شهد عام 2018 العديد من الأحداث الثقافية في العراق. وحين يوشك على الانتهاء تبدو جردة الحساب عملًا شاقًا، يتمزّق فيه المرء بين الفرح والأسى، التفاؤل والإحباط. ذلك أن أجندة الأحداث شهدت نجاحات لافتة فنيًا وأدبيًا، وفي الوقت نفسه سجلت خسارات كبيرة تمثّلت في رحيل علامات ثقافية بارزة.
معرض بغداد الدولي للكتاب
في نهاية آذار/مارس الماضي انطلق معرض بغداد الدولي للكتاب بمشاركة 600 دار نشر وبنظام خلا من حظر أي مطبوع خلال المعرض، على غير عادة معارض الكتاب في الكثير من العواصم العربية.
خلا معرض بغداد الدولي للكتاب في 2018 من من حظر أي مطبوع خلافًا للكثير من العواصم العربية
شهد هذا المعرض واحدة من أسرع عمليات إلغاء الأوامر الوزارية في البلاد منذ عام 2003، عندما قرر مدير أرض معرض بغداد الدولي فرض رسم دخول قدره 1000 دينار (حوالي 80 سنتًا) عراقي على زوار معرض الكتاب، ليجابه بموجة اعتراض كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحرك سريع من قبل القائمين على المعرض والممولين له، الذين قالوا بتصريحات صحفية إن هذا القرار غير قانوني، لا سيما بعد تأجير أجنحة المعرض للدور المشاركة ومنح عوائد التأجير للجهات الحكومية المنظمة، ليتم الإعلان عن إلغاء هذا القرار خلال ساعات قليلة.
اقرأ/ي أيضًا: أن تكون في بغداد
جوائز في مختلف الحقول
شهد عام 2018 فوز عدد من الكتاب العراقيين بجوائز عربية وعالمية ملفتة، اختلفت الأوساط الثقافية بشأن بعض الكتب ومدى استحقاقية الفائزين بهذه الجوائز، كما أشعلت جدلًا حادًا حول المعايير الفنية والجمالية، ومدى تطور المفاهيم بهذا الخصوص، التي كانت نتيجة إيجابية أخرى إلى جانب الجوائز والترشيحات التي تلقاها كتاب عراقيون.
شهد العام فوز فلمين عراقيين بالكثير من الجوائز الدولية، ما يعيد العراق إلى ساحة المنافسة السينمائية من جديد وبقوة. الفيلم الأول هو "تورن" للمخرج العراقي الأيزيدي نوزاد شيخاني، الذي يتحدث عن تاريخ الإيزيديين ومعاناتهم في العراق. حصد الفيلم 25 جائزة دولية، منها جائزتا "أفضل فيلم" و"أفضل سينماتوغراف" في مسابقة الأفلام الروائية الأجنبية الطويلة في مهرجان هوليوود الدولي للأفلام السينمائية، وتوج بجائزة المخرج الفرنسي جين لوك غودار التي قُدمت من مجلة النقد السينمائي التي تصدر من مؤسسة "جوائز النقد السينمائي"، بالإضافة إلى جوائز من بريطانيا وتشيلي والهند وروسيا وإيطاليا.
الفيلم الآخر هو فيلم "الرحلة" للمخرج العراقي محمد الدراجي، الذي يتحدث عن امرأة انتحارية جسدت شخصيتها الممثلة زهراء غندور. وحصد الفيلم 6 جوائز دولية، أهمها جائزتان من مهرجان السينما العربية في باريس.
أما على صعيد الكتب، فقد دخلت النسخة الإنجليزية من رواية "فرانكشتاين في بغداد" للروائي العراقي أحمد سعداوي القائمة القصيرة لجائزة "مان بوكر" البريطانية العالمية للرواية.
وفازت الكاتبة البولندية أولغا توكارتشوك بالجائزة، لكن وصول سعداوي إلى مرحلة التنافس مع أربعة متنافسين فقط كان إنجازًا كبيرًا للسرد العراقي في الملتقيات الأدبية العالمية.
