28-سبتمبر-2024
حسن نصر الله

(Getty) تطابق بين سيرة حزب الله وحسن نصر الله على امتداد 40 عامًا

ولد نصر الله لعائلة قادمة من جنوب لبنان، كان والده يعمل بقّالًا، وعاش في أحد أفقر أحياء بيروت مع عائلات لبنانية وسورية وفلسطينية. وعلى مدار عمره، عاصر تحولات عديدة في لبنان والمنطقة، من طفل عاش الحرب الأهلية اللبنانية مبكرًا إلى قائد أكبر المجموعات المسلحة في العالم؛ بهذه الطريقة يمكن إيجاز حياة الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.

ضمن مسار شائك ومعقد، مع ارتفاع وهبوط، جمع حسن نصر الله بين طموحه في أن يكون رجل دين إلى جانب كونه شخصية سياسية صارت من الأكثر تأثيرًا في المنطقة طوال سنوات. في مقابلة معه، يقول: "منذ أن كنت في التاسعة من عمري، كانت لدي خطط لليوم الذي سأبدأ فيه القيام بهذا، عندما كنت في العاشرة أو الحادية عشرة من عمري، كانت جدتي ترتدي وشاحًا. كان أسود اللون، ولكنه طويل. اعتدت أن ألفه حول رأسي، وأقول لهم إنني رجل دين، ويجب أن تصلوا ورائي".

أكثر من 40 عامًا، تتداخل فيها سيرة حسن نصر الله مع مسار حزب الله، ضمن مسار طويل وشائك

كانت هذه طموحات نصر الله الأولى، لكن مساره المتعرج والطويل أخذه إلى ما هو أبعد بكثير من طموحاته الأولى، فشهد على تحولات عميقة في لبنان والمنطقة، وشارك في صناعة الكثير منها، وقاد واحدًا من أحدث الأحزاب السياسية في لبنان ليصبح قوة إقليمية.

ولد حسن عبد الكريم نصر الله، في 31 آب/أغسطس 1960، في حي "شرشبوك" وعاش بين برج حمود وحي الكرنتينا الفقير في بيروت. يعود أصل حسن نصر الله إلى بلدة البازورية، التي تقع في جنوب لبنان، إذ انتقل والده منها للعمل هناك. يُعدّ حسن نصر الله الابن الأكبر سنًا من عائلة مكونة من ثلاثة أشقاء وخمس شقيقات. تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة "الكفاح"، وتابع دراسته المتوسطة في مدرسة "الثانوية العامة" في منطقة سن الفيل ذات الأغلبية المسيحية. ووصف حي "شرشبوك" الذي ولد عاش فيه، خلال مقابلة بـ"حي الفقراء، وعاش فيه مسلمون شيعة وسنة ومسيحيون وأرمن وأكراد"، وأضاف: "ولدت وعشت في بيئة مختلطة ومتنوعة"، وهناك تعرف على معاناة اللجوء الفلسطيني، كما قال.

مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، عندما كان حسن نصر الله في عمر 15 عامًا، عاد إلى بلدته البازورية، التي كانت معقلًا شيوعيًا، واستكمل دراسته فيها، كما انضم إلى حركة أمل، التي صار مندوبها في البلدة، قبل انتقاله إلى النجف بالعراق للدراسة في الحوزة العلمية فيها، وهناك تعرف على عباس الموسوي، الأمين العام الثاني لحزب الله، والذي خلفه حسن نصر الله بعد اغتياله. لم يمكث حسن نصر الله طويلًا في العراق، وعاد إلى لبنان بعد تضييق من النظام العراقي السابق على الحوزات الدينية، والتحق في حوزة دينية في بعلبك، كانت تتبع آية الله محمد باقر الصدر، وأسسها عباس الموسوي، كما درس دينيًا في مدينة قم في وقت لاحق.

برز حسن نصر الله سريعًا في حركة أمل، وبعد مسؤولية حركة أمل في بلدة البازورية، وبعد عودته من الدراسة في العراق استأنف نشاطه السياسي والتنظيمي في الحركة، إذ عين سنة 1979 مسؤولًا سياسيًا لمنطقة البقاع وعضوًا في المكتب السياسي، وبالطبع كان متأثرًا في موسى الصدر حينها.

