الترا صوت- فريق التحرير
قبل قرابة أسبوعين قررت الداخلية الأردنية منع إقامة مؤتمر من تنظيم مؤسسة تُدعى "مؤمنون بلا حدود"، وهي مؤسسة إماراتية تأسيسًا وتمويلًا، ويقع مقرها الرئيسي في المغرب، وذلك لاحتواء جدول أعمال المؤتمر على محاضرات رأى بعض النشطاء والنواب من الإسلاميين خصوصًا أنها تسيء للذات الإلهية، وتستخف بالمعتقدات الإسلامية.
لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود"، وهي مؤسسة إماراتية تأسيسًا وتمويلًا، دور مشبوه في المنطقة بات معلومًا للجميع بعد فضيحة قنديل
وكان من المقرر عقد المؤتمر في يومي 2 و3 من الشهر الجاري، لكن تدخّل بعض الشخصيات العامّة في الأردن، وأبرزهم ديمة طهبوب، عضو مجلس البرلمان الأردني، قد لفت انتباه السلطات المعنيّة إلى "الاستفزاز" الذي تمثّله بعض عناوين المحاضرات والأوراق البحثية التي كان من المقرر مناقشتها في المؤتمر، حيث صرحت النائبة طهبوب لوسائل إعلام محلية بأنه قد وردتها شكاوى عبر حساباتها العامة والشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجًا على المؤتمر وما فيه من استفزاز للمعتقدات الدينية، وأنها لم تكن تعلم عن المؤتمر إلا بعد تلقيها تلك الشكاوى، ما دفعها إلى التواصل مع وزير الداخلية سمير المبيضين للمطالبة بسحب ترخيص المؤتمر ومنع إقامة أعماله.
وفي غمرة الجدل حول تدخّل وزارة الداخلية لمنع فعالية أكاديمية وما أثاره ذلك من استياء وقلق بين ناشطين وحقوقيين أردنيين حيال ما يمثله منع إقامة مؤتمر أكاديمي من وصاية من قبل الدولة على أفكار الناس ومعتقداتهم، نشر الباحث الأردني معاذ بني عامر، والذي كان أحد المشاركين المقرر مشاركتهم في المؤتمر، عبر حسابه على فيسبوك بأن يونس قنديل، الأمين العام لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود" في الأردن قد اختطف من قبل مجهولين، وأنهم قاموا بالاعتداء عليه بطريقة وحشية على حد وصفه.
حدث ذلك يوم الجمعة الماضي، 9 تشرين الثاني/نوفمبر حيث وصل بلاغ للأجهزة الأمنية باختفاء يونس قنديل، وتم العثور عليه بعد ساعات في منطقة حرجية في عمّان، وأعلنت الأجهزة الأمنية أنها ستشرع بتحقيق عاجل بالحادثة لملاحقة المعتدين. كما سارع العديد من المسؤولين والإعلاميين والشخصيات العامة إلى شجب ما حصل ليونس قنديل، بينما استغل آخرون الفرصة لشن هجمة على الإسلاميين في الأردن واتهامهم بالتحريض على العنف، حتى انتقل الجدل إلى مجلس النواب الأردني وحصلت مشادات بين النواب بين مدافع عن منع المؤتمر ومعارض له، حيث وجد البعض أن إلغاء الفعالية والتجييش ضد المشاركين فيها قد يكون هو الدافع للاعتداء على الأمين العام لفرع "مؤمنون بلا حدود" في الأردن، وشرعن شيطنة المؤسسة ومن يرتبطون بها.
#كاذبون_بلا_حدود!
وفي تطوّر مفاجئ للقضيّة ليلة أمس الخميس، 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أعلنت مديرية الأمن العام عبر الناطق الإعلامي باسمها، عامر السرطاوي، أنه وبعد التحقيقات في قضية "اختطاف" يونس قنديل وزعم تعذيبه في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تبين أن القصّة مفبركة، وأن الإفادات التي تم الحصول عليها من المدّعي في القضية قد "ولّدت لدى المحققين قناعة بأن الجريمة مختلقة". كما أضاف الناطق الإعلامي بأن أجهزة الأمن الوقائي قد قامت بعد التحقيق في الأمر بإلقاء القبض على ابن شقيقة يونس قنديل، للاشتباه في تورّطه بالمشاركة في فبركة القضية مع يونس قنديل، والذي اعترف بعد التحقيق معه بأنه قد شارك بالفعل في فبركة الجريمة مع يونس قنديل، بناء على طلب الأخير، وعلى إثر ذلك قامت السلطات بتحويلهما إلى المدّعي العام.
