صدرت حديثًا عن الدار الأهلية في عمّان مختارات شاملة من شعر الراحل محمود درويش (1941 - 2008) بعنوان "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، اختارها وقدمها الناقد والمترجم فخري صالح.
يقول صالح في مقدمته: "ثمة في شعر محمود درويش، علامات كبرى تدل القارئ على تطور تجربته الشعرية ونضوجه الثقافي والفكري والوجداني والسياسي، وعلى قدرته، مبدعًا خلاقًا، على تحويل الفردي والشخصي، في حياته وحياة الفلسطينيين، إلى تجربة جماعية كبرى تضيء القضية الفلسطينية، وتضعها في وجدان العرب المعاصرين كما في ضمير العالم ووعيه؛ ففي رحلته من "سجل أنا عربي"، التي كانت صرخته للتعبير عن الهوية الفلسطينية ـ العربية التي سعت الحركة الصهيونية والدولة العبرية إلى محوها، إلى قصائده التي كتبها في أيامه الأخيرة، نعثر على منحني صاعد، عمومًا، في هذه التجربة الشعرية الغنية التي أصبحت، سنة بعد سنة، دلالة ساطعة على اسم فلسطين ومأساتها ومقاومتها وتحولها إلى قضية إنسانية كبرى. انطلاقًا من هذا التصور، الذي لا يغفل المراجل الأولى في تجربة محمود درويش الشعرية، اشتغلت على هذه المختارات، لقد اخترت قصائد من مجموعاته كلها للإضاءة على تطوره الشعري، وتطور لغته وموضوعاته وفكره ورؤيته السياسية وطريقة نظره إلى الشعر، وفهمه العميق للتحولات التي مرت بها تجارب الشعراء في العالم، ليتسنى للقراء التعرف على المنحنى التطوري الصاعد لتجربة شعرية فلسطينية عربية لا تقل أهمية عن تجارب الشعراء الكبار في العالم".
ثمة في شعر محمود درويش، علامات كبرى تدل القارئ على تطور تجربته الشعرية ونضوجه الثقافي والفكري والوجداني والسياسي
ويقول أيضًا: "استطاع شعر محمود درويش أن ينبِّه الضمير العالمي إلى التراجيديا الفلسطينية، وينبه وعي البشر، من غير أصحاب المصالح، إلى عملية التطهير العرقي التي تعرَّض لها الفلسطينيون على أيدي معتنقي الفكر الصهيوني وأنصارهم في الغرب، لإحلال شعب محلَّ شعب وطرد الفلسطينيين من الجغرافيا والتاريخ. وقد بدأ درويش تجربته من دائرته الأولى، ممثَّلةً في تجربة العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في أرض 1948، منتقلًا إلى دائرته العربية الأوسع، بعد خروجه من فلسطين، وواصلًا في النهايات إلى الدائرة الثالثة، أي البعد العالمي الذي حظي به شعره الذي تُرجم إلى عشرات اللغات".
يذكر بأن فخري صالح كاتب وباحث وناقد أدبي ومترجم أردني - فلسطيني. حائز على جائزة فلسطين للنقد الأدبي (1997)، وجائزة غالب هلسا (2005). أصدر أكثر من عشرين كتابًا، من بينها: "في الرواية الفلسطينية"، و"في الرواية العربية الجديدة"، و"إدوارد سعيد: دراسة وترجمات"، و"قبل نجيب محفوظ وبعده: دراسات في الرواية العربية"، و"أصوات من ثقافة العالم، كتاب الثورات العربية: المثقفون والسلطة والشعوب"، و"كراهية الإسلام: كيف يصور الاستشراق الجديد العرب والمسلمين". كما ترجم "النقد والأيديولوجية" لتيري إيغلتون، و"ميخائيل باختين: المبدأ الحواري" لتزفيتان تودوروف، و"الاستشراق" لضياء الدين ساردار، و"موت الناقد" لرونان ماكدونللد.
ومن الجدير بالذكر أنه جرى إطلاق الكتاب في مكتبة الأرشيف في عمان يوم الأحد المنصرم، 13 آذار/مارس، في عيد ميلاد درويش الحادي والثمانين.