أعلنت العديد من شركات تصنيع السيارات العالمية الكبرى، وفي مقدمتها فولكسفاغن وبي أم دبليو وتويوتا وفورد وغيرها تعليق العمل في مصانعها في روسيا، إضافة إلى وقف شحنات السيارات إليها، وذلك في ظل موجة من الانسحابات التي وصفها البعض بـ"الهستيرية" من الأسواق الروسية، عقب قرار الكرملين بدء ما أسماه "عملية خاصة" في أوكرانيا، في 24 شباط/فبراير الماضي.
إلا أن شركة عالمية مرموقة واحدة فضلت جانب الصمت حول الأزمة، وهي شركة رينو الفرنسية.
تعرضت رينو الفرنسية لخسارة بلغت 30 بالمئة تقريبًا من قيمتها السوقية إبان بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي. فروسيا تعدّ ثاني أكبر الأسواق لمركبات شركة رينو، ويبدو أنها الأكثر تضررًا حتى الآن بسبب الأزمة الأوكرانية، ولاسيما أنها كانت في العام 2007 قد دخلت في صفقة قيمتها مليار دولار أمريكي مع روسيا.
كما تمتلك رينو حصة كبرى في شركة "أوتوفاز" الروسية، وهي شركة يعود تاريخها إلى زمن الاتحاد السوفيتي، وتندرج تحتها عدد من العلامات التجارية، ومن أشهرها لادا. ولا شكّ أن الشركة الفرنسية تحاول أن تدرس خياراتها بعناية بالغة، وذلك لأنها تعتمد على روسيا فيما لا يقل عن 12% من إيراداتها، وفي حال قطعت رينو ارتباطها بالشركة الروسية، فإن ذلك سيكلفها الكثير، وقد تكون له انعكاسات اقتصادية أوسع قد تظهر آثارها في القارة الأوروبية بأسرها.
وتمثل أنشطة شركة رينو في روسيا حوالي 5.5 مليار دولار أمريكي من إيرادات الشركة، إضافة إلى أكثر من 350 مليون دولار أمريكي من الأرباح التشغيلية. وتعاني شركة رينو بشكل متزايد من آثار الحرب في أوكرانيا، حيث تراجعت أسهمها بنسبة وصلت إلى 30 بالمئة، في أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
في المقابل، يتزايد الضغط على الشركة الفرنسية للانسحاب من روسيا، مثلما فعلت الشركات الأخرى، علمًا أن الحكومة الفرنسية من أبرز المستثمرين فيها، وهو ما دفع الإليزيه للإعلان عن أن الحكومة "تتعهد بالالتزام بالعقوبات [ضد روسيا]". أما الشركة نفسها، فرفضت التعليق بشكل واضح بشأن الأزمة، واكتفى الناطق باسمها بالقول بأن شركته "تواصل مراقبة الوضع عن كثب".
للمزيد من التفاصيل حول أثر الأزمة الأوكرانية على قطاع السيارات عالميًا، يمكن الاطلاع على هذا المقال على موقع التراصوت
يذكر أن دخول رينو السوق الروسية قد بدأ على أشدّه قبل عقد ونصف تقريبًا، بعد أن تقرّر ذلك على أعلى المستويات الرسمية في الدولتين، وهو ما يعني أيضًا أن لانسحاب رينو من روسيا تبعات سياسية غير بسيطة ترغب فرنسا بتفاديها.
فالمخاطر ما تزال عالية بالنسبة للشركة، خاصة وأن العقوبات الغربية التي تطال حركة رؤوس الأموال في روسيا، قد تحرم رينو من تحويل الأرباح أو النقد من "أوتوفاز" الروسية أو من غيرها من أنشطة أعمالها في روسيا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العام 2007، قد حدد صفقة أولية لشركة رينو، لتتملك حصة 25% في أوتوفاز، وكان كارلوس غصن على رأس الشركة الفرنسية، والذي قال مؤخرًا في لقاء مع تلفزيون بلومبيرغ: "حين قررنا دخول روسيا وعقد تحالف مع أوتوفاز، كان كل شيء على ما يرام حينها". وأعرب غصن في المقابلة عن انزعاجه من عدم صدور أي بيان واضح حتى الآن من شركة رينو، التي ظل غصن على رأسها حتى العام 2018، بشأن الوضع في أوكرانيا.
حقائق عن شركة أوتوفاز الروسية
تأسست شركة أوتوفاز بمساعدة "فيات" عام 1966، وكانت روسيا حينها جزءًا من الاتحاد السوفيتي. وقد استحوذت سيارات لادا التي اشتهرت بها "اوتوفاز" على 80 بالمئة تقريبًا من السوق خلال الحقبة السوفيتية، وما تزال تمثل حتى اليوم خمس مبيعات السيارات في روسيا. ففي العام 2021، بيع أكثر من 385,000 سيارة لادا في روسيا، وهو ما يمثّل 18% من إجمالي المبيعات من السيارات التي تنتجها الشركة.
تتبع أوتوفاز حاليًا إلى شركة "لادا أوتو القابضة"، والتي تملك فيها رينو الفرنسية حصة تبلغ 67.61 بالمئة
تتبع أوتوفاز حاليًا إلى شركة "لادا أوتو القابضة"، والتي تملك فيها رينو الفرنسية حصة تبلغ 67.61 بالمئة، وهو ما يجعل "اوتوفاز" بموجب هذا الترتيب تابعة لمجموعة رينو. ويعد مصنع أوتوفاز أكبر مصنع لتصنيع السيارات في روسيا، وثاني أكبر مصنع لتصنيع السيارات في أوروبا الشرقية.