حسن نصر الله في الأيام الأولى من صعوده في يوم القدس في ضاحية الأوزاعي في جنوب بيروت 15 يونيو 1986.jpg
حسن نصر الله في الأيام الأولى من صعوده في يوم القدس في الأوزاعي في جنوب بيروت 15 يونيو 1986 (getty)

كان العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 1982، لحظة انشقاق لحسن نصر الله ومجموعة كبيرة من أعضاء حركة أمل، نتيجة خلافات سياسية داخل الحركة حول مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، إذ كان موقف الحركة أكثر مهادنة تجاه إسرائيل، بينما رفض نصر الله ومجموعات عدة، كانت متأثرة بشكلٍ أكبر في إيران أو الخميني، هذا الموقف، مما دفعه للانضمام إلى الخلايا الأولى لحزب الله، وفيها صار مسؤولًا عن منطقة البقاع، وكان مسؤولًا عن التجنيد وتأسيس الخلايا العسكرية.

تولى نصر الله، مهمة نائب مسؤول منطقة بيروت في حزب الله عام 1985، وسريعًا صار مسؤولًا للمدينة الهامة في تشكيل حزب الله، والتي يوجد فيها أحد أبرز معاقل الحزب، أي ضاحية بيروت الجنوبية، كما تولى منصب المسؤول التنفيذي لحزب الله، الذي يُكلف في متابعة تنفيذ وتطبيق قرارات مجلس شورى حزب الله.

بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي، في قصف إسرائيلي، في شهر شباط/فبراير 1992، انتخب مجلس شورى حزب الله، العضو الأصغر سنًا فيه، حسن نصر الله لقيادة الحزب. وفي جنازة الموسوي قال نصر الله: "سنستمر في هذا الطريق.. حتى لو استشهدنا جميعًا، وهدمت بيوتنا فوق رؤوسنا، لن نتخلى عن خيار المقاومة الإسلامية".

حسن نصر الله يوم عاشوراء صدره 10 تموز 1992 في الضاحية الجنوبية.jpg
حسن نصر الله، بعد توليه منصب الأمين العام لحزب الله، في يوم عاشوراء، 10 تموز/يوليو 1992 في الضاحية الجنوبية لبيروت (getty)

استراتيجية نصر الله في الشريط الأمني

قاد نصر الله حزب الله في أبرز معارك الحزب ضد إسرائيل، إذ كان أمينه العام في معارك نيسان/أبريل 1996، أو المعروفة إسرائيليًا باسم "عناقيد الغضب"، إذ كانت جولة من الاشتباكات المتبادلة عبر الحدود، وانتهت في أول تفاهم بين إسرائيل وحزب الله، وكان تفاهمًا غير مكتوب، لكنه وصفه بأحد أبرز إنجازات حزب الله حينها. 

يشار إلى أن جيش الاحتلال قتل نجل نصر الله هادي في 12 أيلول/سبتمبر 1997، واحتجز جثمانه لمدة عامين. وفي مقابلة صحفية، تحدث عن استشهاد نجله هادي، وكيف وصل إليه الخبر، ويقول: "عندما كانت تدخل مجموعات إلى الشريط المحتل، وبحكم مسؤوليتي في المقاومة كنت على علم مسبق، وأواكب المعلومات عن المجموعات عبر المسؤول المباشر. وعندما تتأخر عودة الشباب من العمليات يخبرونني إذا لا يزال هناك اتصال أو تم فقدان الاتصال. وفي الليلة التي دخلت فيها المجموعة لم يكن لدي علم بأن الشهيد هادي ضمن المجموعة. تأخرت  المجموعة في العودة. لاحظت اهتمام مسؤول العمليات بتتبع أخبار المجموعة، وهذا لفتني إلى أن هناك أمرًا ما، بالعادة تدخل مجموعات كثيرة للشريط المحتل، هناك من يعود وهناك من يستشهد، أخبرته هل هناك شيء خاص فأخبرني لا. فجرًا اتصل وقال لي إن المجموعة لم يعد منها إلا فرد واحد والباقي استشهدوا، ومن بينهم هادي. لم يكن العائد على يقين بمصير باقي المجموعة لأنه كان جريحًا، وانتظرنا لعصر ذلك اليوم لنتأكد من الخبر بعد عرض التلفزيون الإسرائيلي صور جثث الشهداء الثلاثة، وكان من بينهم هادي".

ووقف نصر الله وراء استراتيجية حزب الله، باستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه داخل الشريط الأمني الإسرائيلي الذي كان في منطقة جنوب لبنان، والذي تكثف بشكلٍ كبير في أعوام التسعينيات، وانتهى بانسحاب إسرائيل من لبنان في أيار/مايو 2000. حينها، قبل أربعة وعشرين عامًا، وصل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى بلدة بنت جبيل اللبنانية الصغيرة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية، بعد يوم من انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. كان نصر الله في نهاية الثلاثينات من عمره، ومضى على قيادته لحزب الله أقل من 10 أعوام، وقدم خطابًا صار يقتبس كثيرًا، سواء من نصر الله نفسه، أو حتى فيه إسرائيل نفسها، إذ قال فيه إن إسرائيل "أوهن من بيت العنكبوت"، فيما تحول خطابه إلى "نهج حزب الله العام".
 

أولوية تبادل الأسرى

بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وضع حسن نصر الله أولوية تبادل الأسرى على أجندة حزب الله، وفي عام 2004 كان لنصر الله دور أساسي في عملية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل. وعلى هذا الأساس، قاد نصر الله تنفيذ قرار مجلس شورى حزب الله، بتنفيذ عملية أسر جنود من الجيش الإسرائيلي، من أجل استعادة الأسير سمير القنطار، الذي رفض الاحتلال إطلاق سراحه في الصفقة السابقة.

وقال نصر الله عن عملية الأسر: "أساسًا، القرار بأسر جنود إسرائيليين كان قد اتخذ في شورى حزب الله قبل أشهر من تنفيذ العملية. في آلية العمل لدينا، عندما تتخذ الشورى قرارًا من هذا النوع، يحوّل الإجراء والتنفيذ إلى المجلس الجهادي الذي يرأسه، بحسب نظام الحزب، الأمين العام. على المستوى التنفيذي، نوقش الأمر في المجلس الجهادي من جهات عدة، كاختيار المكان المناسب لتنفيذ عملية ناجحة، الزمان، التكتيك، خطة العمليات، المشاركون، إدارة العملية، وردود الفعل المحتملة والاحتياطات التي يجب اتخاذها.. وتنفيذها استغرق أشهر".

حسن نصر الله خلال خطاب بنت جبيل أوهن من بيت العنكبوت.jpg
حسن نصر الله خلال خطاب بنت جبيل بعد انسحاب الاحتلال من جنوب لبنان (getty)

كانت حرب تموز/يوليو 2006 من أبرز اللحظات في حياة حسن نصر الله، إذ كانت في وقتها الحرب الأطول في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، وارتفعت شعبية نصر الله عربيًا، نتيجة الصمود اللبناني في وجه جيش الاحتلال، وفشل أهداف العدوان على لبنان، خاصةً مع نهاية الحرب دون اغتياله، وتمسك حزب الله بالأسرى، إذ تمكن من تنفيذ صفقة تبادل للأسرى في عام الـ2008. 

وفي مقابلة أجريت معه في عام 2006 لصحيفة "واشنطن بوست"، وصف نصر الله كيف تشكلت معتقداته عندما شاهد "ما حدث في فلسطين، وفي الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وفي الجولان، وفي سيناء"، وعندها أدرك: "لا نستطيع الاعتماد على دول جامعة الدول العربية، ولا على الأمم المتحدة... والطريقة الوحيدة المتاحة لنا هي حمل السلاح ومحاربة قوات الاحتلال".

