مشكلة المشاعر الإنسانية أن ليس لها حدود معينة يمكن أن نُعرفها بها، فلا يمكن مثلًا أن نعرف متى يتوقف الألم أو الاكتئاب أو الحيرة أو حتى الحب عن مطاردتنا، نظل نبحث ونبحث عن حدود نوقف عندها شعور معين، و في خلال عملية البحث هذه ربما نجد ضالتنا وربما نتوه، أو ربما نجد أنفسنا أصبحنا أشخاصًا آخرين. يعد فيلم 21 غرام أحد أجمل الأفلام التي تحدثت عن هذا الموضوع، يستعرض أليخاندرو إيناريتو ثلاث قصص تتشابك مصائرها معًا لنرى الحياة وتعقيداتها التي لا نفهمها.
يقال إننا نخسر 21 غرامًا في لحظة موتنا، كل واحد منا.. فما هو هذا الشيء الذي يزن 21 غرامًا برأيكم؟ ما الذي نفقده؟
- الندم
جاك غوردن الذي يقوم بدوره بينيكيو ديل تورو الذي نجده طوال الفيلم يحاول الهروب من شيء ما، نرى أن شخصيته غريبة بعض الشيء، انفعاله في بعض الأحيان، نظرة الحزن التي تبدو عليه، غضبه، أشياء لم نعهد أن نراها في شخصية المتدين الذي يعمل في التبشير في الكنيسة، ما نكتشفه مع أحداث الفيلم أن جاك غوردن يحاول الهروب من الندم الذي يلاحقه بعدما صدم طفلتين ووالدهما في حادث سيارة. الندم واحد من أسوء المشاعر التي تلاحقنا ونظل نهرب منها بلا طائل، فنجد أن جاك تحول إلى شخص آخر تمامًا خلال محاولته للهروب والخروج من تلك الدائرة التي تضيق عليه كلما حاول الخروج منها. نرى الشك الذي أصاب كل معتقداته وكل ما يؤمن به.
- الحيرة
بول الذي يقوم بدوره شون بين يعاني من ضعف في عضلة القلب، ويحتاج إلى قلب جديد فيتم نقل قلب جديد له من رجل قادم من حادث سيارة، يبحث بول عن زوجة الرجل بعد أن يخرج من المستشفى و يقع في حبها. بول الذي يفكر في معنى حياته وفي معنى الموت، وفي زواجه الذي يفشل، وفي اختياراته في الحياة، بول الذي يحاول أن يهرب من حيرته فيلتقي بكريستين التي تقوم بدورها ناعومي واتس، فيحبها و يسير في نفس طريقها، و يبحث معها عن من صدم طفليها، وزوجها لكي تنتقم منه فينتهي به الأمر مقتولًا في النهاية.
اقرأ/ي أيضًا: من فيلم "شبح في القوقعة" إلى "كونج: جزيرة الجماجم".. فوارق لا تذكر
- الألم
أسوء حقيقة في الكون أن الموت سوف يأخذ أحبابنا ويرحل يومًا، ربما أكبر حقيقة نحاول يوميًا الانشغال عنها وتجاهلها، ولكن ماذا عن الألم الذي يطاردنا بعد فقد من نحبهم؟ نسأل أنفسنا متى سيتوقف هذا الألم، وما الذي بإمكانه ملء الفراغ بداخلنا، ربما نتناسى بعض الوقت وربما لا نعود مرة أخرى كما كنا عليه. هذا ما حدث مع كريستين في هذا الفيلم والتي حاولت التناسي بكافة الطرق والأشكال، فأصبحت شخصًا هي نفسها لا تعرفه.
أسوء حقيقة في الكون أن الموت سوف يأخذ أحبابنا ويرحل يومًا، ربما أكبر حقيقة نحاول يوميًا الانشغال عنها وتجاهلها
فيلم 21 غرام بشكل عام واحد من أذكى الأفلام في سرد القصة؛ مشاهد متلاحقة من ماضي الشخصيات وحاضرها، وتشابك في أحداث القصة، ينتهي بنا إلى التعرف على مصير هذه الشخصيات. ولعل أحد أجمل مشهد في فيلم 21 غرام هو الذي يقول فيه شون بين وهو على فراش الموت:"كم مرة نعيش؟ كم مرة نموت؟ يقال إننا نخسر 21 غرامًا في لحظة موتنا، كل واحد منا.. فما هو هذا الشيء الذي يزن 21 غرامًا برأيكم؟ ما الذي نفقده؟ متى نفقد الـ21 غرامًا؟ ما الذي يزول معها؟ وماذا نكسب؟ كم تساوي 21 غرامًا؟".
كلمات توضح لنا جزءًا كبيرًا مما أراد الفيلم إيصاله لنا، ففي الكثير من الأحيان نفقد من الأشياء والأشخاص ما يجعلنا نموت من الداخل، فتصبح الحياة بلا معنى. فيلم 21 غرام بشكل عام دراما كئيبة للغاية عن الحياة عندما تفقد معناها بالنسبة لنا في بعض الأوقات.
اقرأ/ي أيضًا:
فيلم Split.. عندما يكتمل التشظي
فيلم Spirited Away رحلة شجاعة يقودها السحر