وكان أحمد سعداوي قد فاز بجائزة البوكر للراوية العربية عن روايته نفسها، عام 2014، ليكون أول عراقي يفوز بالجائزة.
ومن ضمن ترشيحات عام 2018، هو وصول رواية الكاتبة شهد الراوي "ساعة بغداد" إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، الأمر الذي أثار لغطًا كبيرًا في الوسط الثقافي العراقي، حول حقيقة استحقاقها لهذا الترشيح.
تمكنت "ساعة بغداد" بنسختها الإنجليزية من الفوز بجائزة أدنبرة الدولية للكتاب الأول، الذي يعتمد تصويت زوار معرض الكتاب إلكترونيًا على مجموعة من الإصدارات الأولى للكتاب، ليفوز الحائز على أكبر نسبة تصويت من الجمهور.
كما حصل القاص والروائي العراقي ضياء جبيلي، نهاية عام 2018، على "جائزة الملتقى للقصة القصيرة"، والتي تمنحها سنويًا الجامعة الأمريكية في الكويت، عن مجموعته القصصية "لا طواحين هواء في البصرة"، وهي قصص تتناول الحرب بأسلوب ساخر.
عام الوفيات
شهد العام الموشك على الانقضاء موت عالم الاجتماع فالح عبد الجبار، والروائي سعد محمد رحيم، والشاعر عريان السيد خلف، ليكون عامًا قاسيًا بقائمة وفياته على الثقافة العراقية.
يمثل عبد فالح عبد الجبار قيمة ثقافية مهمة بمؤلفاته وترجماته في نطاق علم الاجتماع والسياسة والدين والمجتمع المدني، كما كان له دور مهم في دراسة الحركات الاحتجاجية في العراق، قبل أن توافيه المنية في 26 شباط/فبراير، في إحدى مستشفيات العاصمة اللبنانية بيروت.
شهد العام الموشك على الانقضاء رحيل علامات في الثقافة العراقية: عالم الاجتماع فالح عبد الجبار، والروائي سعد محمد رحيم، والشاعر عريان السيد خلف
لم تمر سوى 41 يومًا ليُعلن عن وفاة الروائي سعد محمد رحيم، الذي كان قد وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر في العام الماضي عن روايته "مقتل بائع الكتب". انشغل رحيم بالكتابة الفكرية إلى جانب الإبداعية وعرف بكتابين هما: "استعادة ماركس" و"المثقف الذي يدس أنفه".
اقرأ/ي أيضًا: بغداد مدينة الكتب
وفي الخامس من كانون الثاني/ديسمبر الحالي أنهى عام 2018 حصاده الثقافي بخبر وفاة الشاعر الشعبي عريان السيد خلف، صاحب "تل الورد"، الذي يعتقد الراحل عبد الرحمن الابنودي إنه أهم شاعر شعبي عربي وكان قد وصفه بـ"ابن الجنية".
دور نشر جديدة
كما شهد عام 2018 افتتاح العديد من دور النشر، الأمر الذي كان حدثًا بارزًا للمهتمين بالشأن الثقافي، وذا تأويلات عدة حول إن كانت هذه الظاهرة إيجابية أم سلبية. فرأى فريق أن انتشار دور النشر يعزز المنافسة ويطور من نوع الكتاب المطبوع وملاحقة العناوين المهمة، فيما رأى فريق آخر أن الأمر أصبح تجارة تسيء إلى نوعية الكتاب المطبوعة ما دام كتّابها يدفعون ثمن الطباعة، وهو الأمر الذي لا تراعى فيه الجودة، بل يتم التعامل مع كلفة مطبوعات بحسب مواصفات الكتاب من حيث نوعية الغلاف والورق وعدد الصفحات.
ومن أبرز دور النشر التي تم افتتاحها في عام 2018، دار "معنى" للطباعة والنشر، والتي يديرها الكتبي أحمد الراضي، ودار "نابو" للطباعة والنشر والتي يديرها الروائي أحمد سعداوي.
اقرأ/ي أيضًا: