صدر حديثًا، ضمن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، كتاب جديد بعنوان "إدوارد سعيد.. أماكن الفكر" من تأليف تمثي برنن، وترجمة محمد عصفور.
يقدم الكتاب سيرة معرفية شاملة لأحد أكثر المفكرين إثارة للجدل والأكثر شهرة في القرن العشرين، بالاعتماد على مصادر أرشيفية واسعة، إلى جانب مئات المقابلات، وفيه تظهر صور سعيد المتعددة، بدءًا منه كرائد دراسات ما بعد الاستعمار، إلى المدافع الدؤوب عن وطنه فلسطين، وحتى الناقد الأدبي المثقف، وصولًا إلى صاحب الأثر البليغ والتأثيرات الكبيرة على الأدب والسياسة والحياة.
يقدم كتاب "إدوارد سعيد.. أماكن الفكر" سيرة معرفية شاملة لأحد أكثر المفكرين إثارة للجدل والأكثر شهرة في القرن العشرين
يصف المؤرخ والمفكر رشيد الخالدي الكتاب بأنه "يقدم صورة إدوارد سعيد بكل أبعادها، ويكشف الزوايا العديدة لحياته وأعماله التي يجهلها أقرب المقربين له". ويقول إن تمثي برنن يعطينا فيه صورة رثائية مرهفة لشخصية من أبعد شخصيات القرن الماضي تأثيرًا.
حملت فصول الكتاب العناوين الآتية: الشرنقة، عدم الاستقرار، التلمذة في مدارس الصفوة، العميل السري، قبل أوسلو، عقل الأغيار. وخلالها تُرسم المسارات المعقدة لتطور سعيد الفكري، وتكشف عنه كأحد مُحطمي الأصنام، إذ كان صاحب إستراتيجية مخادعة، مفكرًا من مفكري نيويورك، وكان يتردد على بيروت، ويعمل على ترتيب الحفلات الموسيقية في فايمار، ويبرع في سرد الحكايات على شاشة التلفزيون القومية، ويفاوض من أجل فلسطين في وزارة الخارجية الأمريكية، ويمثل في أفلام يؤدي فيها دوره في حياته. وقد استقصى برنن التأثيرات العربية في فكر سعيد، إلى جانب تتلمذه على يد بعض رحال الدولة اللبنانيين، وكان حداثيًا نسيج وحده، وواحدًا من أدباء نيويورك، وباحثًا غيّرت كتاباته وجه الحياة الجامعية إلى الأبد. وقد تمكن سعيد بما يتميز به من فكر ثاقب وسحر شخصي، من صياغة هذه المعارف بحيث غدت تراثًا مغايرًا من المذهب الإنساني، على خلفية التفوق العلمي والتكنولوجي والحرب الدينية، وقد أعطى للعلوم الإنسانية بوضوح ليس له مثيل مكانة جديدة في عصر ريغان، وهي مكانة لا تزال تحتفظ بها حتى يومنا.
استفاد برنن من شهادات العائلة والأصدقاء والطلاب والخصوم على حد سواء، كما استعان بملفات مكتب التحقيقات الفدرالي، وكتابات غير منشورة، ومسودات روايته، ورسائله الشخصية، وغيرها.
"أماكن العقل" كتاب واسع الحدود والآفاق كما هو سعيد نفسه، ولهذا تتحلى ملاحقة هذه التجربة الفريدة غير مسبوق بكثير من الحميمة والحيوية، من أجل الإحاطة بصورة أحد العقول العظيمة في القرن العشرين.