تولّدت لدى الأجهزة الأمنية قناعة بأن الحادثة مختلقة وأن يونس قنديل قد افتعل عملية الاختطاف والاعتداء بالتعاون مع أحد أقربائه
قنديل.. استقواء على الناس بالكذب
بعد نجاح يونس قنديل في اكتساب حالة من التضامن الحذر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نظرًا لوحشية "الاعتداء" الذي فبركه قنديل وما مثله من صدمة في الشارع الأردني، وجد الناس أنهم قد استغفلوا من قبل ممثلي مؤسّسة تدّعي الثقافة والتنوير. وفي أول رد فعل رسميّ على اكتشاف فبركة الحادثة، كتب حسين هزاع المجالي، مدير الأمن العام الأردني الأسبق، أن هذا الفعل لا يرتكبه إلا إنسان "بلا أي قيمة وبلا ضمير".
أمّا الصحفي الأردني محمّد خمايسة فقال في تغريدة على تويتر إن على المثقفين الذين أعلنوا عن تضامنهم مع قنديل مسؤولية إعلان موقفٍ واضح الآن بعد تبيّن فبركة اختطافه:
وفي التلميح لدور الإمارات المشبوه في رعاية مؤسسة "مؤمنون بلا حدود، أشار القانوني الأردني هاني زاهدة إلى أن ما فعله يونس قنديل يمثل جزءًا من تحرّكات منظمة تديرها "شبكة إرهابية واضحة المعالم تريد أن تشعل فتيلًا من النار".
مؤمنون بلا حدود.. انتماء إماراتي معادٍ للربيع العربي
بعد أن تحوّلت الواقعة المشبوهة مع يونس قنديل والمؤسسة التي يمثلها إلى قضية رأي عام في الأردن، لم يعد خافيًا ارتباطات "مؤمنون بلا حدود" برعاية ودعم إماراتيين، لكي تكون المؤسسة واجهة ثقافية لتشويه ثورات الربيع العربي من مدخل محاربة الإسلام السياسي، ولتكون أداة للامتداد "الناعم" للإمارات في دول المنطقة. فقد انطلقت المؤسسة عام 2013 في المغرب، حيث يقع مقرها الرئيسي، ولها فرعان أحدهما في القاهرة والثاني في عمّان، بهدف دعم "الباحثين والمفكرين والمؤسسات الذين تتقاطع اهتماماتهم وأعمالهم مع رسالة المؤسسة"، لتشكّل بذلك تيارًا واضح المعالم هدفه تشويه الحراك العربيّ ودعم الثورة المضادة عليه، بالاتّكاء على خطاب "تنويريّ" يدعي محاربة الإرهاب والانغلاق الفكري الذي يمثّله الموروث الديني و"الوصايات الإيديولجية والعقائدية"، والوقوف بوجه امتداد الإسلام السياسي في المنطقة، مع إسقاط كامل للاستبداد السياسي المدعوم من مؤسسي مؤمنون بلا حدود من اعتبارات المؤسسة ودعاويها التنويرية، وصمت مستمر عن كل استهداف للحريات المدنية وعلى رأسها حرية التعبير والرأي والتظاهر والمشاركة السياسية، التي تقمعها الدول المستضيفة للمؤسسة وتوفر كل أسباب الدعم لنظم استبدادية تسحق حرية شعوبها.
وقد جاء افتعال حادثة الخطف ليؤكد الوجه القبيح للمؤسسة، وظهر ذلك عبر التضامن الإماراتي والسعودي الواسع مع قنديل عبر إعلاميين ومثقفين على مواقع التواصل الاجتماعي، استغلوا ما حدث من أجل شنّ حملة جديدة على "الإخوان" وكيل الاتهامات جزافًا للإسلاميين والتحذير من موجة عنف إسلامي أوسع في حال السماح للإسلاميين بالبقاء في المجال العام. فقد سارع سليمان الهتلان، مقدم برنامج "حديث العرب" على سكاي نيوز العربية، والرئيس التنفيذي السابق للمنتدى الإستراتيجي العربي في دبي، إلى اتهام الإخوان بأنهم "أداة للعنف والتطرف والإرهاب" وأنهم وراء المناخ المحتقن في دول المنطقة:
أما علي راشد النعيمي، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، وعضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فقد سارع إلى اتهام "الاخونجية"، مدعيًا أن "إرهابهم الفكري يتبعه القتل والدمار والأذى لكل من يخالفهم"
يشار إلى أنه حسب بيان قوى الأمن الأردنية، فالمدعي العام ينظر في القضية، وسيواجه قنديل تهمًا في الأيام القادمة على خلفية ادعائه الكاذب.
اقرأ/ي أيضًا:
الشارع الأردني يفضح حسابات السعودية الآلية بتويتر.. "الشعب القطري شقيقنا"
مرتزقة أمريكيون على رأس حروب أبوظبي.. منهجية ابن زايد لـ"خصخصة" الإجرام