بعد تكرار نداءات الاستغاثة التي تطلقها بين الفينة والأخرى مغربيات عاملات في الخليج، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طالب حقوقيون مغاربة بحماية العاملات في دول الخليج وخاصة المغربيات منهن. وفي نفس السياق، توصل "الترا صوت" ببيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن العاملات يتعرضن لـ"ممارسات حاطة من كرامتهن". واعتبرت الجمعية ذاتها، أن الأمر يدخل في إطار الاتجار بالبشر، ويعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، يمس بالحق في الحياة والحرية والكرامة المتأصلة في الإنسان.
اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما تتعرض له العاملات المغربيات في الخليج اتجارًا بالبشر وانتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان
وتدافع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن رأيها بالقول إن "المواطنين المغاربة الذين يهاجرون بغرض العمل في بعض الدول الخليجية غالبًا ما يتعرضون للعمل القسري، أو يجبرون على ممارسات حاطة من كرامتهم، خاصة النساء منهن اللواتي يتم استغلالهن جنسيًا أو يتم تسخيرهن قسرًا لخدمة بعض الأسر في وضع أشبه بالعبودية".
اقرأ/ي أيضًا: التسول والاستغلال.. واقع لاجئات سوريات بالمغرب
ويضيف المصدر ذاته، أنه "رغم نداءات الاستغاثة التي تطلقها هؤلاء النسوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو الشكاوى التي يرفعنها للمسؤولين، فإن "السلطات المعنية لا تقوم بواجبها في حمايتهن أو تخليصهن من هكذا أوضاع"، داعية إلى ضرورة "تمتيع المواطنين المغاربة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية التي تضطرهم للهجرة للبحث عن لقمة العيش بعيدًا عن أهاليهم، وحماية كرامتهم والاهتمام بمشاكلهم". وطالبت الجمعية ذاتها بضرورة "العمل على تخليص المواطنات المغربيات ضحايا الاتجار بالبشر، خاصة بالخليج، ومساعدتهن على تجاوز المعاناة التي عشنها أو يعشنها بسبب استغلالهن".
وانتقدت الجمعية الحقوقية القانون الخاص بمكافحة الاتجار بالبشر، والذي صادقت عليه الحكومة المغربية مؤخرًا، مؤكدة أنه "لا يستجيب للمعايير الدولية، ويغيّب كل أشكال الحماية للضحايا في تكريس للواقع الحالي"، مطالبة بضرورة "إعادة النظر فيه ليتلاءم مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وليأخذ بعين الاعتبار مقترحات الجمعيات الحقوقية وملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان".
اقرأ/ي أيضًا: اغتصاب الأطفال في المغرب في ارتفاع.. إلى متى؟
ورغم مصادقة المغرب على العديد من العهود والاتفاقيات الدولية واتفاقيات منظمة العمل الدولية، خاصة ذات الصلة بالاتجار بالبشر، وتلك الخاصة بحقوق المهاجرين واللاجئين، فإنه يتم تسجيل، حسب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، "غياب سياسة عمومية منسجمة في المجال، وضعف أو عدم التزام الدولة بالتوصيات والملاحظات الختامية الصادرة عن الهيئات واللجان الأممية المختصة".
ويُذكر أنه في الآونة الأخيرة لجأت بعض المغربيات العاملات في دول الخليج، إلى نشر فيديوهات عبر "يوتيوب"، يحكين من خلالها آلامهن ووضعيتهن مع الكفيل، آخرها كانت سعاد علوش، وهي خادمة مغربية مقيمة في السعودية وتبلغ من العمر 40 سنة، وفيديو سعاد تناقلته عديد المواقع الإلكترونية المغربية وتفاعل معه نشطاء مغاربة بكثرة.
نشرت سعاد علوش فيديو تقول فيه إنها "محتجزة من طرف كفيلتها، وتعاني من استغلال وضرب وتنكيل"، وتبنى مرصد شمال لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية بالمغرب، قضيتها، حيث عبر في بيان له عن "استيائه مما حدث مع علوش واتهم قبل أشهر موظفين بالقنصلية المغربية بجدة بـ"التواطؤ" مع أسرة سعودية تتهمها مواطنة مغربية باحتجازها في ظروف قاسية والضغط عليها لتوقيع محضر يتضمن مغالطات بهدف إرغامها على التنازل مقابل إطلاق سراحها وعودتها إلى المغرب".
وُجهت عديد الانتقادات لقانون مكافحة الاتجار بالبشر في المغرب باعتباره لا يستجيب للمعايير الدولية
وقال المرصد إن سعاد علوش، البالغة من العمر 40 سنة، والتي قصدت السعودية للعمل لدى إحدى الأسر السعودية، قد "أصبحت تتعرض لشتى أنواع التنكيل والمعاملة القاسية"، مؤكدًا أن ذلك سرعان ما تحول إلى "احتجاز تعسفي وضغط من طرف مسؤولين بالقنصلية".
وحظيت "علوش" لحسن حظها بتفاعل عديد المنابر الإعلامية مع وضعيتها، لكن عديدات هن المغربيات ذوات الوضع المشابه، فعلى سبيل المثال، سيدة أخرى تحكي عن معاناتها مع كفيلتها وكيف قررت الهجرة إلى بلاد الخليج بسبب احتياجات ابنها الصغير. هذه السيدة التي لم تبح باسمها، تقول إنها "تعاني من حجزها بطريقة مهينة وضربها دون رحمة بالسعودية، وعدم إطعامها لأزيد من أسبوع"، مؤكدة أنها أطلقت نداءات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن من دون أن تباشر السلطات المعنية التحقيق في معاناتها. وتضيف السيدة ذاتها أنها "تطلب مساعدة الملك لأنه الوحيد الذي يقدر على إنقاذها من معاناتها"، حسب تعبيرها.
المعاناة تتعدد أسبابها لكن نتائجها واحدة: مغربيات محتجزات في بلدان الخليج، وأغلبهن في المملكة العربية السعودية. ابتسام الدكالي"، اسم لسيدة أخرى تحكي عن معاناتها بالسعودية، فتقول إن "الكفيل لفق تهمة لزوجها، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى الهرب لكي لا يسجن ليتخلى عنها هي وطفلتها"، من ذلك الوقت وهي تحاول العودة إلى المغرب لكن السلطات وبسبب الإجراءات المعقدة تمنع مغادرة طفلتها إلى أن يعود والدها ويوقع على ورقة تسمح بمغادرة الطفلة"، موضحة أنها "طرقت أبوابًا كثيرة لكن لا أحد ساعدها".
ويذكر أن الحكومة المغربية تجاوبت مع بعض هذه الدعوات عبر فيديوهات اليوتيوب التي أطلقتها خادمات مغربيات بالخليج، وأوقفت منذ فترة التصديق على وثائق الراغبات في العمل كخادمات بالمملكة العربية السعودية، عبر منشور لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون. وقد بررت الوزارة هذا القرار بغاية "تفادي المشاكل والوضعيات الصعبة التي تعاني منها بعض المواطنات المغربيات اللواتي يتم استقدامهن للعمل كخادمات منزليات بالمملكة العربية السعودية".
اقرأ/ي أيضًا: