أثارت الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة الاتصال الجزائرية ضد شركة "الخبر"، التي تملك أكبر صحيفة خاصة صادرة باللغة العربية في البلاد وقناة تلفزيونية ومطبعة، الكثير من اللغط والجدل حول واقع حرية التعبير في الجزائر.
القضية التي تنظر فيها محكمة "بئر مراد رايس" بالعاصمة الجزائرية، تهدف الوزارة من ورائها إلى محاولة إبطال صفقة بيع "الخبر" إلى رجل الأعمال يسعد ربراب، الذي يسعى إلى استرجاع بريقها وإنقاذها من الإفلاس، والحجة المقدمة من الجهة الرسمية في الجزائر أن "التنازل عن جزء من رأس مال شركة الخبر لرجل الأعمال المعروف مخالفة لمواد القانون العضوي للإعلام الجزائري الصادر في كانون الثاني/يناير 2012 ".
رفض صحفيو "الخبر" الجزائرية القضية المرفوعة من وزارة الاتصال واعتبروا أنها تخفي خلفيات سياسية
وأجلت محكمة "بئر مراد رايس" بالعاصمة الجزائرية النظر في القضية إلى غاية الحادي عشر من آيار/مايو الجاري، فيما نظم الصحفيون وعمال المؤسسة وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة، نددوا فيها بإبطال الصفقة، فيما ذكرت نقابة عمال صحيفة "الخبر"، في بيان لها، أن "الحكومة ومن ورائها وزارة الاتصال تحاول اغتيال الصحيفة وغلقها بإبطال تلك الصفقة التي باتت متجهة لإنقاذ الشركة من الإفلاس"، بسبب ما اعتبرته "تضييقًا على المؤسسة بمنع الإشهار عنها سواء من طرف المؤسسة الجزائرية للنشر والإشهار الحكومية وكذلك التهديد بمنع الصفقات عن الشركات الخاصة الكبرى التي تقدم صفحات إشهار في صفحات الجريدة وومضات إشهارية في قناتها".
اقرأ/ي أيضًا: الصحف الجزائرية.. صراع البقاء
الصحفيون وعمال المؤسسة، من جهتهم نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة، رافضين بذلك الملاحقة القضائية لإلغاء الصفقة، وهي الوقفة التي انضم إليها ناشطون حقوقيون ونواب من البرلمان وسياسيون وإعلاميون من مؤسسات إعلامية مختلفة، وهو تحرك يقوي تلاحم الصحافيين في الجزائر خاصة في القطاع الخاص. من جانبها، اعتبرت النقابة الوطنية للصحافيين الجزائريين في بيان لها أن "القضية لها خلفيات سياسية وهي شكل من أشكال الضغط الذي تمارسه السلطة في الجزائر على الصحافة"، متسائلة عن "تغاضي الوصاية أي وزارة الاتصال عن قضايا خرق لقانون الإعلام في الجزائر تعود لسنوات طويلة".
من جانب آخر، عزا المحلل السياسي وأستاذ العلاقات السياسية أحمد عظيمي قرار رفع دعوى قضائية من طرف وزارة الاتصال ضد "الخبر" إلى "عدة عوامل أهمها محاولة تصفية الصحيفة باعتبارها ذات مصداقية وتعتمد الموضوعية، فضلًا عن كون نجاحها يزعج أطرافًا عديدة في الجزائر وخارجها". كما ذهب عظيمي بعيدًا إلى اعتبار إقدام وزارة الاتصال الجزائرية على هذه الخطوة "يدخل في إطار مسار باشرته السلطة لتحضير مرحلة ما بعد بوتفليقة دون وجود أي صوت حر".
قضية "الخبر" حركت تضامنًا شعبيًا مع الصحافة الجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستقطبت تضامنًا خارجيًا أيضًا
اقرأ/ي أيضًا: صحافيات الجزائر.. أحلام كبيرة وحصاد مر
قضية "الخبر" ووزارة الاتصال الجزائرية حركت تضامنًا شعبيًا مع الصحافة الجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستقطبت تضامنًا خارجيًا على غرار الاتحاد الدولي للصحفيين الذي رفض، في بيان له، "الضغوطات الممارسة ضد الصحف الخاصة في الجزائر" و"استخدام الإشهار العمومي من أجل التأثير على الخط التحريري للصحف".
وجاء في نص البيان أيضًا أن "قضية "الخبر" تحمل خلفيات سياسية"، معبرًا عن قلقه من تصريحات وزير الاتصال حميد قرين ودعوته المسؤولين إلى عدم التعامل مع الصحف التي "تقدم، حسبه، صورة سوداء عن الجزائر". كما طالب الاتحاد الدولي للصحافيين وزارة الاتصال الجزائرية بفتح حوار جاد مع محترفي المهنة وضبطها بقوانين عضوية تضمن ممارسة مهنية واحترافية لمهنة المتاعب.
أزيد من ربع قرن، عاشت الجزائر أزكى سنين حرية التعبير وذاقت طعم فتح المجال الإعلامي على القطاع الخاص، ربع قرن من كفاح الصحفيين والإعلاميين في الجزائر، كلفهم غاليًا حيث اغتيال أكثر من 100 صحفي من طرف أيادي الغدر الإرهابي، سنوات، بحسب المشتغلين في الحقل الصحفي الجزائري، تسقط اليوم في الماء وتعود بمكسب حرية التعبير إلى نقطة الصفر، حيث اعتبر الصحفيون في جريدة "الخبر"، في تصريحات متفرقة، لـ"ألترا صوت" أن "حرية التعبير في الجزائر تقهقرت، وتعيش مرحلة الوهن بفعل عصا السلطة وأن قضية الخبر تهدف إلى تكميم الأفواه وإضاعة 25 سنة من نضال الكلمة".
اقرأ/ي أيضًا: