أدّت غارة إسرائيلية على المركز الرئيسي للدفاع المدني اللبناني في منطقة دورس بمدينة بعلبك إلى استشهاد 14 مسعفًا، بينهم رئيس المركز. وتُعدّ هذه الحصيلة الأعلى في صفوف فرق الدفاع المدني منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الشامل على لبنان.
لم يخطر ببال سوزان كركبا، التي انضمّت إلى صفوف الدفاع المدني اللبناني على خطى والدها، أنها ستُضطر يومًا إلى البحث عن جثته بين أنقاض المركز الذي استهدفته الغارة مساء الخميس.
لا تجد سوزان إجابة حول سبب استهداف مقر الدفاع المدني اللبناني في دورس، حيث يقع مقره الرئيسي. والمركز هو مؤسسة حكومية مسؤولة عن عمليات الإسعاف في شرقي لبنان
تتحدث سوزان بصوت مرتجف وهي تبكي لوكالة "فرانس برس" قائلةً إن والدها كان ينام في المركز ليكون على استعداد للخروج وتلبية "نداءات المواطنين، ولملمة الأشلاء ونقلها إلى عائلاتها كي تُدفن". وعن والدها الذي استشهد جراء الغارة، تقول: "تعرّفتُ على أبي من أصابع يديه. هكذا تعرّفت على والدي".
لا تجد سوزان إجابة حول سبب استهداف مقر الدفاع المدني اللبناني في دورس، حيث يقع مقره الرئيسي. والمركز هو مؤسسة حكومية مسؤولة عن عمليات الإسعاف في شرقي لبنان.
وفي الموقع المستهدف، الذي أحاط به عناصر من الجيش اللبناني، يعمل عشرات الأشخاص من مسعفين وسكان البلدة للبحث عن ضحايا وسط الركام والكتل الخرسانية وقضبان الحديد. وتظهر في المكان شاحنة حمراء مدمرة تابعة للدفاع المدني، بينما تحاول حفارتان يقودهما مسعفان إزالة الأنقاض.
على مسافة قريبة، يبحث رجلان في محتويات حقيبة على أمل التعرف على صاحبها، في حين ينقل مسعفون آخرون جثة شهيد بعد لفها بغطاء. تقول سوزان: "الآن جاء دوري لألملم أشلاء والدي وأدفنه"، مضيفة: "لا أدري على من سأحزن: على رئيس المركز، أم على والدي، أم على رفاقي الذين قضيت أعوامًا معهم".
بدوره، يحاول محمود عيسى البحث بين الأنقاض عن جثث رفاقه. ويقول: "لا تزال هناك أشلاء لم نتمكن من العثور عليها"، مضيفًا: "كنا أول من يقوم بعمليات الإسعاف وإطفاء الحرائق وإنقاذ الناس، والآن أصبحنا مستهدفين".
من جهته، قال المسؤول المحلي في الدفاع المدني، سمير الشقية، لوكالة "فرانس برس" إن الغارة الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد 14 مسعفًا، مشيرًا إلى أن أعمال البحث لا تزال جارية للعثور على اثنين من زملائهم على الأقل.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، استشهد أكثر من 150 مسعفًا، وفقًا لأرقام نشرتها وزارة الصحة اللبنانية، من بينهم أكثر من 40 مسعفًا قضوا في الغارات التي استهدفت شرق لبنان وجنوبه، بحسب المصدر ذاته.