أدت الجهود الرامية إلى القضاء على أعمال العنف المرتبطة بعصابات المُخدّرات في المكسيك إلى إثارة ضجة هذا العام، إذ سُلم خواكين غوزمان لويرا (إل تشابو)، زعيم منظمة الكارتل سينالوا، وهي أكبر وأقوى عصابة في العالم للاتجار بالمخدرات، إلى الولايات المتحدة لمواجهة الاتهامات الجنائية. ولكن على الرغم من الضجة التي شهدتها عملية التسليم، ارتفع العنف في المكسيك، لتمسي هذه السنة الأكثر دموية في البلاد حتى الآن. ما أسباب ذلك؟ في هذا التقرير، المترجم عن الرابط التالي، قراءة في الموضوع.
ليس من الواضح عدد جرائم القتل المرتبطة بعصابات المخدرات في المكسيك، نسبة إلى عدد جرائم القتل التي وقعت في العام الحالي والتي بلغت أكثر من 30 ألف جريمة قتل، ولكن مع تزايد العنف، حذر المحللون من فشل استراتيجية "قطع الرأس" التي تتبعها البلاد للإطاحة بقادة عصابات المُخدّرات والقضاء على المؤسسات الإجرامية العنيفة.
بعد المجهودات للقبض على زعماء عصابات المخدرات في المكسيك خلال هذا العام، كان من المتوقع أن تنخفض أعمال العنف في البلد لكن العكس هو ما حصل وهو ما طرح تساؤلات عدة
ووفقًا لتقرير صدر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عن دائرة الأبحاث في الكونغرس، وهو مركز أبحاث غير حزبي تابع للكونغرس، فقد تم التخلص من 107 من أصل 122 من المجرمين الأكثر عنفًا في المكسيك، ومع ذلك ارتفعت عمليات القتل. وهو ما يوحي بأن القادة قد لا يكونون على قدر الأهمية التي تعتقدها الحكومة وأن التخلص من أولئك القادة لن يؤدي إلى إخماد أعمال العنف. وأضاف التقرير أن "المنظمات انقسمت ولكنها لم تختفِ وإنما شهدت قتالًا مميتًا حتى استبدل زعيم جديد (أو اثنان) الزعيم السابق مما أدى إلى ظهور مجموعات جديدة".
اقرأ/ي أيضًا: إنفوغراف: المخدرات في مصر.. أرقام مرعبة
وقال جيرونيمو كورتينا، أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية في جامعة هيوستن ومركزها للدراسات الأمريكية المكسيكية، إن مهاجمة قادة العصابات يُمكن أن يُحدث خللًا في سلسلة إمدادات المخدرات إلى الولايات المتحدة، ولكن ذلك قد يفتح مجالًا للمنافسين لمحاولة السيطرة على طرق الإمداد". وأضاف كورتينا: "بمجرد التخلص من المدير التنفيذي، فإن ذلك لا يعني أن الشركة بأكملها ستنهار. ترى بعض العصابات ذلك على أنه فرصة وتتطلع للقيام بعملية استيلاء عدائي".
وقال أليخاندرو هوب، محلل أمني عمل في وكالة الاستخبارات المدنية المكسيكية إن النتيجة هي "زيادة انقسام عالم الجريمة بشكلٍ كبير". وأضاف هوب إن جميع العصابات الأصغر قد لا تركز على نشاط الاتجار بالمخدرات الذي تديره عادةً العصابات الكبيرة. وبدلًا من ذلك، اتجهت بعض العصابات إلى النشاطات الإجرامية الأخرى مثل الابتزاز، والخطف، والسرقة.
حسب محللين أمنيين، استغلت العصابات الصغيرة في المكسيك القبضة الأمنية ضد زعماء العصابات الكبيرة لتطور من نشاطاتها الإجرامية
ويشير تقرير دائرة الأبحاث في الكونغرس إلى أن هناك عددًا من العوامل يمكن أن يؤدي إلى هذا الارتفاع في أعمال العنف، "بما في ذلك استمرار تشرذم منظمة الكارتل سينالوا، والمنافسة لتلبية الطلب المتزايد على الهيروين في الولايات المتحدة، وعدم فعالية جهود إنفاذ القانون ضد المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية". وقال هوب إن العصابات الصغيرة والمحلية عادةً ما تكون أقل تنظيمًا كذلك، ولا تمتلك القدرة على مواجهة الشرطة المكسيكية أو إفساد قطاعات حكومية. وأضاف "ولكنها أكثر عنفًا من سابقاتها".
وتابع هوب: "إن الانقسام والافتقار إلى الاستثمار في القطاع الأمني في البلاد على مدى السنوات القليلة الماضية قد خلق "عاصفة مثالية" لأعمال العنف. ونتيجة لعدم توافر الموارد فقد تتغذى النار على نفسها". ومع ذلك، قال باحثون إن العنف المتصاعد لم يمتد إلى الولايات المتحدة، ولم يحدث ارتفاعًا في الفوضى المرتبطة بعصابات المخدرات. وقال هوب "قد يكون هناك جريمة منظمة على جانبي الحدود، ولكنهم لا يتبعون نفس النهج".
تتخذ المكسيك خطوات للتعامل مع الزيادة الكبيرة في العنف، ومن المتوقع أن تكون الجريمة موضوعًا ساخنًا في انتخابات الرئاسة في البلاد العام القادم
اقرأ/ي أيضًا: المخدرات.. سم قاتل يهدد المدارس الجزائرية
ويشير تقييم المخدرات الصادر عن إدارة مكافحة المخدرات لعام 2017 إلى أن أعضاء المؤسسات الإجرامية في الولايات المتحدة "على عكس نظرائهم في المكسيك "يسعون جاهدين للحفاظ على عدم الظهور والامتناع عمومًا عن العنف بين العصابات لتجنب الكشف والتدقيق من قوات إنفاذ القانون".
وأفاد التقرير أن "أعمال العنف المكسيكية المتعلقة بالمنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية تحدث في أجزاء من الولايات المتحدة، ولا سيما على طول الحدود الجنوبية الغربية، ومع ذلك، فهي أقل تواترًا وترتبط أساسًا بالصراعات بين المهربين".
تتخذ المكسيك خطوات للتعامل مع الزيادة الكبيرة في العنف، ومن المتوقع أن تكون الجريمة موضوعًا ساخنًا في انتخابات الرئاسة في البلاد العام القادم. ويتمثل أحد الآمال في قانون الأمن الداخلي في المكسيك، الذي اعتمد هذا الشهر، والذي يحدد القواعد التي تتمتع القوات المسلحة بموجبها بسلطة مكافحة الجريمة المنظمة من خلال اتخاذ إجراءات لإنفاذ القانون مثل إجراء عمليات المداهمة وإنشاء نقاط تفتيش على الطرق السريعة.
ونقلت وكالة رويترز عن الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو قوله إنه سيرسل القانون إلى المحكمة العليا للمراجعة ولن ينفذه إلى أن تبت المحكمة في دستوريته، إثر المخاوف المحيطة بكيفية تنفيذه، إذ اشتكى النقاد من احتمال استخدامه لانتهاك حقوق الإنسان.
اقرأ/ي أيضًا:
عصر المخدرات الذهبي في مصر.. طرائف من بدايات القرن الماضي
العملية كاسندرا.. كيف قايضت واشنطن مخدرات حزب الله بالاتفاق النووي الإيراني؟