24-أكتوبر-2024
بدأت الحكومة المصرية منذ عام 2012 حملة إزالة المقابر التاريخية ذات الطابع المعماري التراثي (منصة إكس)

بدأت الحكومة المصرية منذ عام 2012 حملة إزالة المقابر التاريخية ذات الطابع المعماري التراثي (إكس)

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر غضبًا واسعًا بسبب قرار الحكومة القيام بعمليات هدم للأبنية التاريخية بحجة تطوير مشاريع توسعة عمرانية، حيثُ أثار هدم قبة "حليم باشا" في مقابر الإمام الشافعي وسط القاهرة حالة من الجدل.

فقد وصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي من باحثين وروائيين ونشطاء عملية الهدم بالتعدي على المناطق الأثرية، مستنكرين المس بآثار تعود لأكثر من 150 عامًا ومنها ما قبل ذلك بكثير، مطالبين بالحفاظ عليها.

وصف رواد مواقع التواصل الاجتماعي عملية الهدم بالتعدي على المناطق الأثرية، مستنكرين المس بآثار تعود لأكثر من 150 عامًا

وكتب الباحث عمر النعماني على صفحته في منصة "إكس": "للأسف تم الهدم، قبة نام شاز قادين والدة الأمير محمد عبد الحليم نجل محمد علي باشا الكبير. وكل ما خلفها معرض لمصيرها خلال أيام!".

وتعليقًا على عملية الهدم، قال الروائي أشرف العشماوي: "لا حياة لمن تنادي"، مرفقًا صورة لقبة "حليم باشا" بعد هدمها.

وقالت الصحفية سارة عبد الباقي: "تاريخ مصر ينزف! قباب ومقابر قاومت الزمن تتهاوى الآن، تاركة خلفها إرثًا من الذكريات وحزنًا لن تمحوه السنين.. قبة حليم باشا التي أُنشئت عام 1845 حملت معها إرثًا عمره قرابة قرنين.. والآن، أزيلت، ومعها تمزقت صفحة من تاريخ لا يُعوّض".

بدورها، كتبت الصحفية شيماء سعيد في صفحتها على منصة "إكس": "دولة تهدم تراثها وتمحي هويتها وتاريخها العريق بشكل ممنهج. قبة مدفن حليم باشا تعود لأكثر من 150 عامًا سقف القبة من الداخل به زخارف اسلامية وآيات قرآنية بالخط العثماني تم هد جزء منها وحتى الآن لا يوجد تعليق من الدولة!!".

واعتبر أحمد الجمال أن "مصر في الفترة الأخيرة تشهد نوع من أنواع البلطجة وتدمير أي شيء له علاقة بالحضارة الإسلامية القديمة، اليوم تم هدم قبة حليم باشا بمقابر الإمام الشافعي بالقاهرة"، وأضاف: "المشكلة أن تدمير هذا التاريخ غير قابل للإصلاح أو الترميم، تاريخ كامل يمسح مسحًا أمام أعيننا. شيء يحزن ويبين وضعنا الآن".

ولم يستبعد عبد القادر هدم الأهرامات، وكتب في صفحته على منصة "إكس": "قريبًا هدم الأهرامات. اليوم تم هدم قبة حليم باشا بمقابر الإمام الشافعي بالقاهرة. لم أفهم الهدف من هدم الأبنية الأثرية القديمة، لحساب من يتم هذا العبث واللعب بكل تراثنا. لا يكفي أننا فاشلين في إدارة آثار لا يوجد مثلها في العالم، كذلك يتم هدمها. بهذا المنطق لا أستبعد هدم الأهرامات".

وكتب حسام صبري في صفحته على منصة "إكس": "ممكن ننقل المقابر ممكن نطور لكن مالا يمكن فعله هو هدم المباني التراثية التي هي ملك الإنسانية. يجب التخلص من مقاول أسوأ من المستوطن المحتل واستبداله بمطور يحب بلده ويحافظ على هويتها. الدول تحافظ على مبانيها التراثية وتحولها إلى فنادق ومراكز تسوق تدر ملايين الدولارات".

وعلق الجيزاوي على عملية الهدم بالقول: "مر على مصر من الهكسوس إلى الإنجليز أشكال وألوان من الأعداء المستعمرين وحكام مستبدون وفسده ولكنها لم تر خراب متعمد كما يحدث فيها الآن. خراب لم يسلم منه شجر ولا حجر ولا أحياء ولا أموات".

 ولم يقتصر الغضب والتنديد من عملية الهدم على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى على القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، حيثُ قال المجلس الثوري المصري في منشور بحسابه على منصة "إكس": "هذه قبة حليم باشا أو الأمير محمد عبد الحليم، أحد أبناء محمد على باشا في قرافة الإمام الشافعي، بتصميم يحاكي العمارة المملوكية. اليوم هدمها تتار الهيئة الهندسية الجهلة عديمي الانتماء والهوية والأخلاق، أعداء التاريخ والجمال، الذي يتعاملون مع الآثار الإسلامية كالمحتل بل أسوأ من المحتل".

من جهته، نشر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيانًا جاء فيه: "تتجاوز الجوانب المتعلقة بالهدم مجرد تجاهل الجهات المعنية، حيث تُعد هذه بعض الجهات هي نفسها المتعدية على هذه المعالم. فمنذ عام 2020، شهدت منطقة مصر القديمة والقاهرة التاريخية عمليات هدم تُنفذ تحت ذريعة مشروعات الطرق، مما أدى إلى تدمير عدد من المعالم الأثرية والثقافية، وهو ما يُشكل تهديدًا حقيقيًا لتراثنا الغني".

وأضاف البيان أن "عمليات الهدم المتكررة تعكس تشويهًا للذاكرة الجماعية للشعب المصري، حيث يعد تجاهل القيمة التاريخية والتراثية لهذه المواقع خسارة لا يمكن تعويضها، لذا، يطالب المركز بوقف جميع أعمال الهدم وإجراء مراجعة شاملة من جميع الجهات المعنية لحماية ما تبقى من هذه الثروات الحضارية، ومحاسبة المسؤولين عن التعديات".

وبدأت الحكومة المصرية منذ عام 2012 حملة إزالة المقابر التاريخية ذات الطابع المعماري التراثي في منطقتي الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، في إطار خطة لإنشاء محاور مرورية جديدة للربط بين شرق وجنوب القاهرة عبر هذه المقابر التاريخية، المسجَّلة في قوائم "تراث اليونيسكو".

وتضم مقابر القاهرة رفات بعض الشخصيات الشهيرة، أمثال الإمام الشافعي، والإمام ورش، صاحب "قراءة ورش" القرآنية، ومقام الإمام وكيع مقرئ الإمام الشافعي، والشيخ محمد رفعت، بالإضافة إلى أضرحة رائعة لسلاطين المماليك الذين حكموا مصر بين عامي 1250 و1517، وكذلك سياسيين أمثال الزعيم أحمد عرابي، وعبد الخالق باشا ثروت، والشمسي باشا، ومحمد نسيم توفيق.

كما تضم رفات فنانين مشاهير، من بينهم يوسف وهبي، وأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وأسمهان، وفريد الأطرش، وهند رستم، وصلاح ذو الفقار.