دعيني أسألُ لماذا؟
لأحبَّكِ مرّةً أخيرةً
مع حلولِ هذا المَساءِ
الّذي يبلعُ ريقَهُ جافًّا.
لأكتشفَ أنَّ السّماءَ صافيةٌ
في ساعةِ الحائطِ
ومتوحّشةٌ
كجثّة في ساعةِ اليدْ!
*
عندما كنتُ حيًّا بالفِعل
أغمضُ أهلي عيني وطلبوا منّي أنْ أرسمَ
جزرةً،
أريدُ الآنَ أنْ أتصالحَ
مع أنَّ كلَّ شيءٍ حدثَ في حياتي
حدثَ أيّام ما كانت عيناي مقفلتين
بلى
لقد بقيَ لديَّ أن أباشرَ محبَّة العالم
دونَ أنْ أفتحهما فقط!
*
يومَ لمْ تكُن للملابِسِ رائِحَةٌ
يومَ لمْ يَكُنِ البيتُ عندَ تنظيفِهِ يُنتِجُ الغُبارَ
يومَ كانَ النَّاس يَبْكونَ بوضعِ وُجوهِهِمْ
في البئرِ
يومَ كانَتْ عائلتي
تسمِّي الأجنبيّ غريبًا
العازفَ مُتَغَنِّجًا
والعابرَ لِصًّا،
يومَ كانَ الحُبُّ يُمنَحُ لطفلَيْنِ مُنَاصَفَةً
أحبَبْتُ أنْ أوقِظَكِ
بإحراقِ خِزانَةٍ كاملةٍ مِنْ كُتُبِ الحُبّْ،
لا شكَّ أنَّها المرَّة الأولى
الّتي أفصِلُ فيها اللّحمَ البشريَّ عنِ الأدَبْ!
*
على الأقلِّ يعود أول لقاء
بيننا إلى العام ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين،
كيف التقى
محبوب وله من العمر عامان
فقط؟
هذا ما تقولينه الآن وأنا أريد أن أؤلف أغنيةً
كالشمعة في نهاية السنة،
أن ألهو مع الغزلان
في الحقول
لا أن أجف تلقائيًا كصفار البيض،
أن أكون الصبي الذي يفرد
الكؤوس
لا الإمبراطور الذي يرثُ القمر!
*
لماذا خربتَ حياتي
كما لو أنها جثة طائر؟ أعني أنك قمتَ بقذفها
في الحريق.
كان بوسعك أن تكون مفيدًا لا عاشقًا على الأقل،
أن تهب ريشها لأناس من الجلد
وجلدها لأناس من الريش!
*
متخيلًا أنني أمك أو لنقلْ أنني أمثّل دورها،
أعانقك وقد فرغت
البيوتُ من العظام أيضًا،
مسحت رائحة البخور الأرضيةَ
ونسي الأولاد الذين أراجع لهم
الدروس
بعض كتبهم على دكة التنور.
متخيلًا أنني أمك
أبقيك بين يدي لأحبك إلى أن أهرم.
حقًا أن حياتي منسوجة من البرق
وأتمنى أن يمهلني حبك
الفرصة الكافية لكي أكمل موتي!
*
لماذا جئتَ بالزهور
لا بالوظائف،
بالقصائد لا بالمصابيح؟
بالألعاب
لا بالشفاه الوردية؟
بأخبار المعركة
لا بيوميات عائلتك الصغيرة؟
لماذا أحببت البيوت
كدليل على أنك سوفر لي استراحة؟
ألا تعلم أن هناك الكلمات
المنسية كي نذكر صاحبها،
البيوت الفارغة
كي نشبع منها!
*
فساتيني شوارع منسية
وجسدي كمن يجرب العمى
لأول مرة،
يتلمسُ الخزانة
بعينيه الصغيرتين
ويبصرها باليد!
*
من قال إنني انتظرتُ أن تمر الجنازة
لأراك،
أعرف أن المعزين فكروا بذلك
ونبشوا القبور
بحثًا عن أثر لضعفي ونافذة واحدة
مفتوحة نحو رحيلي.
مات أحد أقاربي بعد ثمالة لكنْ
من قال إنني أحب أن ترسل لي
طردًا مناسبًا
أنني مشدودة بكلمة وحيدة منك فحسب،
الظهيرة تتلاشى، لكنها ساعة حبنا
من قال إنها ساعة أرض دون ملائكة؟
من قال إنها تكفي الأحياء الذين لا تعريف لهم
أو تكفي الموتى؟!
*
إن قلتِ هذا حذاء هو حذاء
وإن قلت لم يكن حذاءً فهو لم يكن حذاءً،
إن توقفتِ عن الكلام
تائهة
والحذاء منكفئ على جسده كله
فإن إلهًا من الآلهة
هو الذي قد يمنحه قدمًا!
