يأتي رمضان هذا العام على سكان قطاع غزة وهم يواجهون ظروفًا إنسانية قاسية، حيث تسود حالة من الحزن بسبب فقدان العديد من الأقارب جراء العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن وفاة أكثر من 30 ألف شهيد منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
تعاني عوائل غزة من نقص شديد في الموارد، ولا تملك ما يكفي لإعداد أول إفطار في هذا الشهر الكريم، في ظل محدودية وانعدام المساعدات الإنسانية وانتشار المجاعة.
في حديث للتلفزيون "العربي"، تقول نيفين السكسك، النازحة من جباليا إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة: رمضان "حزين.. لكننا نحاول أن نصنع الفرح لأطفالنا".
وأمام خيمة ضيقة من القماش مكسوة بالنايلون بالقرب من سور مدرسة تابعة للأمم المتحدة لإيواء النازحين في مخيم رفح، تداعب نيفين طفلتها التي حملت فانوس رمضان ملونًا اشتراه زوجها من بسطة قريبة يكاد يقترب منها بضعة مشترين.
وقالت نيفين (26 عامًا) وهي أم لطفلتين أنجبت إحداهما في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت في خيمة في رفح: "نحاول أن نصنع الفرح لأطفالنا بالفوانيس لأنه لا ذنب لهم، بالرغم من أنه لا يوجد لدينا طعام للإفطار أو السحور، ولا أعلم إذا كنا سنعثر على شيء".
تعاني عوائل غزة من نقص شديد في الموارد، ولا تملك ما يكفي لإعداد أول إفطار في شهر رمضان المقبل، في ظل محدودية المساعدات وانتشار المجاعة
وأضافت السيدة التي نزحت مع عائلتها إلى رفح قبل ثلاثة أشهر: "قصفوا بيتنا (...) وعانينا كثيرًا".
وأردفت: "ليس بوسعنا أن نفرح بقدوم رمضان. لدينا شهداء وجرحى قلوبنا تحرق عليهم وأهلنا بعيدون"، معبرة عن أملها في أن يأتي رمضان "ونحن بخير وسلامة".
وما زالت المحادثات جارية على قدم وساق، وذلك في سبيل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار يستمر لمدة ستة أسابيع في قطاع غزة. ومن المتوقع أن يسهم هذا الاتفاق في إعادة إدخال المساعدات بكثافة إلى القطاع المحاصر منذ 17 عامًا، وذلك بهدف تخفيف معاناة السكان وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم.
وتشير نيفين إلى أنهم يحضرون الطعام على نار موقد حطب ولا توجد أدوات للطبخ، مبينة أن "كل شيء ثمنه غال ولا يوجد مزاج لاستقبال رمضان مثل السابق".
ويوافقها زوجها ياسر ريحان (26 عامًا) الرأي قائلًا لـ"العربي": "سيأتي رمضان ونحن في حرب وقهر ومجاعة ولا يوجد طعام أو شراب (...) نعاني اليوم من كل شيء".
ويواصل حرفيو صناعة الفوانيس جهودهم لتجهيز أجواء استقبال شهر رمضان، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهونها، وسط القصف المستمر والتهجير، إذ تجد هذه الفئة الحرفية نفسها في وضع مختلف تمامًا عما كانت عليه في السابق.
وقد قال المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، قبل أيام، إنه يتوقع تفاقم المأساة في قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك، ودعا مجددًا إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، مشيرًا إلى ضرورة السماح لوكالات الإغاثة بالوصول إلى شمال القطاع الذي يشهد "انهيارات إنسانية غير مسبوقة".
وأكد أن عمليات إسقاط المساعدات من الجو لا يمكن أن تكون بديلًا عن إدخال الشاحنات إلى غزة عبر البر. وذكّر بوجود 7 معابر حدودية إلى القطاع، مؤكدًا أنه في حال وجود الإرادة السياسية لفتح هذه المعابر، ستتمكن الأونروا من مواجهة "الكارثة الإنسانية الكبرى التي تحيق بكل سكان قطاع غزة".