ألترا صوت - فريق التحرير
"الثقة والأخلاق والعقل البشري"، هو عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن داري "ابن النديم للنشر" و"الروافد الثقافية ناشرون"، للباحث والفيلسوف الفنلندي أُولي لاغرسبيتز (1963)، ترجمة مصطفى سمير عبد الرحيم. وفيه، يُعيد لاغرسبيتز بث الحياة في الجدل الفلسفي حول مفهوم الثقة، مبيّنًا للقارئ أن الأسئلة المثارة بشأن هذا المفهوم، إنما هي جزء من التحليلات العميقة لطبيعة الفاعلية والعقلانية البشرية، بوصفها قضايا تقع في صميم الأخلاق الفلسفية.
يُقدِّم أُولي لاغرسبيتز في كتابه "الثقة والأخلاق والعقل البشري" استقصاءً مفيدًا للرؤى الفلسفية حول موضوع الثقة وأهميتها في الحياة الإنسانية
يُقدِّم الفيلسوف الفنلندي في الكتاب تقييمًا شاملًا لمفهوم الثقة، وموقعها في قلب الفلسفة الأخلاقية، بشكلٍ يوفر للقارئ الذي يشتبك مع هذه القضايا للمرة الأولى، مساحة لفهم هذه المسألة بلغةٍ بسيطة وبعيدة عن التعقيد، وأسلوبٍ يضيء على مختلف جوانبها، انطلاقًا من نظرته للثقة على أنها ميزة بشرية مكمّلة للميزة العقلية، ومرتبطة على نحوٍ وثيق بالأخلاق.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "علوم الشرع والعلوم الاجتماعية".. نحو تجاوز القطيعة
وبحسب ديفيد كوكبرن، أستاذ الفلسفة الفخري في جامعة ويلز، يُعدّ الكتاب: "إضافة مرحّبًا بها للغاية في مناقشة موضوع يتزايد الاعتراف به بوصفه موضوعًا حاسمًا في الفهم المناسب للفاعلية، العقلانية، والأخلاق". ويُضيف كوكبرن قائلًا إن لاغرسبيتز: "يُقدِّم استقصاءً مفيدًا للرؤى الفلسفية حول موضوع الثقة وأهميتها في الحياة الإنسانية، إلى جانب تقديم مساهمته القيمة والمميزة في النقاش. إنها قراءة ضرورية لجميع العاملين في هذه المجالات والمجالات ذات الصلة".
يضم الكتاب ثمانية فصول، خصص المؤلف الفصل الأول "الثقة ومشاكلنا معها"، للبحث في العلاقة بين الثقة والعقل، محاولًا الإضاءة على نقاط الاختلاف والائتلاف بينهما، وتقديم إجاباتٍ وافية على سؤال: هل العلاقة بين الثقة والعقل علاقة صداقة أم عداوة؟ وانطلاقًا من هذه الإجابة، ينتقل لاغرسبيتز للحديث عن الكيفية التي يمكن اعتمادها في الكتابة عن ماهية الثقة، وتناول القضايا المرتبطة بها من جهة، وتلك التي تدور في فلكها من جهةٍ أخرى.
في الفصل الثاني "الثقة والعقل الهوبزي"، يفرد أُولي لاغرسبيتز حيزًا واسعًا لدراسة ما يسميه بـ"المعضلة الهوبزية"، أو "المنطق الهوبزي"، حيث تكون الثقة عملية عقلانية أقرب إلى المخاطرة أو الرهان غير مضمون النتائج. ويبحث في الفصل نفسه في العلاقة بين الثقة ونظريات الألعاب، التي يُخضعها للنقد انطلاقًا من "الحاجة إلى إطارٍ اجتماعي" يحكم هذه العلاقة، قبل أن ينتقل للإضاءة على مسألة الجدارة بالثقة، والعلاقة بينها وبين العقل الاستراتيجي.
ويتناول في الفصل الثالث "الائتمان وقابلية الطعن"، مفهوم الائتمان وعلاقته بالثقة باعتبارها، في بعض النظريات الفلسفية السائدة، شكلًا من أشكاله. ويذهب بعد ذلك لدراسة نقد الفيلسوفة النيوزلندية أنيت باير للعقلانية وتناولها لموضوع الثقة، انطلاقًا من اعتباره نقدًا غامضًا، وذلك إلى جانب فرده مساحة قرأ فيها نظرة بيتر للثقة التي عرّفتها بأنها قابلية الطعن المقبولة عند الفرد البشري.
يضع أُولي لاغرسبيتز بين يدي القارئ عملًا فلسفيًا يجمع بين دفتيه تقييمًا شاملًا لمفهوم الثقة، وموقعها في قلب الفلسفة الأخلاقية
أما الفصل الرابع "الثقة والبُعد الزمني"، فخصصه لاغرسبيتز للبحث في مسائل مختلفة، منها اللازمنية المنهجية، ومعضلة السجينين، واللازمنية في تعاملات الثقة غير الرسمية، والثقة بوصفها نشاطًا تأويليًا، والحالة السوية في التفاعل المستمر، واللازمنية المنهجية والفردانية المنهجية. فيما يدرس في الفصل الخامس "الثقة بوصفها أداة تنظيم"، مفهوم الثقة في إطار سوء الحال، تمهيدًا للإجابة على السؤال التالي: هل الثقة حالة نفسية؟
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "العالم العربي في ألبومات تان تان".. الشرق مسرحًا للبطل الغربي
وتحت عنوان "التواصل، الصادقيّة، الثقة"، يقرأ المؤلف مفهوم التواصل باعتباره تلاعبًا وقراءةً للأفكار، ويبحث في معيار مفهوم الصادقيّة، والثقة في المحادثة، والصورة مقابل الحضور الحقيقي، وأخيرًا موضع الثقة في الأفكار المختلفة للغة. بينما يبحث الفصل السابع "الثقة الأساسية"، في الثقة بوصفها استجابة للشكوكية، إلى جانب نظرية الخداع الذاتي للثقة الأساسية، وجنون والارتياب والشكوكية. فيما يضع خلاصة أبحاثه ودراساته هذه في الفصل الثامن والأخير من الكتاب.
اقرأ/ي أيضًا:
كتاب "القافلة".. عبد الله عزام وسيرة الجهاد العالمي
كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الساسانية".. عن بلاد فارس القديمة