابخ في منتصف الليل وسرقوا أكياسًا من الذرة والفول، حيث كان نائمًا داخله، وقاموا بتقييده وتكميمه وجلده لساعات من أجل الحصول منه على معلومات حول من يمول مجموعة المتطوعين التي ينتمي إليها.
ووفقًا لـ8 متطوعين من ولاية الخرطوم، التي تسيطر قوات الدعم السريع على معظمها، ارتفعت وتيرة هذه الحوادث مع زيادة التمويل الدولي للمطابخ الخيرية.
وأشارت "رويترز" إلى أن هناك مطابخ كثيرة لا توثق الهجمات، بينما رفض البعض الآخر تقديم التفاصيل خوفًا من جذب الانتباه غير المرغوب فيه. ومع ذلك، تحدث المتطوعون عن 25 واقعة تم خلالها استهداف خلالها مطابخهم أو متطوعين في الولاية منذ تموز/يوليو، بما في ذلك المزيد من السرقات والضرب واحتجاز ما لا يقل عن 52 شخصًا.
وأعلنت مجموعات تدير مطابخ هناك عن مقتل ثلاثة متطوعين على الأقل في هجمات مسلحة، بما في ذلك شخص قالوا إنه قتل برصاص قوات الدعم السريع في حي الشجرة بالخرطوم في أيلول/سبتمبر. ولم تتضح هويات المهاجمين الآخرين حتى الآن.
وأقام متطوعون محليون مئات المطابخ منذ اندلاع الحرب، والتي كانت تقدم وجبات ساخنة مرة أو مرتين في اليوم، تتكون عادة من عصيدة الذرة الرفيعة أو العدس أو الفول. ولكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع التبرعات الخاصة، اضطر البعض إلى وقف أو تقليص الخدمات إلى خمس مرات فقط في الشهر.
هناك مطابخ كثيرة لا توثق الهجمات، بينما رفض البعض الآخر تقديم التفاصيل خوفًا من جذب الانتباه غير المرغوب فيه
واعتبر مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في السودان، إيدي رو، أن: "المطابخ المجتمعية في السودان تشكل شريان حياة للأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في مناطق تشهد صراعًا مستمرًا". وتابع: "من خلال دعمها، يتمكن برنامج الأغذية العالمي من توصيل الغذاء إلى أيدي مئات الآلاف من الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة، حتى في مواجهة القيود الشديدة على الوصول إلى المساعدات"، مشددًا على ضرورة ضمان سلامة عمال الإغاثة.
ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان السودان يعانون من الجوع الحاد ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة. وفي المناطق الأكثر نكبة، لجأ السكان والنازحون بسبب القتال أو المحاصرون في منازلهم إلى أكل الحشائش وأوراق الشجر.