تضغط أحزاب اليمين التقليدي، واليمين المتطرف، من أجل إجراء استفتاء جديد على قضية المهاجرين في فرنسا، في حملة عنصرية تجاه الهجرة واللجوء في فرنسا.
ويدفع اليمين المحافظ واليمين المتطرف، باتجاه إجراء استفتاء حول الهجرة، في وقت الذي وعد فيه الرئيس الفرنسي، الأسبوع الماضي، خلال حوار مع صحيفة "لوبوان" اليمينية، بالعمل على الحد من عدد المهاجرين إلى فرنسا، وفي مقدمتهم "المهاجرون غير الشرعيون"، وفق تعبيره.
تسعى الحكومة الفرنسية، من خلال مشروع القانون الذي قدمه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، إلى تشديد "الإجراءات على الهجرة"
وأضاف ماكرون: "من أجل تحقيق هذا الأمر يجب حماية حدودنا الخارجية والأوروبية بشكل أفضل، لأن فرنسا ليست بلد الدخول الأول إلى أوروبا، بل بلد هجرة ثانوية لأجانب دخلوا عبر بلد آخر إلى الاتحاد الأوروبي"، على حد قوله. واصفًا الوضع الحالي، بأنه "غير مستدام"، وفقه.
مشروع قانون جديد للهجرة
وأشار ماكرون إلى أن "حكومته ستعاود العمل على مشروع قانون جديد للهجرة، تم تأجيله عدة مرات، بعد نهاية العطلة الصيفية".
وتسعى الحكومة الفرنسية، من خلال مشروع القانون الذي قدمه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، إلى تشديد "الإجراءات على الهجرة"، وتدفع باتجاه إقراره في أقرب وقت ممكن. لكن الرئيس استبعد إجراء استفتاء حول هذا الموضوع، معتبرًا أنه سيكون غير دستوري. ويعود ذلك إلى أن المادة 11 من الدستور الفرنسي، تنص على أن الاستفتاءات يجب ألّا تنتهك الدستور الذي يضمن حق اللجوء.
وبحسب صحيفة "التلغراف" البريطانية، يسعى الرئيس الفرنسي إلى تجنب الانتقادات الموجهة إليه بأنه يحكم بـ"إملاءات من الإليزيه"، وذلك من خلال اقتراح سلسلة من عمليات التصويت العامة حول مواضيع ذات أهمية وطنية، ولن تكون هذه العمليات، أو الاستفتاءات، ملزمةً قانونًا، ولكنها ستوجه سياسات حكومته.
ضغط قوى اليمين
وخلال الأسبوع الماضي، انتهز الزعيم الجديد لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، الفرصة، وأرسل رسالةً رسمية إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يطالب فيها بطرح "مسألة الهجرة لتصويت رسمي وملزم".
وفي الرسالة، يصف بارديلا الوضع في فرنسا بأنه "عاجل ويدعو إلى اتباع نهج متشدد تجاه سياسات الهجرة في البلاد، من أجل استعادة السيطرة واستعادة سلطة الدولة وحماية الهوية الفرنسية"، وفق تعبيره.
واقترح زعيم اليمين المتطرف، أن يكون التصويت، في 9 حزيران/يونيو 2024، أي يوم الانتخابات البرلمانية الأوروبية.
يذكر أن الزعيمة السابقة لحزب التجمع الوطني مارين لوبان، جعلت موضوع الاستفتاء على قانون الهجرة، أحد المواضيع الرئيسية في حملتها للانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2022.
فوق دماء نائل
واستمر اليمين الفرنسي، في حملته العنصرية، بعد مقتل الطفل نائل على يد الشرطة الفرنسية، في محاولة لتجاوز مقتل الطفل، والإشارة إلى المظاهرات التي تلت ذلك، احتجاجًا على تصرف الشرطة العنصري، حيث ادعت لوبان أن "فرنسا تعاني من هجرة فوضوية تمامًا"، وفق قولها.
ورغم اتخاذ الرئيس الفرنسي "موقفًا متشددًا" ضد الاحتجاجات، إلّا أنّ الحكومة الفرنسية اعترضت على توصيف لوبان للحادثة، كاشفةً أن "10 % فقط من المشاركين في أعمال الشغب كانوا من مواليد خارج فرنسا".
بدوره، أثار رئيس المجموعة البرلمانية لحزب "الجمهوريون" المحافظ، التي تهيمن على مجلس الشيوخ الفرنسي، برونو ريتيللو، جدلًا بعد تصريح في لقاء عبر اذاعة "Franceinfo"، الذي ربط فيه "الهجرة بأعمال الشغب"، وأضاف: "نحن نعرف الأسباب. لقد سئمنا من كوننا بمجرد أن نريد أن نكون حازمين، يقولون: الفاشيون قادمون! أنتم مثل التجمع الوطني!"، وفقه.
ومثل هذه المواقف الذي كان يُنظر إليها سابقًا على أنها خاصةً في اليمين المتطرف الذي تنتمي إليه لوبان، وصلت إلى حزب "الجمهوريون" الذي يسعى إلى التغلب على العقبة الدستورية، بخصوص موضوع الاستفتاء، إذ دعا زعيم الحزب إريك سيوتي، إلى إجراء استفتاء على الاستفتاء، أي إجراء استفتاء على تغيير الدستور، تمهيدًا لاستفتاء آخر حول الهجرة.
وقال سيوتي في مقابلة مع محطة "Europe1" الإذاعية: "لا يمكننا أن نبقى في هذا الوضع حيث نشهد موجة هجرة"، وأضاف "نحن نعيش غرقًا حقيقيًا دون أي ردود فعل حقيقية من السلطات العامة، وأنا أستنكر ذلك"، وفق قوله.
انتهز الزعيم الجديد لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، الفرصة، وأرسل رسالةً رسمية إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يطالب فيها بطرح "مسألة الهجرة لتصويت رسمي وملزم"
اجتماع مع ماكرون
وأثار كل من بارديلا، وسيوتي مسألة إجراء استفتاء على الهجرة خلال الاجتماع مع ماكرون الأسبوع الماضي، عندما عقد ماكرون جلسة مغلقة مدتها 12 ساعة مع زعماء المعارضة، بهدف إيجاد بعض التوافق وسط أزمة جمود برلماني. وأعرب كلاهما عن خيبة أمله إزاء رد ماكرون حول المسألة.
ويتزايد النقاش حول الهجرة، في الوقت الذي تبدأ فيه الدورة البرلمانية الجديدة هذا الخريف بدراسة مشروع قانون الهجرة الذي قدمته الحكومة، والذي من شأنه أن يسرع من طرد المهاجرين، ويمنح تصاريح خاصة للعاملين في الصناعات التي تواجه نقصًا شديدًا في اليد العاملة.