تعرّضت الأرجنتين لخسارة مهينة أمام كرواتيا ضمن الجولة الثانية من كأس العالم روسيا 2018، إذ هُزم رفاق ميسي بثلاثة أهداف دون رد، ما يعني أن راقصي التانغو باتوا قاب قوسين أو أدنى من الخروج المبكّر، وهي أقسى خسارة تعرّضت لها الأرجنتين في دور المجموعات منذ 60 عاماً، عندما سحقت تشيكوسلوفاكيا الأرجنتين 6-1 ببطولة كأس العالم التي أقيمت في السويد سنة 1958، بينما حجزت كرواتيا أولى بطاقات المجموعة في دور الـ16.
هزيمة الأرجنتين أمام كرواتيا هي الأقسى في دور المجموعات منذ 60 عاماً عندما خسر التانغو 6-1 أمام تشيكوسلوفاكيا
أصبح وضع الأرجنتين بالغ الصعوبة في المونديال الحالي، فالأرجنتين تملك نقطة واحدة فقط من مجموعتها التي تضمّ بجانبها آيسلندا ونيجيريا وكرواتيا، مقابل 6 نقاط لكرواتيا ونقطة لآيسلندا وصفر لنيجيريا، علماً أن الفريقين الأخيرين لديهما مباراة تجمعهما ضمن الجولة الثانية، وستكون آمال ميسي ورفاقه معلّقة بأقدام نيجيريا، على أن يفوز الفريق اللاتيني في الجولة الأخيرة أمام المنتخب الأفريقي بفارق كبير، ومع ذلك قد تفشل الأرجنتين في التأهّل. ودوّامة الحسابات لن تقلّ احتمالاتها الكثيرة إلا مع نهاية مباراة آيسلندا ونيجيريا، عندها ستتّضح الحسابات التي على أساسها ستلعب فرق هذه المجموعة الجولة الثالثة والأخيرة.
يتحمّل مدرّب الأرجنتين خورخي سامباولي مسؤولية أداء الأرجنتين الضعيف في مونديال روسيا، إذ استبعد من تشكيلته قنّاص الدوري الإيطالي ماورو إيكاردي، ورضخ في الكثير من الأحيان لخيارات ميسي في تشكيلة التانغو، ولم يقدّم الفريق ما هو مرجوّ منه في مباراة آيسلندا، فافتقد للنجاعة الهجومية، وكان الفريق بحاجة شديدة لصناعة لعب أكثر حيويّة، كذلك أهدر ميسي ركلة جزاء زادت عليه الإحباط والضغوط الإعلامية، وهنا اعتقد الجميع أن سامباولي سيظهر وجه الأرجنتين الحقيقي أمام كرواتيا، وسيضع قدماً في دور الـ16.
دخل خورخي سامباولي اللقاء بتشكيلة غريبة، غاب عنها ماركوس روخو وغونزالو هيغواين وباولو ديبالا وأنخيل دي ماريا، فيما لعب في صفوف التانغو العديد من اللاعبين الذين لا يملكون خبرة دولية في كأس العالم، وحضر ميسي بجسده فقط، حاله كحال سيرجيو أغويرو وماسكيرانو، بينما فرضت كرواتيا نفسها كقوّة عالميّة قادمة، لم لا وهي تتفوّق بأشواط على الأرجنتين في خط الوسط، بداية من لوكا مودريتش وإيفان راكيتش وانتهاء بكوفاسيتش، وأمامهم مثلّث رعب ترأسه مانزوكيتش ومن خلفه بيرسيتش وأنتي رييتش.
اقرأ/ي أيضًا: الجميع يبكي الأرجنتين في كأس العالم 2002
حاولت كرواتيا منذ البداية افتتاح التسجيل، لكن تألّق الحارس الأرجنتيني كاباييرو حال دون ذلك، عندما أنقذ مرماه من تسديدة بيرسيتش الخطرة، ردّت الأرجنتين بضغط على دفاعات كرواتيا، وكاد زملاء ميسي أن يفتتحوا التسجيل مرّتين، ففي الأولى اصطدمت كرة ماركوس أكونيا بالعارضة، وفي الثانية أهدر إينزو بيريز بغرابة شديدة فرصة لم تعوّض لاحقاً، عندما تهادت الكرة أمام أقدامه ولم يستطع أن يضعها في المرمى الخالي، وذلك في الدقيقة 30.
