سلكت المؤسّسات الثقافية والفنّية بعد تفشّي جائحة كورونا مسارًا آخر مختلفًا عمّا كانت تسلكهُ منذ نشأنها وحتّى وقتٍ قريب، إذ أغلقت – فجأة – أبوابها، وعلّقت أنشطتها لتتّجه نحو الفضاء الافتراضيّ والرقميّ كبديل وحيد. هناك، بدأت فعاليّات مختلفة من نوعها، تصل المتلقّي في منزله بعد أن قطّعت الجائحة أوصال المدن وألزمت الناس البقاء في البيوت داخل حجر منزليّ/ صحيّ بدا شرطًا من شروط من شروط النجاة.
فعاليّات مختلفة تصل المتلقّي في منزله بعد أن قطّعت الجائحة أوصال المدن وألزمت الناس البقاء في البيوت
ومن بين هذه المؤسّسات العديدة التي عطّلت جائحة كورونا نشاطاتها وفعالياتها، هناك "صفحات ناشرون وموزعون" التي انطلقت السنة الفائتة كمؤسّسة ثقافية متخصّصة في بيع وتوزيع الكتب العربية في الدول الأوروبّية من خلال موقعها الالكترونيّ والمعارض التي تنظّمها أو تُشارك فيها، إذ شاركت في ثلاثة معروض أُقيمت في ثلاثة مدن ألمانية مختلفة، وأخرى في ثلاثة مدن هولندية، بالإضافة إلى معارض في فيينا وكوبنهاغن وكالمر، قبل أن تأتي "كورونا" لتعطّل وتؤجّل مخطّطاتها.
اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يعيد تحقيق وتقديم مذكرات أسعد داغر
حينها، برزت عند أسرة "صفحات" فكرة النشاطات والفعاليّات الرقمية/ الافتراضية التي من شأنها أن تكون بديلًا مؤقّتًا للنشاطات الواقعية المُعطّلة بسبب الحجر وإغلاق الحدود والأزمات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المؤسّسات الثقافية التي كانت تُعاني أساسًا صعوبات عديدة في الحصول على التمويل. هكذا، جاء "مهرجان القراءة للجميع" الذي تُطلقه "صفحات" اليوم الاثنين، 29 حزيران/ يونيو الجاري على أن يستمرّ حتّى 12 تمّوز/ يوليو، عبر منصّتها الالكترونية ليكون أقرب إلى معرض كتاب رقميّ وفّرت فيه المؤسّسة أكثر من 10 آلاف كتاب، بالإضافة إلى مجموعة من الخصومات والعروض والمسابقات التي تهدف إلى تحفيز الناس على المشاركة.
في حديثه لـ "ألترا صوت"، أكّد المدير التنفيذي لـ "صفحات" علاء يعقوب أنّ المهرجان الرقميّ الذي يُعدّ الأوّل من نوعه في القارّة العجوز، سيرافقه برنامج ثقافيّ يشتمل على محاضرات وندوات وقراءات يقدّمها إعلاميين وباحثين وكتّاب وشعراء ومُترجمين من خلال منصّة "ZOOM"، بحيث يكون اللقاء مُباشرًا بين الضيف والجمهور الأمر الذي من شأنه أن يوفّر مساحة للحوار بين الطرفين.
ويتضّمن البرنامج الثقافيّ للمهرجان، في أسبوعه الأوّل، عدد من الندوات والمحاضرات الثقافية المتمحورة حول "دور الإعلام في نشر الرسائل الثقافية في المغترب" (29/6)، و"صندوق استكشاف فلسطين أوّل محطّة في الاستعمار الاستيطانيّ" (30/6)، و"الريادة الثقافية" (1/7)، بالإضافة إلى "إعلام الخدمة الشعبية" (2/7) و"فن الكاريكاتير وعلاقته بالصحافة المطبوعة والالكترونية" (3/7)، و"علم الأديان المقارن ودوره في الفكر المعاصر" (3/7)، و"الكتاب الورقيّ هو السلاح الثقافي الأوّل لتنمية قدرات الأطفال وسر تطوّر المجتمع" (4/7)، على أن يشمل اليوم الأخير من الأسبوع الأوّل ندوة بعنوان "الجيل الجديد من المترجمين وأهمّية الأدب في فهم الآخر" (5/7)، وقراءة قصّة للأطفال.
النشاطات الافتراضية أو الرقمية لن تكون بديلًا حقيقيًا عن النشاطات الواقعية
اقرأ/ي أيضًا: "حبة قمح" نغوغي وا ثيونغو في طبعة عربية جديدة
ويرى علاء يعقوب أنّ النشاطات الافتراضية أو الرقمية لن تكون بديلًا حقيقيًا عن النشاطات الواقعية، لا سيما حينما يتعلّق الأمر بالثقافة، مًرجعًا الأمر إلى أنّ الفرصة الوحيدة التي توفّر اللقاء بين الكتّاب والقرّاء هي معارض الكتاب والفعّاليات المشابهة، ممّا يعني أنّ النشاطات الرقمية لا تلغي ضرورة إقامة أخرى واقعية، دون أن يعني ذلك، بحسب حديثه، فشل الفعاليات الافتراضية التي ستكون مرادفة للفعاليات التقليدية، دون أن تحلّ محلّها بشكلٍ كامل.
اقرأ/ي أيضًا:
رواية "الشقة في شارع باسي" لراجي بطحيش.. دهاليز المكان والصداقة