وجدت حكومة بنيامين نتنياهو ما كان ينقصها في مشروعها لضم الضفة الغربية المحتلة، وهو وجود رئيس مثل ترامب في البيت الأبيض لا يُلقي بالًا للحقوق الفلسطينية ولا بالقانون الدولي.
وأكثر من ذلك، أكد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، لأعضاء في الكنيست من حزب "الصهيونية الدينية" أن إسرائيل في ولاية ترامب الأولى كانت قاب قوسين أو أدنى مما أسماها "فرض السيادة على المستوطنات في يهودا والسامرة، أي الضفة الغربية"، مشددًا على أن الوقت "قد حان الآن للقيام بذلك"، على حد تعبيره وفقًا لما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
كما تحدثت مصادر في واشنطن عن أن نتنياهو وترامب عقدا صفقة تحت الطاولة يعترف ترامب بمقتضاها بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة تمهيدًا للضم الكامل، مقابل دعم اللوبيات اليهودية لترامب في الانتخابات.
ومن هذا المنطلق، بات التساؤل عن الإجراءات التي ستتخذها حكومة الاحتلال لإكمال مشروع الضم أكثر إلحاحًا من أي وقتٍ مضى. مع الأخذ بعين الاعتبار أن "كل مزرعة في الضفة الغربية تُشرع لمستوطنين. وكل شارع يجري تعبيده هناك وكل قاض يتم تعيينه يمثل جزءً من الصورة الكاملة للضم والتغيير الجغرافي والديمغرافي الشامل"، وفقًا لـ"هآرتس".
يعتقد اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو أن عام 2025 هو عام إعلان السيادة على الضفة الغربية
استكمال البنية التحتية اللازمة للضم
وجه بتسلئيل سموترتيش، الذي يقود حملة ضم الضفة الغربية، إدارة المستوطنات التابعة لوزارة الأمن والإدارة المدنية بأن يباشر الموظفون لديهم العمل على تنفيذ وإكمال البنية التحتية اللازمة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وذهب سموتريش في تدوينة له على منصة إكس إلى القول بأن "عام 2025 سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة (هذه هي التسمية التوراتية للضفة الغربية)".
يذكر أن سموتريش يعاني، حسب "هآرتس"، في استطلاعات الرأي التي أظهرت أنه يكابد للحصول على الحد الأدنى 1.5% من الأصوات التي تؤهله لنيل مقاعد في الكنيست، ولذلك يراهن على مشروع ضم الضفة الغربية لإنعاش حظوظه الانتخابية.
التدرج في التنفيذ
تجنح الحكومات التي قادها بنيامين نتنياهو إلى التنفيذ التدريجي لمخططاتها، وذلك "تجنبًا لاستثارة ردود فعل معارضة".
وترى "هآرتس" أن المثال البارز على تلك السياسة هو "خطط ضم الأراضي والإصلاح القضائي". فكما اتبع المشروع الاستيطاني منذ البداية أسلوب المضي في التنفيذ "شبرًا بشبر وخطوة بخطوة"، وكذلك طريقة "الضم الزاحف" أو "الضم الفعلي" تتم هي الأخرى "من خلال مئات القرارات التي تبدو صغيرة" بحسب "هآرتس".
وإحدى تلك الأساليب تتمثل في منح سموتريتش سلطةً على الإدارة المدنية حتى دون سن أي تشريع.
دعم ترامب للضم ليس حتميًا
قد يكون ترامب أحد أكثر الرؤساء الأميركيين تساهلًا مع جرائم إسرائيل تجاه الأراضي الفلسطينية، لكن ولايته الرئاسية الأولى عرفت وقوفه ـ في إطار خطة اتفاقات أبراهام ـ ضد "خطط الحكومة الإسرائيلية للضم الرسمي للضفة الغربية"، وهو موقف يسعى سموتريش جاهدًا إلى حذفه من ذاكرة الإسرائيليين، وبيعهم في المقابل "أملًا" بأن ترامب سيبارك خطط الضم.
وكان نتنياهو قد أعلن خلال الولاية الأولى لترامب "أنه سيقدم اقتراحًا إلى مجلس الوزراء لضم الضفة الغربية رسميًا"، لكن اعتراض إدارة ترامب حينها على الضم، تسبب في إحراج لنتنياهو الذي تراجع عن طرح المقترح وإن استمر في تنفيذه عبر سياسة التقسيط والتجزئة.
لقد اتسمت ولاية ترامب الأولى، حسب "هآرتس"، بالتناقض وعدم الثبات تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والسبب يعود إلى "التضارب بين النظريات والمصالح التي كان يمثل طرفاها المتعارضان جاريد كوشنر مستشار ترامب وصهره، وديفيد فريدمان السفير الأميركي لدى إسرائيل في ذلك الوقت".
هذا التناقض والتذبذب الذي طبع تعاطي ترامب من المحتمل أن يتكرر في ولايته الرئاسية الثانية، وإن كان ضم الضفة الغربية، كما ترى "هآرتس"، قائمٌ بالفعل، إذ إن إسرائيل تقوم كل يوم بخطوة في هذا الصدد "حتى من دون تصويتٍ داخل مجلس الوزراء والكنيست".