على عتبة الدار، يجلس أحمد الشيخ، شاب عشريني، قبيل وقت قصير من رفع آذان الفجر ليودع والديه الذين وافقت إدارة الشؤون المدنية على إدراج أسمائهم ضمن قائمة المصلين في رحاب المسجد الأقصى، لكن كثيرًا من الحزن كان واضحًا في عينيه، كان يحلم منذ فترة بزيارة الضفة الغربية، التي يحرم أهالي غزة من الوصول إليها بفعل الإجراءات الإسرائيلية التي تقطع أوصال الوطن.
فإسرائيل تمنع بموجب سيطرتها على المعابر كل من هم دون العقد الثالث من مغادرة القطاع مهما كان السبب، إلا في حالات استثنائية جدًا. وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، وتأزم الأوضاع المعيشية لغزة وساكنيها الذين قاربوا المليونين، وإغلاق كافة المعابر التجارية الخمسة، وتلك المخصصة للأفراد، صارت تدريجيًا زيارة الضفة أقرب إلى الحلم.
تمنع إسرائيل بموجب سيطرتها على المعابر كل من هم دون العقد الثالث من مغادرة القطاع مهما كان السبب، إلا في حالات استثنائية جدًا
وساهم انقسام الفلسطينيين إلى قسمين، يتبادلان اتهامات لا حصر لها، في خلق حالة استثنائية من التوتر وأدت إلى الحرمان من مغادرة القطاع المكبل، والوصول إلى جنين، ونابلس، وطولكرم، ورام الله، والخليل وغيرها من المدن التي طالما رسمت في ذاكرتهم.
يتحدث أحمد، الذي منع مرتين من السفر عبر معبر إيرز، بيت حانون، الوحيد المخصص لعبور الأفراد من الجانب الإسرائيلي، عن تجربته لـ"ألترا صوت": "رفضوا التصريح لي بزيارة الضفة مرتين لكني لن أيأس وسأعيد الطلب فهذا حقي. لابد أن نصطف ضد الإجراءات العقابية المفروضة علينا في غزة وعلى حرية حركتنا وتنقلنا".
شاهد: مبادرة لتشجيع الشباب على الزواج في غزة
ويضيف: "هناك حالات كثيرة بحاجة للم الشمل، إذ يكون جزء من العائلة في غزة وجزء ثان في الضفة، ولا يتمكنون من رؤية بعضهم، إضافة إلى الحالات المرضية والطلبة وغيرهم من من قيدت حركتهم منذ سنوات". وتنص اتفاقية أوسلو عام 1993 على توفير ممر آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لإتاحة مرور الأشخاص بحرية.
وقبل زيارة الضفة، يجب تقديم طلب رسمي لإدارة الشؤون المدنية، التي ترسل بدورها كافة البيانات المتعلقة بطالب السفر إلى الارتباط الإسرائيلي، والذي يقدم الرد بالقبول في حالات نادرة أو الرفض في أغلب الأحيان، بعد نحو عشرة أيام قد تمتد لأسبوعين، ويسبق ذلك فحص أمني كامل حول الشخص المتقدم بالطلب.
وغالبًا، يرفض الارتباط الإسرائيلي دخول أبناء الأسرى والشهداء، ومن لديهم انتماءات حزبية، وحتى المتقدمون في السن والذين يسمح لهم بالعبور لأغراض العلاج أو الصلاة في الأقصى، فلا يسلمون من سيل الإجراءات العقيمة والمحملة بكثير من الإهانة والذل.
يعتقد نضال الوحيدي، وهو ناشط شبابي وأحد المشاركين في حملة "بدنا نشوف الضفة" التي أطلقها شبان من غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل وقت قصير، أن "الواسطة تلعب دورًا في حصول كثيرين على تصريح لزيارة الضفة". ويضيف: "العراقيل لا تقف عند المحتل، هناك عراقيل صنعناها بأنفسنا".
أما ياسمين ساق الله، إعلامية من غزة، فترى أن "انقسام الفلسطينيين وحده من يجيز لإسرائيل ما تقوم به". وتوضح: "يجب أن نحافظ على هويتنا الموحدة سياسيًا وجغرافيًا ووقتها سنتمكن من زيارة الضفة الغربية وحتى القدس".