*
قلتُ لوالدتي من الأب الروحي
الذي يحدثني عنه معلمو مدرستي؟
أمن المفترض أن يكون شخصًا
ثالثًا غير أبي
وحبيبي؟
قالت:
الأمر قد يرجع إلى المسيح أيضًا.
لم يعجبني الجواب
فأحببتك بعد ألف خطيئة وألف شفة مفضوحة.
إنك أبي الروحي في ليلة غير فائتة
لكننا نؤمنُ بالأبوة القاسية
ونهزأ بالروح!
*
أنني في الواحدة والثلاثين الآن
وغدا في الثانية والثلاثين،
أنجز سنواتي دون تجمد في الدم
أو ضمور في العضلات،
دون الإقلاع عن الدخان
أو التسرع بالإيمان بآلهة غير ودودة.
لقد أفقدتني حياتي القدرة على عد أيامها
لأنني أحببتُ لئلا تتفتح الزهور بتلقائية
لأنني صافحتُ مرحبًا كمن يقشر قلبه
ومودعًا كمن يتدرب على إغلاق اليد.
*
الطفل الذي سأكونه فيما بعد
أصرَّ أن يصنع لك لعبة
على هيئة شجرة لا تقتلع.
عرفَ إنه عندما يقرأ كتابًا سيحبك مطولا
وعندما يغلقه أيضًا.
عندما تضاء غرفته
وعندما تتصل بظلام البيوت المجاورة
وبعد ذلك
عندما يكبر ويعصبون عينيه
ليعرف أي يد هي يدك الآن
ستكون هذه فرصته
بأن يمررَ حياته على الروائح
بدلًا من أن يرى!
*
عن أي شيء يبحثون
هؤلاء الذين لا يحبون،
الذين يعودون
إلى غرفهم دون دببة
ويفرغون دموعهم بأكمامهم؟
عن أي مغفرة يسألون
أولئك الذين بلادهم لا تفصح عن نفسها
الذين سيرحلون مثلي
ثم تُرطبُ قبورهم
عبر خطى خاطفة بلغة النجوم؟
الذين سيحبون بمقدار أقل
مما تسعه حيواتهم العديدة
فيمتون!
*
كانت ثمة وصلة غناء
فتم اختياري من أجل ذلك.
كلمات بمتناول الجميع لكن
الرفاق كانوا يطيلون النظر فحسب
وعلي أن أبذل جهدًا
لمعرفة ما إذا كانت للقصائد والصراخات المصائر
نفسها
حيث يغرق الصوت
في القاعة ويعوم الصدى!
*
سأجلس في البر منصتًا لأي خطوة
لعل العابر ينمو داخل شجرة
لعل الظل الذي يتبدد ينشئ بيته
لعل الحكاية التي نؤلفها للتسلية
يصير لها أثر
لعلي إن أحببت أغدو خالدًا.
سأقوم كالمصلوب
بعينين مقفولتين، هذه هي لعبتنا كموتى،
هذه هي الطريقة التي نفحص بها الألم!
*
بالأمس كنتُ شاعرًا وأنا الآن
غير مبالٍ بالأمر،
كلماتي تنطفئ كالخدوش
القديمة في المرايا
وسعاداتي تتلاشى
كضحكات صغيرة
اقول الآن أنني أسترق السمع
للضحكات التي تنأى
لأتفاجأ بحشرجة رجل يبكي فحسب.
بالأمس كنتُ شاعرًا
وأنا الآن أنفخ بعشوائية الرعاة المهاجرين
لكي أحصل على النغم!
*
أربعة أشخاص شاهدوني وأنا
أضع قدمي في الموج
البحر عالٍ وسبابة المرء لن تمكنه من النجاة.
كان جسدي طافيًا لقاء عدم امتلاكي
أجنحة
وجاءت شهادات الرجال كالآتي:
أراد أن يعوم
أراد أن يصطاد
أراد الاستكشاف فحسب
حاول إنهاء حياته
بالنسبة للجرائد:
أنه الحب حتى عندما يبدو عديم الجدوى
وبالنسبة للأمهات:
إن الطفل الذي لا يسمع الكلام
سيغرق حتى الأذنين!
*
أكتب الشعر الذي أنا بحاجة إليه
عوضًا عن الذهاب
إلى قمة جبل.
الذي يسندني عند غرس
غصن ملتو في الوحل
أو إذابة حجرة في ثلج الصويرة العابر غالبًا.
الذي يجعل القلوب ناعمة
كبيوض الدراج،
الذي يدعني
فيما إذا كنتُ حيوانًا
بأن أحب دائمًا من هو أطول ظفرًا مني!