رغم أهمية حرب 2006 في مكانة وشعبية حسن نصر الله، إلّا أن أحد أبرز خطاباته حول هذه الحرب كان بعد نهايتها، وعرف إعلاميًا تحت عنوان "لو كنت أعلم"، إذ قال فيه: "لو كنت في 11 تموز، لو كنت أعلم أن عملية الأسر تحتمل ولو 1% أن توصل لحرب كالتي حدثت، بتروح تعمل عملية الأسر؟ بقول لا، قطعًا لا". وخلال الحرب نفسها، كان خطابه الأبرز على قناة المنار "انظروا إليها تحترق"، في إشارة إلى بارجة إسرائيلية كانت قبالة بيروت، تمكن حزب الله من استهدافها بصاروخ موجه، وكانت من أبرز أحداث الحرب العسكرية، بالإضافة إلى تهديده المستمر بـ"قصف حيفا وما بعد حيفا".

وعن ظهوره وإطلالاته بعد حرب تموز، يقول نصر الله، في مقابلة صحفية: "بعد عام 2006، صار لكلّ كلمة وكلّ حرف وكلّ طلة حساب، وباتت تُبنى على الخطاب مواقف، وله تبعات. صار الخطاب مراقبًا بشكل كامل وهناك متابعة له من الصديق والعدو..". وعن السائد بأن خطاباته مرتجلة لا يعدها مسبقًا، قال نصر الله: "لا، ليس الأمر كذلك. أنا لا أخرج وأقول ما أريده من دون ضوابط ونقاش، خصوصًا في الخطابات الحساسة والتي يكون فيها اتخاذ مواقف. في النهاية هناك شيء له علاقة بأصل تركيبة حزب الله. الأمين العام ليس قائد حزب الله، وهو ليس صاحب القرار في حزب الله. القرار السياسي يؤخذ بشكل أساسي في الشورى القرار... طبعًا الأمين العام شريك مؤثّر في اتخاذ القرار، لكنه ليس من يتخذه".

نصر الله خلال خطاب في حرب تموز.jpg
نصر الله خلال خطاب في أيام من نهاية حرب تموز 2006 (getty)

وفي أيار/مايو 2008، كانت مواجهة حسن نصر الله الداخلية الأولى البارزة، إذ اندلعت اشتباكات في العاصمة اللبنانية بيروت بين حزب الله والأحزاب الحليفة معه، وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، على خلفية صدور قرارات بمصادرة شبكة اتصالات حزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت. وهي اشتباكات انتهت في اتفاق الدوحة، الذي جرى فيه التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتوافق على قانون انتخاب جديد. وكانت المحصلة، جولة جديدة لحزب الله، عزز فيها من قوته، وخسر جزءًا من شعبيته، وربما كانت مقدمة للمرحلة التالية.

الهزة

تعرضت صورة حسن نصر الله إلى هزة، مع انطلاق ثورات الربيع العربي عام 2011، إذ وقف نصر الله إلى جانب النظام السوري، ثم أقر في نيسان/أبريل 2013، بالمشاركة العسكرية إلى جانب النظام السوري في قمع الثورة السورية، بعد دخوله إليه تحت عنوان حماية المناطق الحدودية والمراقد الدينية. وعمل نصر الله في خطابه، طوال سنوات، على تعزيز ما عرف باسم "محور المقاومة"، في تبريره لانخراطه في الاستقطابات العربية والداخلية في دول غير لبنان.

ولكن عودة إلى داخل لبنان، بعد 10 أعوام من تأسيس حزب الله، وتحديدًا في عام 1992، انخرط حزب الله سياسيًا في لبنان للمرة الأولى، كان هذه القرار الأول لحسن نصر الله كأمين عام، وشارك حزب الله في انتخابات مجلس النواب، وكانت مدخلًا للمنافسة السياسية في لبنان، إذ تحول في مسار تدريجي إلى أبرز قوة سياسية في لبنان، وحصل على أكبر عدد من الأصوات في تاريخ لبنان الحديث خلال الانتخابات عام 2018.

