20-نوفمبر-2024
ارتفعت وتيرة استهداف الاطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية (الغارديان)

ارتفعت وتيرة استهداف الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية (الغارديان)

كشفت بيانات الأمم المتحدة عن استشهاد 171 طفلًا فلسطينيًا وإصابة أكثر من 1000 آخرين في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهذا يعادل قتل طفل كل يومين تقريبًا، وهي أعلى حصيلة مسجلة منذ احتلال إسرائيل للضفة عام 1967.

تناولت صحيفة "الغارديان" البريطانية قصص بعض هؤلاء الأطفال الشهداء، من بينهم محمد، الذي كان يبلغ من العمر 12 عامًا، وهو طفل مولع بكرة القدم كان يحلم بمسيرة رياضية على أرض الملاعب. قضى لحظاته الأخيرة وهو يتدرب على مهارات الكرة.

طلبت حنين من ابنها العودة مباشرة إلى المنزل إذا رأى جنودًا في الشارع، ويبدو أن محمد أصيب برصاصة أثناء محاولته العودة إلى المنزل

حولت حنين حوشية، البالغة من العمر 37 عامًا، غرفة معيشتها الصغيرة إلى ضريح مؤقت لابنها محمد، الذي استشهد قبل أسبوع من عيد ميلاده الثالث عشر في أواخر حزيران/يونيو الماضي.

في الغرفة، توجد أحذية كرة القدم أسفل صورة مؤطره، إلى جانب مكعب روبيك ونموذج طائرة حصل عليه محمد لنيله أعلى الدرجات في الصف الثالث، لكنه لم يسافر ولا مرة على متن طائرة حقيقية.

بجانب ذلك، قفازات حارس المرمى متقاطعة بشكل أنيق فوق قميص لفريق ريال مدريد. وعلى حسابه على منصة "تيك توك"، يظهر محمد في مقاطع فيديو يؤدي تمارين لياقة بدنية، لكن "أحلامه المبهجة بالمجد على أرض الملعب تتلاشى بعد استشهاده".

أطلق جنود الاحتلال النار على محمد بعد ظهر يوم 14 حزيران/يونيو، على بعد نحو 50 مترًا من منزله قرب مخيم للاجئين جنوب شرق رام الله. كان في ملعب عندما اجتاح جنود إسرائيليون المنطقة بحثًا عن رجل صدم بسيارة جنديًا وأصابه عند نقطة تفتيش.

طلبت حنين من ابنها العودة مباشرة إلى المنزل إذا رأى جنودًا في الشارع، ويبدو أن محمد أصيب برصاصة أثناء محاولته العودة إلى المنزل.

يوثق مقطع فيديو اللحظات الأخيرة قبل وبعد الهجوم القاتل على محمد، حيث يظهر وهو يندفع في شارع فارغ وجنود على أطرافه. تتحرك الكاميرا بعيدًا، ثم تُظهر محمد مصابًا وهو يحاول الوقوف قبل أن ينهار على الرصيف.

في مقطع لاحق، يظهر محمد وهو ينزف في منتصف الشارع الخالي. وقال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية منعت المسعفين من الاقتراب منه لمدة 20 دقيقة. وأكد المسعفون والنشطاء أن الجنود الإسرائيليين يمنعون بانتظام فرق الإنقاذ من الوصول إلى الأطفال المصابين لفترات طويلة.

زعم جيش الاحتلال أنه لم يمنع المسعفين من الوصول إلى محمد، لكنه قال إنه "حد من تحركاتهم أثناء العمليات العسكرية لضمان سلامة فرق الإنقاذ". وادعى أن محمد شارك في "أعمال شغب عنيفة"، لكن المقطع المصور لا يظهر أي شخص في محيطه لحظة إطلاق النار عليه.

استشهد محمد في المستشفى بعد 8 أيام من إصابته برصاصة في بطنه. وقالت والدته: "لقد أمضينا 12 عامًا في تربيته. كان قد بدأ للتو في النمو، لكنهم أنهوا حياته".

أما غسان، الذي كان يبلغ من العمر 14 عامًا، فكان مراهقًا هادئًا وكريمًا، يعمل على خدمة الأقارب المسنين، ويرافقه شقيقه الصغير البالغ من العمر 6 أعوام، والذي كان يلتصق به كظله. في صباحه الأخير، استيقظ غسان مبكرًا، وأعد القهوة لوالدته وساعدها في الغسيل قبل أن تتوجه إلى عملها في رام الله.

على شرفة منزلها، تشير والدته، سلام زهران، إلى المدرسة التي درس فيها غسان، والطريق الذي وقف عليه الجنود الإسرائيليون عندما أطلقوا النار عليه. لم تحاول سلام تقديم بلاغ للشرطة عن الجنود الذين أطلقوا النار على ثلاثة صبية كانوا يلعبون بين أشجار التين واللوز على مشارف القرية في التاسع من تموز/يوليو الماضي. وقالت: "من المستحيل تقديم شكاوى في مثل هذه الحالات. لن يكون هناك أي عدالة لنا. لم يسمح الجنود لأحد بالاقتراب لإنقاذه".

رأى أحد سكان القرية الجنود يطلقون النار على الصبية الثلاثة وحاول مساعدتهم، لكنهم احتجزوه لمدة 10 دقائق. قال الرجل، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "في كل مرة حاولت الاقتراب من الصبي، كان الجيش يطلق النار في الهواء. كانوا يريدون منعنا من إنقاذه". عندما وصل الرجل إلى غسان، كان الأخير على قيد الحياة لكنه فقد وعيه بعد ذلك بوقت قصير.

اعترف جيش الاحتلال بإطلاق النار على غسان، ووصفه بأنه "إرهابي ملثم" ألقى الحجارة على مركبات إسرائيلية. لكن الرجل الذي قدم له الإسعافات الأولية نفى ذلك، مؤكدًا أنه لم ير أي قناع على وجه الصبي.

تشير الصحيفة البريطانية إلى أن هذين الصبيين استشهدا برصاص جنود الاحتلال هذا الصيف، وسط ارتفاع غير مسبوق في الهجمات التي تستهدف الأطفال في الضفة الغربية المحتلة وشرق مدينة القدس.

وفي جريمة أخرى ارتكبها الاحتلال، كانت طفلة تبلغ من العمر 4 أعوام، استشهدت بالرصاص وهي جالسة مع والدتها في سيارة أجرة بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية في كانون الثاني/ يناير الماضي.

هذا، وتحدث الناطق باسم منظمة "اليونيسف" في فلسطين، جوناثان كريكس، عن أن العام الماضي شهد "زيادة مقلقة للغاية في عدد الأطفال الذين قتلوا في أعمال عنف مرتبطة بالصراع في الضفة الغربية"، وأضاف "نحن نرى بالفعل أن هذا الاتجاه مستمر.. تريد اليونيسف دق ناقوس الخطر، بأن الأطفال يُقتلون ويُصابون بجروح خطيرة بشكل منتظم، ومعظمهم بالذخيرة الحية".

يشار إلى أن الأمم المتحدة لا تحصي سوى الضحايا الأطفال الذين تم التحقق من أسمائهم وأعمارهم وسبب وفاتهم، في المقابل، لم يتم توجيه اتهامات لأي جندي إسرائيلي بخصوص عمليات إطلاق النار التي تستهدف الأطفال. وعند طلبت "الغارديان" من جيش الاحتلال التعليق على التقرير، لم يتطرق بشكل مباشر إلى زيادة عدد الضحايا الأطفال. ويقدم جيش الاحتلال تبريرات واهية لاستهداف الأطفال، بل حتى يرفض فتح تحقيق جنائي في عمليات القتل.

تلفت "الغارديان"، إلى أن حديث والد محمد يعكس شعورًا بأن القوات الإسرائيلية يمكنها قتل أطفال مثل ابنه في الضفة الغربية المحتلة مع الإفلات من العقاب

يريد والد المراهق محمد، مراد حوشية، محاكمة الجندي الذي أطلق النار على ابنه، لكنه لا يستطيع حتى المرور عبر نقاط التفتيش إلى إسرائيل لرفع قضية. وقال: "ابني بريء. هذا قمع مطلق. تخيل لو كان الأمر معكوسًا. إذا سمعوا للتو أن شخصًا ما يريد إيذاء أحد أطفالهم، فماذا سيفعلون؟".

تلفت "الغارديان"، إلى أن حديث والد محمد يعكس شعورًا بأن القوات الإسرائيلية يمكنها قتل أطفال مثل ابنه في الضفة الغربية المحتلة مع الإفلات من العقاب. يقول مدير المساءلة في منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية في فلسطين، عايد أبو قطيش: "القضية الأكثر أهمية هي الافتقار إلى المساءلة. في جميع الحالات تقريبًا، لا تفتح إسرائيل تحقيقًا، إلا عندما تكون هناك تغطية إعلامية"، وأضاف "لكن حتى تلك التحقيقات لا تؤدي إلى شيء.

فعلى مدى 10 أعوام، كانت هناك حالة واحدة فقط حيث حاسبت السلطات الإسرائيلية جنديًا واحدًا على قتل طفل". ففي عام 2018، أدين الجندي، بن ديري، بقتل الشاب، نديم نوارة، البالغ من العمر 17 عامًا، أثناء احتجاج عند حاجز بيتونيا. ووجدت المحكمة أنه لم يشكل أي تهديد للجنود في ذلك الوقت. وحكم على ديري بالسجن تسعة أشهر ولكن أُطلق سراحه قبل شهرين من الموعد المحدد.