اعتقد الجميع أن فريق سامباولي سيظهر لعشّاقه ثوبه الحقيقي في الشوط الثاني، لكنّ الحال زاد سوءاً، فتباعدت خطوط الفريق فيما بينها، وكانت حركة أغلب اللاعبين دون فاعليّة تذكر، وشكت دفاعاته من أخطاء كارثيّة ساذجة من النواحي التكنيكية والفنّية. وغاب عن أشباح الأرجنتين الحركة دون كرة، والأهم من كل ذلك هو غياب الروح القتالية لدى اللاعبين، فكان أغلبهم لا يدري مدى قيمة القميص الذي يرتديه، بعكس كرواتيا التي لعب كافّة عناصرها بدمائهم وصارعوا على كافّة الكرات المستحيلة منها والمنطقيّة، وتفوّقوا على التانغو في المواجهات الفردية، إضافة إلى فرضهم النسق الذي حدّدوه مسبقاً في هذه المباراة.
منح مارادونا بلاده كأس العالم 1986 لكنّ كرة القدم تغيّرت في هذا العصر، لم تكن توجد آنذاك دولة اسمها كرواتيا
افتتح لكرواتيا التسجيل انتي ربيتش بعد استغلاله خطأ ساذجاً من الحارس كاباييرو في الدقيقة 53، وكادت الأرجنتين أن تعدّل النتيجة بواسطة ليونيل ميسّي، لكنّ زميله في برشلونة إيفان راكيتش منعه من ذلك عندما أنقذ مرماه من هدف محقّق، بعد ذلك تحلّت كرواتيا باللعب الجماعي الجميل، فدافع الفريق كاملاً وأطلق هجمات مرتدّة خطرة، بعكس الأرجنتين التي ساد أغلب لاعبيها العصبية، ومن إحدى الهجمات راوغ لوكا مودريتش مدافعي الأرجنتين على طريقته وسجّل هدفاً من خارج منطقة الجزاء، هدف قتل أحلام ميسي ورفاقه، قبل أن يطلق نجم اللقاء راكيتش رصاصة الرحمة في ثواني المباراة الأخيرة، معلناً فوز بلاده التاريخي 3-0، ومعيداً إلى الواجهة ما فعله أبناء جلدته في مونديال فرنسا 1998، عندما كانت كرواتيا بحق الحصان الأسود للبطولة، وأذاقت ألمانيا خسارة تاريخية 3-0 في الدور ربع النهائي.
اقرأ/ي أيضًا: من المسؤول عن سرقة حلم المغرب في مونديال 2018؟
غابت الأمجاد المونديالية عن الأرجنتين منذ 32 عاماً عندما منح مارادونا بلاده كأس العالم 1986، لكنّ كرة القدم تغيّرت في هذا العصر، إذ لم تكن توجد آنذاك دولة اسمها كرواتيا، كذلك يستحيل على أي نجم ولو كان بحجم ميسي أن يمنح فريقه بطولة بمجهوده الفردي، وفريق النجم الواحد سيكون مصيره الخروج من الدور الأول لا محالة، لذا على خورخي سامباولي انتظار 3 شروط قد تحفظ رقبته من مقصلة الإقالة، أولها انتظار هديّة من الأقدار تفضي إلى خسارة آيسلندا أمام نيجيريا، ثانيها انتظار خدمة تاريخية من كرواتيا عندما تغلب آيسلندا في الجولة الثالثة، وآخرها أن يحقق فريقه فوزا كبيرا على نيجيريا في الوقت نفسه.
تشير كافّة المعطيات الحالية أن المهمّة باتت مستحيلة للغاية على سامباولي، وسيكون خروج الأرجنتين من الدور الأول شديد الخطورة على سمعة التانغو، فعندما خرج الفريق من الدور الأول في مونديال كوريا واليابان 2002، اتفق الجميع أن مجموعة الموت كانت هي السبب، فخسر زملاء باتيستوتا أمام إنجلترا وتعادلوا مع السويد وفازوا على نيجيريا، بينما قدّم زملاء ميسي أداءً هزيلاً في مجموعة سهلة للغاية بمونديال روسيا، وما هي إلا أيام معدودة وستعلن الأرجنتين الحداد على حلم ميسي الذي كاد أن يؤكّد من خلاله للعالم أنه أفضل لاعب في التاريخ، لأن لقبًا كهذا لا يستحقّه لاعب لم يظفر بكأس العالم.
اقرأ/ي أيضًا:
صفعة الكاميرون لمارادونا في كأس العالم 1990.. وتغيير قوانين الكرة بسبب مصر!