اثنان وستون ألف مغربي يحتاجون سنويًا إلى العلاج التلطيفي لكنه غير متوفر لأغلبهم، حسب التقرير الأخير لـ"هيومن رايتس واتش". يخص العلاج التلطيفي المرضى بالسرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب وأمراض أخرى تسبب آلامًا حادة. يحتاج هؤلاء إلى مادة "المورفين"، وهي مخدر يلطف آلامهم.
62 ألف مغربي يحتاجون سنويًا إلى العلاج التلطيفي لكنه غير متوفر لأغلبهم، حسب التقرير الأخير لـ"هيومن رايتس واتش"
"في المغرب، المشكل ليس في القوانين بل في تطبيقها"، بهذه العبارات يلخص الدكتور معطي نجمي -رئيس الجمعية المغربية لدراسة الألم والعلاجات التلطيفية- لـ"الترا صوت" الوضع، يقول إن "40 ألف مغربي يحتاجون سنويًا إلى رعاية تلطيفية، وهم الذين بلغوا مراحل متقدمة من أمراض القلب أو الرئتين أو الكلى أو السرطان ويعانون من آلام حادة".
المغرب لا يوفر لكل هؤلاء المرضى هذا العلاج اللازم، الذي يرتكز على مادة "المورفين"، فحوالي طبيب واحد من بين كل خمسين طبيبًا يمكنه أن يعطي وصفة فيها دواء "المورفين"، بالرغم من أن هذا الدواء يقدر ثمنه بمائة درهم فقط أي حوالي عشرة دولارات.
"تخيل أنك تصرخ من الألم وتفكر فقط في التخلص منه لثانية فقط، لكن دون جدوى"، بهذه العبارات تصف خديجة، سيدة في عقدها الرابع، معاناتها مع الفشل الكلوي في مرحلة متقدمة. قدمت خديجة إلى مستشفى ابن رشد، بالدار البيضاء، وهي تنتظر أحد الأطباء للاستفسار حول وحدة طبية سمعت عنها للعلاج بـ"المورفين"، وهو ما ترجوه لتخفيف آلامها.
لم تجد خديجة متبرعًا يقدم لها كليته ولم يفدها العلاج، وهي التي أصيبت بمرض الفشل الكلوي المزمن والمكلف بداية العشرينات من عمرها. هي الآن في عقدها الرابع، أصيبت بألم حاد على مستوى المفاصل، تلجأ إلى العلاج التلطيفي للتخفيف من معاناتها، لكنها وكالعديد من المرضى، تقطن بمدينة بعيدة عن المدينتين الكبيرتين في المغرب، الرباط والدار البيضاء، مما يضاعف معاناتها. تقول لـ"الترا صوت": "أقطن بمدينة شرق المغرب وأضطر لقطع مئات من الكيلومترات لكي أصل إلى الرباط، فهي المدينة الوحيدة بالمغرب التي يوجد بها مركز خاص بالعلاج التلطيفي، إلا أنني لم أجد سريرًا للعلاج، وقد سمعت بوحدة صحية خاصة جديدة بالدار البيضاء، ولذلك قدمت من أجل الاستفسار"ّ.
يقول الدكتور معطي نجمي، وهو الرائد في هذا المجال، إن "المغرب اعتمد سياسات صحية تضمنت قرارات مهمة تتعلق بالرعاية التلطيفية، إلا أن كل هذه الإجراءات لا تطبق على أرض الواقع". ففي المغرب، لا يزال تقديم "المورفين" كعلاج مقيدًا بحواجز قانونية وتعليمية كثيرة، الرعاية التلطيفية في المنزل غير موجودة أصلاً خارج الدار البيضاء والرباط، هذه الأخيرة يوجد فيها مركز وحيد للرعاية التلطيفية، يحتوي على عدد أسرة غير كاف، يقدر بعشرة أسرّة فقط. أما في الدار البيضاء، فلا يوجد مركز بل طبيبة وحيدة تنتقل إلى المنازل لتوفير العلاج التلطيفي، كما أن أدوية الآلام الحادة متوفرة فقط في بعض الصيدليات والمستشفيات، وفقط قلة من الأطباء يصفونها لمرضاهم، بالإضافة إلى محدودية برامج التكوين الطبي المستمر في هذا الاختصاص".
خلصت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها الأخير، الذي يحمل عنوان "أتمزق ألمًا"، والذي نشرته تزامنًا مع اليوم العالمي للسرطان، إلى أن حوالي طبيب واحد من بين كل خمسين طبيبًا يمكنه أن يعطي وصفة فيها دواء "المورفين" لمرضى خارج المستشفيات في المغرب، رغم أنه أهم علاج للآلام الحادة في آخر العمر خاصة. ويقدر أن أربعة من كل خمسة أشخاص في المغرب يحتاجون هذا الدواء، ولا يحصلون عليه.
اقرأ/ي أيضًا: