لم يتمكن الإجرام الإسرائيلي الذي تسبب في بتر يد الفتي الفلسطيني، محمد أبو عيدة، من إدخال اليأس إلى داخله وجعله يتخلى عن حلم العزف على آلة العود، التي مثلت جزءًا من حياته قبل اندلاع العدوان على غزة.
أثبت محمد، النازح من مخيم جباليا شمال قطاع غزة إلى النصيرات، إصراره على الحياة من خلال انتقاله لتعلم الموسيقى رغم إصابته البليغة، والبتر الذي أصابه جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفته.
يتحدث محمد لوكالة "الأناضول"، عن إصابته بشظية صاروخ إسرائيلي ما تسبب ببتر في يده اليمنى في هجوم إسرائيلي استهدف مدرسة إيواء تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بمخيم النصيرات، التي لجأ وعائلته هربًا من الغارات الإسرائيلية العشوائية التي استهدفت شمال القطاع.
أثبت محمد، النازح من مخيم جباليا شمال قطاع غزة إلى النصيرات، إصراره على الحياة من خلال انتقاله لتعلم الموسيقى رغم إصابته البليغة
مكث محمد في المستشفى لمدة أسبوعين، ويوضح أنه كان يحلم بالعودة إلى العزف على العود، الآلة التي أحبها وتدرب عليها لفترة طويلة، إلا أن طبيعة إصابته حرمته من ذلك.
ورغم قساوة البتر، لكن مثّل ذلك لمحمد، البالغ من العمر 14 عامًا، بداية جديدة في رحلة العزف الموسيقية، فاستبدل آلة العود بالكمان، وشرع بالعزف عليه بمساعدة ودعم إحدى العازفات.
وبقطعة صغيرة من القماش، تربط، سما نجم، البالغة من العمر 16 عامًا، قوس العزف بذراع محمد، بينما يحكم إمساك الآلة بيده الأخرى، ليبدأ تدريباته في العزف على الكمان.
التحق محمد بمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، لتعلم العزف على العود، لكن الآلة تحتاج في العادة إلى يدين اثنتين، لكن في حالة محمد أصبح من الصعب جدًا العزف عليها بيد أو كف واحدة، إلا إذا كان الشخص محترفًا.
ورغم استمرار الحرب، انتقل محمد، لاستكمال مشواره الموسيقى الذي لا يزال في بداياته، لتعلم العزف على آلة يسهل استخدامها رغم البتر الذي يعاني منه، فكانت الأنسب له هي الكمان.
ويقول: "كان من المستحيل العزف على العود بيد واحدة، فقررت الانتقال لآلة الكمان التي يمكن أن أتحكم في إمساكها وإيقاعاتها"، ويعرب محمد عن أمنيته في الحصول على طرف صناعي يمكنه من ممارسة هواياته الموسيقية، ويعيده للحياة لتحقيق أحلامه في الدراسة والعمل مستقبلًا.
وإلى جانب محمد، كانت هاوية العزف على الكمان، الفتاة النازحة، سما نجم، التي تلقت تدريباتها في معهد إدوارد سعيد خلال الأعوام السابقة، تحاول إعادة الأمل لمحمد.
كان من المستحيل العزف على العود بيد واحدة، فقررت الانتقال لآلة الكمان التي يمكن أن أتحكم في إمساكها وإيقاعاتها
تقول سما لـ"لأناضول: "محمد كان ضمن الطلاب الذين يتعلمون معنا في المعهد لكن على آلة العود"، وأضافت: "بعد قصف المدرسة وإصابته بالبتر، حاولنا إعادة الأمل لحياة محمد من جديد، ودفعه لعدم الاستسلام لإصابته".
ولمساعدة محمد، فكرت سما بطريقة تجعله يعود للموسيقى وإحياء شغفه مجددًا، حتى وصلت لفكرة ربط قوس العزف بذراعه بقطعة صغيرة من القماش. وقالت: "كانت البداية صعبة، كان بتره حديثًا ومؤلمًا، لكن مع مرور الوقت تعود وأصبح يحب الكمان لدرجة أنه أوجد لغة تناغمية بينهما",
وأشارت إلى أنها قدمت أيضًا دعمًا معنويًا لمحمد، وأنها حثته على مواصلة مشواره مستلهمًا الإرادة من الكثير من الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم وأصبحوا أيقونات في مجتمعاتهم، ولفتت إلى أن البتر، ورغم قسوته، أصبح بداية جديدة لمحمد، ولم يكن نهاية لطموحاته.