في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو 1978، احتشد أكثر من 71 ألف متفرّج في ملعب المونيمينتال بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، من أجل أن يحكوا للأجيال اللاحقة أنهم كانوا شاهدين على التتويج الأوّل بالأرجنتين بكأس العالم، أو هكذا كانوا يأملون.
كانت الجماهير الأرجنتينية بحاجة لفوز فريقها على منتخب هولندا في نهائي كأس العالم، هذا الانتصار لو تحقق سيضع البسمة على وجوهها بعد سنوات من الدموع والقهر إثر ظروف البلاد وحالة القمع السائدة، بعدما تولى خورخي فيديلا السلطة إثر انقلاب عسكري دامٍ، راح ضحيته الآلاف من المدنيين.
فيديلا كان من أبرز الحاضرين في المنصة الرئيسية بالملعب، وفي الوقت نفسه كان الآلاف من الأرجنتينيين يقبعون في مراكز الاعتقال والتعذيب، وربما في هذه اللحظة فقط، اتفق الجميع على أمل واحد، وهو الفوز بكأس العالم، فيديلا أراد ذلك من أجل الترويج لحكمه، والشعب ودّ لو تسترجع وجناته بعضًا من حركاته الطفولية، من خلال اكتساب فرحة طال غيابها لسنوات.
فازت الأرجنتين على هولندا بصعوبة وبعد التمديد، لينتهي اللقاء الماراثوني بتتويج الأرجنتين بكأس العالم لأوّل مرّة في تاريخها، وعندما عانق اللاعب ألبيرتو تارانتيني زميله الحارس أوبالدو فيلول تسرّب من الجماهير شابٌ مبتور الذراعين، وحاول أن يضمهما في مشهد عاطفي جدّاً، وما لبث أن انضم للّاعبين المتعانقين وعانقهما بصدره.
يقول تارانتيني "عندما عانقنا هذا الشاب بهذه الطريقة شعرنا أن الشعب الأرجنتيني بأسره يعانقنا". تم تصوير هذه اللقطة الشهيرة عبر ريكاردو ألفيري، وحازت على العديد من الجوائز الصحفية، وسمّيت باسم "معانقة الروح"، بعد ذلك بـ36 عاماً وتحديداً عام 2014 أعدّت شركة كوكا كولا مفاجأة لصاحب الذراعين المبتورتين واسمه ديل أكويلا، فنظّمت زيارة مفاجئة لتارانتيني وفيلول إلى ديل أكويلا وهما يحملان الكأس إليه.