أصدرت "دار سامح للنشر" في السويد، حديثًا، كتاب "جريمة اغتيال الكونت فولك برنادوت" للكاتب السويدي يوران بورين، ترجمة سامح خلف. وفيه، يقدّم بورين تقريرًا تاريخيًا يضيء على ظروف وخلفيات مقتل وسيط الأمم المتحدة في فلسطين، الكونت فولك برنادوت، أثناء مروره برفقة رئيس مراقبي الأمم المتحدة في فلسطين، الفرنسي أندريه بيير سيرو، في منطقة واقعة تحت سيطرة العصابات الصهيونية في مدينة القدس منتصف أيلول/ سبتمبر 1948.
يسلط الكتاب الضوء على خطة السلام التي اقترحها فولك برنادوت وشدد فيها على ضرورة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم
يتألف الكتاب الذي صدر للمرة الأولى عام 2012 من 16 فصلًا، موزعًا على 330 صفحة، يقدّم فيها يوران بورين تفاصيل دقيقة حول الظروف والأحداث التي سبقت، وتلت، اغتيال الكونت فولك برنادوت، الذي يُعتبر من الشخصيات المهمة في تاريخ القضية الفلسطينية.
اكتسب فولك برنادوت أهميته من معايشته لأحداث ما بعد نكبة 1948، ومحاولاته لإنهاء الحرب بين الدول العربية، فلسطين ضمنًا، وحكومة الكيان الصهيوني وعصاباته، بعد تعيينه وسيطًا بينهما من قبل مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في 20 أيار/ مايو 1948.
يركز كتاب يوران بورين على هذه المرحلة، حيث يستعرض دور فولك برنادوت في الأحداث السياسية والعسكرية التي أعقبت نكبة 1948، لا سيما دوره في وقف إطلاق النار بين الدول العربية وحكومة الكيان الصهيوني في 11 حزيران/ يونيو من العام نفسه.
ويسلط الكتاب الضوء على خطة السلام التي اقترحها فولك برنادوت، وشدد فيها على ضرورة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم، الأمر الذي أثار حفيظة المتطرفين الصهاينة، ودفع الصحف اليهودية إلى مهاجمته والتحريض عليه إلى أن قامت عصابة "شتيرن" المتطرفة باغتياله في 17 أيلول/ سبتمبر 1948.
يقدّم يوران بورين في كتابه كذلك سردًا لأبرز الأحداث التي سبقت اغتيال فولك برنادوت. ويستعرض، في الوقت نفسه، التحقيقات والشهادات التي ظهرت بعد عملية الاغتيال، وهي شهادات وتحقيقات تضيء على الكثير من تفاصيل ما جرى في فلسطين خلال تلك المرحلة.
ويكشف المؤلف أيضًا عن أسباب انحياز الرأي العام الغربي، والسويدي خصوصًا، إلى جانب الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، ويرى أن قادة الرأي العام ووسائل الإعلام ساهموا في خلق رؤية غير متوازنة حول ما جرى في فلسطين.
ويلفت المؤرخ السويدي إلى أن الصورة التي عمل هؤلاء على تكريسها، لم تتغير إلا بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، واحتلال الكيان الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى اشتداد حركة النضال الوطني الفلسطيني واتساع رقعته.
يتألف الكتاب من 16 فصلًا يقدّم فيها بورين تفاصيل دقيقة حول الظروف والأحداث التي سبقت وتلت اغتيال الكونت فولك برنادوت
ويفرد بورين كذلك حيزًا من كتابه لاستعراض الكيفية التي تعاطت بها الجهات الرسمية السويدية مع مقتل الكونت فولك برنادوت، بوصفه أحد أفراد العائلة المالكة، وحفيد ملك السويد والنرويج أوسكار الثاني.
ويخصص الكاتب جزءًا من مؤلَّفه لسرد أجزاءٍ من حياة برنادوت الشخصية، والإضاءة كذلك على دوره في تنظيم عمليات تبادل الأسرى خلال الحرب العالمية الثانية بين مختلف أطرافها، ناهيك عن إنقاذه أيضًا لعشرات آلاف السجناء من معسكرات الاعتقال والإبادة النازية من خلال عملية الإنقاذ الشهيرة التي تعرف باسم بعثة "الحافلات البيض".
يقول يوران بورين إنه استند في تأليف الكتاب إلى: "مجموعة من المواد والمصادر التي لم تُستخدم فعليًا لمدة 60 عامًا، والموجودة في أرشيف وزارة الخارجية. وهي تحتوي على شهادات ووثائق أخرى شكلت الأساس الذي اعتمده المدعي العام ماتس هويمان للتدقيق في التحقيق الإسرائيلي في مقتل الكونت فولك برنادوت. وهنا تبرز صورة أخرى مختلفة عن الصورة الشائعة حول المسؤول عن الاعتداء".
ويشير بورين إلى أن هذه القصة: "مثل جميع قصص الاغتيال السياسي، تستدعي بروز الكثير من التكهنات، مثل: هل عرف القتلة في أي سيارة وعلى أي مقعد كان برنادوت جالسًا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف علموا؟ وهل كانت هناك روابط سرية بين عصابة شتيرن والحكومة المؤقتة؟".