كشف موقع "سيمافور" عن محادثات تدور بين عدد من كبار المستثمرين الأمريكيين لإطلاق حملة إعلامية ضخمة تقدر كلفتها بزهاء 50 مليون دولار، تهدف إلى حشد المزيد من الدعم لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي والتأكيد على أن يعرف الأمريكيون حركة حماس باعتبارها "منظمة إرهابية معادية لإسرائيل وللولايات المتحدة معًا".
يقف وراء الفكرة الملياردير الأمريكي "باري ستيرنليشت"، والذي وضع خطابًا اطلع "سيمافور" على نسخة منه، حاول عبره مناشدة خمسين كبار المستثمرين في الولايات المتحدة وخارجها لكي يتبرع كلّ منهم بمليون دولار أمريكي، لصالح حملة منظّمة لمواجهة التعاطف المتزايد مع القضية الفلسطينيية في الولايات المتحدة.
وبحسب الرسالة الإلكترونية، فإن باري ستيرنليشت، المستثمر في قطاع العقارات والذي تقدر ثروته بحوالي 4 مليارات دولار، قد تواصل مع ديفيد سازلاف، الرئيس التنفيذي في شركة "وارنر بروز" المالكة لشبكة سي أن أن، وخاض معه "نقاشًا عظيمًا" حول هذه الحملة. كما جاء في الرسالة أن بعض كبار العاملين في مجال الإعلام والدعاية العامة والاستشارات والترفيه، ومن بينهم الرئيس التنفيذي لشركة "إنديفور"، قد رحبوا بفرصة العمل على تنسيق الحملة التي تهدف لدعم إسرائيل وصورتها لدى الرأي العام الأمريكي.
وفي الوقت الذي تتكشّف فيه المزيد من الجرائم الإسرائيلية في غزّة، والتي راح ضحيتها أكثر من 11،000 من المدنيين، نصفهم تقريبًا من الأطفال، وما رافق ذلك من حراك تضامنيّ واسع مع الفلسطينيين في الولايات المتحدة وعشرات الدول الغربيّة التي تعتمد إسرائيل على دعم حكوماتها، فإن الحملة وكما توضح الرسالة، تسعى إلى مواجهة هذا التحوّل في الرأي العام، وتقويض التعاطف مع الفلسطينيين، و"استعادة السيطرة على السرديّة" بحد تعبير ستيرنليشت.
ففي إحدى فقرات الرسالة التي وصلت نسخة منها إلى خمسين مديرًا تنفيذيًا في مختلف قطاعات صناعة الإعلام والترفيه والدعاية والعلاقات العامة، قال ستيرنليشت: "ستهدف الحملة إلى التمييز بين معاداة السامية والوضع الفلسطيني، وذلك لأن الرأي العام لا بدّ أن يشهد تحولًا في ظل المشاهد- الحقيقية أو المفبركة من طرف حماس- والتي تعرض معاناة الفلسطينيين، وهو ما من شأنه أن يؤثّر على مستوى التعاطف الحالي مع إسرائيل في المجتمع العالمي".
وبحسب "سيمافور"، وهو موقع صحفي أنشأه الصحفي الأمريكي المعروف "بين سميث"، الرئيس التنفيذي السابق في موقع "باز فيد"، فإن الحملة في حال الاتفاق عليها وحشد الدعم لتنفيذها، قد تكون ذات فائدة لصالح الدعاية الإسرائيلية في الولايات المتحدة، ولاسيما وأن مجموع ثروات الشخصيات التي تمّ توجيه الدعوة إليها للمساهمة بها يبلغ حوالي 500 مليار دولار أمريكي.
إلا أنّه ليس من الواضح بعد إن كان جميع من وجّهت إليهم الرسالة قد انضمّوا إليها، إذ لم يصدر عن الشركات التي يمثلونها أي مؤشّر على ذلك، كما لم يتحصّل موقع "سيمافور" على ردود منها حول هذه الحملة. ومع ذلك، فإن بضعة ملايين قد بدأت تتدفّق بالفعل، كما جرى تعيين "جوش فلاستو"، المساعد السابق للسيناتور تشاك شومار- المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل- ليكون مستشارًا لهذه الحملة، والتي بات لها موقع خاصّ على الشبكة، بعنوان "حقائق من أجل السلام" (FactsForPeace).
وعلى الرغم مما يحيط بالحملة حاليًا من تحفّظ، فإن بعض الشخصيات التي وصلتهم رسالة ستيرنليشت قد أعربوا بشكل علني عن تحمّسهم للفكرة التي تقوم عليها، وبادروا بطريقتهم للتعبير عن موقف داعم لإسرائيل. من بين هؤلاء، الملياردير الأمريكي بيل أكمان، والرئيس التنفيذي لشركة "أبولو" مارك روان، إضافة إلى الملياردير مايكل بلومبيرغ، والذي تبلغ ثروته أكثر من 96 مليار دولار أمريكي، وتبرع مؤخرًا بمنحة قيمتها 44 مليون دولار أمريكي لإحدى المنظمات غير الربحية الإسرائيلية عقب السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
تراجع في تأييد إسرائيل في الولايات المتحدة
أعرب ستيرنليشت عن سعيه لجمع خمسين مليون دولار أمريكي من رجال الأعمال الخمسين الذين ناشدهم في رسالته الإلكترونية، كما أوضح أنّه يسعى إلى تحصيل تبرع مماثل من مؤسسات يهودية، من أجل بناء "جبهة إعلامية" هدفها "تعريف حماس، لا بكونها عدوًا لإسرائيل وحسب، بل وللولايات المتحدة أيضًا".
يأتي ذلك في ظل تنامي الأصوات الداعمة للفلسطينيين في الشارع الأمريكي، وتراجع الدعم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، ولاسيما في الوسط الإعلامي، إذ وقّع الأسبوع الماضي 750 صحفيًا على الأقل يمثلون عشرات المؤسسات الإعلامية الكبرى في الولايات المتحدة، على عريضة تدين جرائم الاحتلال في قطاع غزّة، وتعبّر عن موقف ناقد للتحيّز في وسائل الإعلام في تغطية الحرب عليها، والذي أسهم وفق العريضة في "تبرير التطهير العرقي للفلسطينيين".
كما يتواصل تراجع الزخم في حالة الدعم التي حازتها إسرائيل عقب السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، خاصة بين الديمقراطيين والليبراليين في الولايات المتحدة، وبالأخص بين فئات الشباب، بحسب ما يظهر استطلاع جديد لمعهد "بروكينغز". كما أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة "إيبسوس" مطلع الشهر الجاري بالتعاون مع جامعة ميريلاند، تراجعًا بواقع عشر نقاط تقريبًا في نسبة من يؤيدون اتخاذ واشنطن سياسة داعمة لإسرائيل، من 30.9% بين الديمقراطيين في الأسبوع الثالث من تشرين الأول/أكتوبر، إلى 20.5% في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، في حين ارتفع التأييد للفلسطينيين بين نفس الفئة من المستطلعين خلال الفترة ذاتها من 9.2% إلى 12.9%.