كشفت الباحثة الإسرائيلية في جامعة حيفا، سارة يائيل هيرشهورن، أن نحو 60 ألفًا من حاملي الجنسية الأميركية يقيمون في مستوطنات الضفة الغربية، بينهم عدد كبير يقطن مستوطنات متطرفة مثل "كريات أربع" و"يتسهار". وترتبط هذه المستوطنات بعلاقة وثيقة مع تيار الحاخام مئير كاهانا، مؤسس حركة "كاخ" المصنفة كمنظمة إرهابية، والتي شملتها العقوبات الأميركية الأخيرة.
وأوضحت الباحثة في مقال نشرته صحيفة "ذا ماركر"، ونقله موقع "ألترا فلسطين"، أن العقوبات الأميركية قد تؤثر على هؤلاء المستوطنين، لكنها لن تكون رادعًا كافيًا لهم. بل على العكس، قد تزيدهم إصرارًا على مواجهة ما يرونه "تهديدًا لقيمهم الأيديولوجية".
شملت العقوبات الأميركية الأخيرة منظمة "أمانا"، التي تُعدّ الذراع الاستيطاني الرئيسي لحركة "غوش إيمونيم"، بالإضافة إلى شركة عقارية تُدعى "إيال هاري يهودا" وثلاثة مستوطنين. وتستهدف العقوبات منع المواطنين الأميركيين من التعامل مع هذه الجهات، مع فرض التزامات صارمة على البنوك الإسرائيلية لضمان الامتثال لهذه القيود.
فرضت أميركا عقوبات على منظمات وشركات استيطانية في الضفة الغربية، منها مستوطنات تحوي آلاف الأميركيين
وحسب المقال، تسيطر شركة "إيال هاري يهودا" على مستوطنات تضم عشرات الآلاف من الأميركيين. ومع تطبيق العقوبات، ستتأثر علاقاتهم الاقتصادية مع هذه الشركة. ومن المتوقع أن تواجه المؤسسات التي تنتهك هذه العقوبات مخاطر فرض عقوبات إضافية.
ويأتي هذا التطور في سياق تاريخ طويل لدعم الاستيطان. ووفقًا للباحث أنس أبو عرقوب، ما زالت منظمة "أمانا" تحظى بنفوذ كبير رغم غياب حركة "غوش إيمونيم" رسميًا. ويرتبط هذا النفوذ بتيار "الصهيونية الدينية"، الذي يقوده سياسيون بارزون مثل بتسلئيل سموتريتش، وكان له دور محوري في توسيع مشروع الاستيطان منذ حرب عام 1967.
كما أن زئيف حيفر، المعروف بلقب "زامبش"، والذي يدير شركة "إيال هاري يهودا"، يتمتع بعلاقات قوية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مما يبرز تعقيد العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية والمشاريع الاستيطانية.
تزامنت العقوبات مع خطوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعرقلة مشروع قانون طرحه حزب "عوتسما يهوديت"، الذي يرأسه إيتمار بن غفير، لإجبار البنوك الإسرائيلية على تقديم خدمات للمستوطنين الذين شملتهم العقوبات. هذه الخطوة تعكس التوتر داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية بشأن التعامل مع العقوبات الأميركية.
وبحسب المقال، تشير هذه العقوبات إلى تحوّل ملحوظ في سياسة الإدارة الأميركية تجاه المستوطنات الإسرائيلية. ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى فعاليتها في الحد من الأنشطة الاستيطانية التي تستمر في فرض وقائع جديدة على الأرض، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
وبالنظر إلى الدعم الأيديولوجي والسياسي القوي الذي يحظى به المستوطنون، فإن تأثير العقوبات قد يكون محدودًا. لكنها، مع ذلك، تمثل إشارة إلى إمكانية تصاعد الضغوط الدولية على الاحتلال الإسرائيلي في حال استمر في التوسع الاستيطاني.