الترا صوت - فريق التحرير
في الأيام الأخيرة بدت طموحات أبوظبي واضحة، ليس بحشر أنفها في كافة النزاعات العربية فحسب، لأن ذلك بات معروفًا، بل بتدخلها على جبهة أخرى هي جبهة تَديّن المسلمين بأوروبا الغربية.
في الفترة الأخيرة، سعت الإمارات في محاولات فاشلة إلى الاستحواذ على المساجد التابعة للمغرب في أوروبا
وهذا ما توضحه محاولة الإمارات الأخيرة للاستحواذ على إدارة شبكة المساجد الإسلامية بفرنسا، والتي لطالما دخلت في نطاق الإشعاع الروحي للمغرب، بما هو الإسلام الذي يمثل أكثرية الجالية المسلمة في هذه البلدان؛ مذهبيًا وعقديًا.
اقرأ/ي أيضًا: "صلاة" فجر فرق موت الإمارات.. أئمة مساجد اليمن قيد الاغتيال
وهكذا نشب احتكاك بين الإمارات والمملكة المغربية، في منافسة أعلنتها الأولى لتحسمها الثانية أخيرًا، مؤكدة سيادتها على النموذج الإسلامي في فرنسا.
ليس هذا التحرك الأخير إلا الشجرة التي تدرأ غابة من طموحات أبوظبي في هذا الشأن، من ناحيةٍ باستغلال ذريعة محاربة تنظيم الإخوان المسلمين، ومن ناحية أخرى تتجلى واضحة في تحرشها بالمذهب المالكي الذي تتبعه شعوب المنطقة المغاربية عمومًا. وطبعًا برصدها رساميل كبيرة لهذا الغرض، كفيلة بشراء ذمم العديد من وجوه الشأن الديني بهذه الدول.
محاولة فاشلة لشراء مسجد إيفري
القصة كما نشرها موقع "MondAfrique" الفرنسي، تبدأ ملابساتها منذ أول أيام رمضان الجاري، حيث احتضن مسجد إيفري بالضاحية الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس، حفل إفطار جماعيًا، كان أبرز الحاضرين فيه علي نعيمي، الوزير الإماراتي المكلف بالمجلس الدولي للأقليات الإسلامية. الأمر الذي أوقد جذوة الشكوك في طموح أبوظبي لبسط هيمنتها على الجالية المسلمة بفرنسا، بداية ببسطها داخل مجلس إدارة المسجد المذكور.
ثم زادت الشكوك مع عزم المدير الدائم للمسجد، خليل مرعون، على توسيع مجلس إدارته، بضم أعضاء جدد يدينون بالولاء إلى الإمارات العربية المتحدة، في إشارات سريعًا ما التقطتها السلطات المغربية، الأمر الذي دفع المدير المذكور إلى نشر بيان توضيحي، يقول إن "المسجد مغربي، يأتمر بأمر الدولة المغربية وحدها، وهكذا سيظل!". في حين نشرت مواقع قنصلية مغربية تقارير تعبر عن تشبث المملكة بمساجدها في أوروبا، ومقاومتها لكل تدخل في هذا الشأن من أي جهة أخرى.
فيما يوضح التقرير الصحفي الفرنسي إلى أن محاولة الاختراق الإماراتية هذه، والتي مرت تحت أنظار الأمين العام للمجلس الإسلامي الأوروبي، محمد بشاري الذي أصبح رجلًا من رجالها، استهانت بمقاومة المغرب المحتملة فخسرت المعركة.
حادثة أخرى
في حادثة أخرى، أحيا مسجد مدينة ليون الكبير، إفطارًا جماعيًا، كان ضيف شرفه هذه المرة السفير السعودي بفرنسا. وبينما الدبلوماسي السعودي يواجه إحراج الأسئلة حول الحرب على اليمن، والتي انهال عليه بها الحاضرون، لم يكن كمال كتبان، إمام ومدير المسجد، ليعبأ بذلك فيما كانت أحلامه تحلق في فلك أموال البترودولار السعودية كما يبدو، والوعد الذي قُدم له بتجييش مجموعة من خريجي الأزهر للتدريس في "المعهد الفرنسي للحضارة الإسلامية"، المؤسسة التي تم الانتهاء من تشييدها حديثًا، وهي تدخل تحت إدارة نفس الإمام.
طموحات أبوظبي الخطيرة
رغم ذلك لم تنته الإمارات وحلفاؤها عند هذا الحد، بل أخذت في تسجيل حضورها داخل المساجد الفرنسية، بتجييش عدد كبير من أئمة موالين لها وزرعهم داخل تلك المساجد. خصوصًا التي تصنف تحت خانة السلفية، في خطوة إستراتيجية محسوبة: إما أن تستخدمها لصالحها، أو تتاجر بها لدى الاستخبارات الفرنسية. يقول تقرير MondAfrique.
عبر هذا التحرك، يصبو الإماراتيون إلى نقل حمى حربهم ضد الإسلاميين، إلى أوساط الجالية في أوروبا والتي هي في غنى عنها. بل وتتعدى ذلك إلى الإعلان بجسارة محاربة المذهب المالكي، المدرسة الفقهية التي تدين بها غالبية الجالية الإسلامية، خصوصًا المغاربة منهم، في الدول المعنية بالمخطط.
يصبو الإماراتيون إلى نقل حمى حربهم ضد الإسلاميين إلى أوساط الجالية المسلمة في أوروبا، وتتعدى ذلك إلى محاربة المذهب المالكي
حرب على المذهب المالكي، يقول مقال لموقع "Maghreb Intelligence"، هي حرب بشكل أكبر على الدور الديني الذي يتولاه المغرب في المنطقة، وبشكل أقل على حركة النهضة التونسية. في وقت تيسر لها الأمر باستعمال المال لاستمالة المسؤولين عن الشأن الديني وسط الجالية، وعلى ما يظهر، يوجد العديد ممن استجابوا لهذا الإغراء.
اقرأ/ي أيضًا: