أثير منذ أيام، داخل مفاصل فصائل المعارضة السورية المسلحة، ومواقع التواصل الافتراضي، خبر اتجاه "جبهة النصرة"، فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا، عن فك ارتباطها مع الأخيرة، بعد أن أعلن مؤسسوها عن بيعتهم، لأميرها "أيمن الظواهري"، عندما تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا بعد العراق.
حتى إذا أعلنت النصرة عن فك ارتباطها بالقاعدة، فإنها لن تغير من منهجها المتشدد، وكونها تملك مشروعًا مختلفًا عن بقية فصائل الثورة السورية
وعلى الرغم من ظهور أصوات داخل التنظيم الجدلي، والمعني الأول بالخبر المثار للجدل، بين مؤيدٍ ورافض لإعلان فك الارتباط، إلا أن إثارته في ظل التطورات السياسية العالمية، وأهمها التقارب الروسي-التركي، بعد فشل محاولة الانقلاب قطاع من العسكر على الديمقراطية والدولة التركيتين، المنفذة عن طريق ما يعرف باسم "الكيان الموازي"، وظهور تقارير تقول إن للولايات المتحدة دور بارز في ذلك، ما يرجح فرضية إعادة قراءة المسار "الجهادي" في سوريا.
اقرأ/ي أيضًا: 4 معلومات عن صاحب أشهر موقع للتورنت تم القبض عليه
المتصفح لحسابات نشطاء الثورة السورية، عبر مواقع التواصل الافتراضي، يلمس أن معظم من تحدث عن موضوع فك ارتباط "جبهة النصرة" عن تنظيم "القاعدة"، رجح فرضية أولًا عدم استهداف مقرات النصرة من قبل المقاتلات الروسية في مدينة إدلب وريفها، المعقل الرئيسي لها، بحجة تلافي الأخيرة وقوع إصابات بين المدنيين.
ووفقًا لما يجري تناقله عبر المواقع الافتراضية، هناك حديث عن أن الاسم البديل للنصرة، سيكون "جبهة فتح الشام"، وهنا علينا ألا ننسى ارتباطات النصرة مع عدد من الفصائل العسكرية، وأهمها قيادتها، غير الرسمية، لمكون "جيش الفتح"، الذي يضم حركة "أحرار الشام الإسلامية"، أحد أهم الحركات المسلحة التي تقاتل ضد قوات النظام السوري، والميليشيات الأجنبية المدعومة والمدفوعة إيرانيًا.
تحمل الجبهة منذ نشأتها، وحتى ما قبل إعلان فك ارتباطها بـ"القاعدة"، تاريخًا مليئًا بالمتناقضات، ففي الوقت الذي كان زعيمها أبو محمد الجولاني، يتحدث بطريقة براغماتية، في إحدى حواراته النادرة، محاولًا التقرب من نشطاء الثورة السورية، كانت عناصرها تقمع التظاهرات الثورية في إدلب وريفها، وهي مناطق خارجة عن سيطرة النظام.
وغني عن القول أن في رصيد "جبهة النصرة" تحديدًا، أكثر من انتهاك بحق الفصائل العسكرية المسلحة، والتي كان آخرها اقتحامها لمقرات "جيش التحرير" في ريفي إدلب وحماة، في الوقت الذي كانت تقاتل إلى جانب عناصر على جبهة ريف اللاذقية الشمالي، وقبلها اقتحامها لإحدى الإذاعات في "كفرنبل" في ريف إدلب، توثيقيًا قضت جبهة النصرة على ما يقارب 15 فصيل عسكري معارض.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا تفعل القوات الفرنسية في ليبيا؟
تعرف النصرة جيدًا، أنها إن أعلنت فك ارتباطها، أو بقيت تحت ذراع تنظيم "القاعدة"، ستكون على رأس القائمة التي يريد حلفاء دمشق استهدافها
العقبة الأكبر التي تواجه النصرة حاليًا، هي الإصرار الروسي على إنشاء تحالف يوازي التحالف الذي تدعمه واشنطن، لضرب مقرات ثلاثة فصائل رئيسية وهي "جبهة النصرة"، حركة "أحرار الشام الإسلامية"، و"جيش الإسلام"، رغم معارضة الولايات المتحدة، ضرب الفصيلين الأخيرين، وتحفظها على الأولى، وهو ما يتضح من مناورات القيادة الأمريكية، والتي قابلها تأكيد الجولاني في حوار سابق على عدم استهداف، ما يتبع للمصالح الأمريكية، أيًا كان تصنيفها خارج الحدود السورية.
المشكلة الأبرز التي ستواجهها النصرة في حال أعلنت فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، تتمثل في نقطتين مركزيتين، الأولى احتمالية انشقاق عناصر عنها والتحاقهم بتنظيم "الدولة الإسلامية"، والثانية انشقاق عناصر آخرين وإعلان بيعتهم لتنظيم "القاعدة"، كون "مجلس الشورى"، منقسم بين مؤيد ومعارض لفك الارتباط، وفق ما وصل من تسريبات، وذكر في بداية التقرير.
حتى إذا أعلنت النصرة عن فك ارتباطها بالقاعدة، فإنها لن تغير كثيرًا من منهجها الإسلامي المتشدد، كونها تملك مشروعًا مختلفًا عن معظم الفصائل العسكرية المعارضة، على العموم كافة الفصائل، الإسلامية منها بشكل خاص، التي تملك وزنها العسكري، لديها مشاريعها الخاصة، ورؤيتها المختلفة لقيادة المجتمع، لكن النصرة هي الفصيل الأكثر ميلًا للصدام مع المختلفين معه وتصفية وجودهم العسكري إن أمكنها ذلك.
أخيرًا تعرف النصرة جيدًا، أنها إن أعلنت فك ارتباطها، أو بقيت تحت ذراع تنظيم "القاعدة"، ستكون على رأس القائمة التي يريد حلفاء دمشق استهدافها، أي أن ذلك لن يغير من تصنيفها شيء، غير أنه سيحدث انشقاقًا كبيرًا بين صفوفها، يمهد الطريق لوصول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى داخل معاقلها، ولعل هذا السبب الأبرز، الذي يجعلها تتأخر في كل مرة عن إعلان فك ارتباطها، آخر مرة تحدث عن ذات الموضوع، ظهر الجولاني مؤكدًا على تبعيتهم لتنظيم "القاعدة".
اقرأ/ي أيضًا: