يبدأ هذا المشهد اعتبارًا من الساعة السادسة والنصف صباحًا، ويتكرر بشكل يومي طيلة أيام الدراسة في مجمّعات النقل العام:
ما إن تتوقف الحافلة كي تبدأ بتحميل الطلبة حتى يبدأ التدافع والتزاحم، فهذا طالب يهجم معرضًا نفسه للصدمات واحتمال السقوط في طريق السباق على الفوز بمقعد، طلبة آخرون يحاولون حجز مقاعد لهم من خلال رمي دفاترهم وكتبهم من النوافذ، والمقعد الذي يقع عليه الكتاب يكون قد ضمن لصاحبه الركوب وعدم التأخر عن موعد محاضرته. ثم يتكرر المشهد مع الطلبة الذين لم يحالفهم الحظ في الجولة السابقة. وعندما يتقاطع استخدامك للمواصلات العامة في الأردن مع الأوقات التي يستقل فيها طلبة الجامعات وسائل النقل فإن العديد من الأسئلة ستراودك ومنها: كم ينفق الطالب الجامعي من الوقت في الطريق من وإلى الجامعة؟ وكيف يحتمل هؤلاء الطلبة هذا العذاب اليومي؟
يقول مصطفى علي، طالب بجامعة البلقاء التطبيقية، لـ"ألترا صوت": إن "الأزمة الصباحية عند الذهاب إلى الجامعة من الأمور المرهقة التي نعاني منها بشكل يومي، لأن تأخر الطالب عدة دقائق فقط عن موعده يكلفه غالبًا ضياع المحاضرة الأولى". ويضيف مصطفى: "قبل العودة إلى المنزل أيضًا أطرح العديد من الأسئلة كيف سأرجع إلى المنزل اليوم؟ هل أتأخر في الجامعة عدة ساعات لعل الازدحام يخف ويقل الضغط على وسائل المواصلات أم أتغيّب عن آخر محاضرة لعلّي أصل قبل أن يبدأ الازدحام؟".
يشير بعض الطلبة إلى أن الزمن الذي يقضونه في المواصلات يوميًا في الأردن قد يفوق الوقت المتاح للدراسة والتحضير
ويشير بعض الطلبة إلى أن الزمن الذي يقضونه في المواصلات يوميًا قد يفوق الوقت المتاح للدراسة والتحضير. ويضيف مصطفى: "من الضروري الإشارة أيضًا إلى المعاناة التي يعيشها الطالب بعد تأمينه مقعدًا في الحافلة، ذهابًا أو إيابًا، إذ يقوم السائقون ومساعدوهم باستغلال كل "سنتمتر" في الحافلة بهدف تحميل أكبر عدد من الركاب دون أن ينتبهوا إلى أن ذلك مرهق للركاب الذين يتمايلون فوق بعضهم بعضًا، ودون أن يفكروا بأن ذلك قد يتسبب في كارثة بشرية لو تعرضت الحافلة إلى حادث".
ويرى عمر فارس، طالب في جامعة العلوم والتكنولوجيا، أنّ "قطاع النقل العام في الأردن بحاجة إلى تنظيم وضبط." ويقول إنه، بحكم دراسته والأنشطة التي يشارك بها، "يستخدم المواصلات للتنقّل بين ثلاث محافظات"، وإنه "في كل مرة يستخدم فيها وسائل النقل العام يتزايد شعوره بالاضطهاد".
ويوضح لـ"ألترا صوت": "إننا كركاب واقعون تحت وطأة تعسّف السائقين، الواقعين بدورهم تحت وطأة المالكين وشرطة السير، وهؤلاء واقعون تحت وطأة الحكومة ولقمة العيش، التي تساهم الحكومة في عدم توفرها. وكل جزء في هذه السلسلة الطويلة يحاول التحايل على الآخر أو أن يفرّغ عذاباته النفسية فيه". لذلك يجد عمر أنّ "من الطبيعي أن يذهب إلى المجمّع ليجده خاليًا من الحافلات الذاهبة في خط سيره لأننا في موسم الحج أو أن يسر إليه أحد السائقين بأنه لا يسرع، خوفًا على الحافلة لا على الركاب".
ويضيف: "أدت هذه السلسة الخاطئة إلى خطوط مواصلات دون مواقف محددة، وسيارات أجرة دون عدادات، وأزمات سير خانقة". وهذه السلسلة غير المسؤولة، بحسب رأي عمر، تخرّب حياة الطلاب في الجامعات الأردنية.
اقرأ/ي أيضًا:
فوضى المناهج التعليمية في الأردن