هل كان نصر الله معزولًا عن العالم؟ في مقابلة صحيفة، قال إنه كان يحب ويلعب كرة القدم في شبابه، قبل وبعد وضع العمامة، وكان يشجع البرازيل في غالب الأحيان، رغم ميله أحيانًا أخرى إلى الأرجنتين. كما أشار إلى أنه كان يقرأ ملخصات عن مواقع التواصل الاجتماعي، وقرأ في شبابه الكثير من الروايات، وفي أحيان كثير "يُقلب القنوات على التلفاز". أمّا عن قيادته المركبات، فهو أمر انتهى عام 1986، مثل اللغة الإنجليزية التي كان يتقنها، والآن يفهمها ولا يتحدث بها. أمّا عن معرفته في بيروت والضاحية، قال: "أنا لست غائبًا عن الضاحية، وأعرف تفاصيلها. يروّج الإسرائيلي لفكرة ما، ويساعده على ترويجها بعض الإعلام العربي، مفادها بأنني مقيم في ملجأ، بعيدًا عن الناس، فلا أراهم ولا أتواصل معهم، ومنقطع حتى عن إخواني. أنا لا أقيم في ملجأ، والمقصود بالإجراءات الأمنية هو سريّة الحركة، ولكن هذا لا يمنعني نهائيًا من أن أتحرك وأتجول وأتعرّف وأرى كل ما يحصل. المشكلة تكمن في أن يراني الآخرون. ولذلك أنا مطلع على مشهد الضاحية وبنائها وأماكن التقدم والتأخر، وماذا يحصل في الجنوب، وفي البقاع بالتحديد".

حسن نصر الله خلال تشييع نجله.jpg
حسن نصر الله خلال تشييع نجله الشهيد هادي (getty)

المعركة الأخيرة

في 8 تشرين الأول/أكتوبر، انخرط حزب الله في مواجهة جيش الاحتلال، بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ بدأ حزب الله في استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى إخلاء 60 ألف إسرائيلي من منازلهم على الحدود الشمالية. وجاء الخطاب الأول لحسن نصر الله، خلال هذه المواجهة، في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وخلالها ثبت نصر الله المواجهة ضمن قواعد الاشتباك القائمة، إذ أكد نصر الله مرات عديدة على كون جبهة لبنان هي "جبهة إسناد لقطاع غزة".

ثبت نصر الله، انخراط حزب الله بالحرب، كـ"جبهة إسناد لغزة"، وعلى مدار خطاباته تمسك في هذه الفكرة، مشيرًا إلى أن قرار التفاوض وتوقف الحرب، يرتبط بوقفها على قطاع غزة، وعلى مدار الحرب كان نصر الله حاضرًا في اغتيال قيادات عدة من حزب الله، أبرزهم وسام الطويل، ومحمد سامي طالب، ومحمد نعمة نصر، وصولًا للاغتيال الأبرز لفؤاد شكر، الذي كان مقربًا بشكلٍ من نصر الله، وقال نصر الله إنه تحدث معه قبل ساعة من اغتياله، أمّا حضوره الإعلامي الأخير، فقد كان بعد تفجيرات أجهزة "البيجر"، ولم يخرج في كلمة كانت معتادة بعد اغتيال قيادات حزب الله، بعد استهداف إبراهيم عقيل وأحمد محمود وهبي، ومجموعة كبيرة من قادة قوة الرضوان في ضاحية بيروت الجنوبية.

خطاب نصر الله
خطاب حسن نصر الله الأخير بعد تفجير أجهزة "البيجر"

على امتداد سنوات، كان حسن نصر الله يتوعد إسرائيل في قصف تل أبيب، ويلوح لها بالصواريخ الدقيقة، وفي يوم الأربعاء الماضي، قصف حزب الله لأول مرة في تاريخه، تل أبيب.

من أحد أحياء بيروت الفقيرة، خرج نصر الله، في مسار طويل، حط خلاله في محطات كثيرة، وشهد تحولات كبيرة، فيما كانت النهاية، عودة إلى بيروت نفسها، في قصف إسرائيلي على ضاحيتها، مساء الجمعة، يوم 27 أيلول/سبتمبر. إذ أكدت حزب الله اغتياله من قبل إسرائيل، قائلة: إنّ "قيادة حزب الله تعاهد الشهيد ... أن تواصل جهادها في مواجهة العدو وإسنادًا لغزة وفلسطين ودفاعًا عن لبنان وشعبه الصامد".