إنّ الدعم الذي تقدّمه لشخص قريب منك تظهر عليه علامات الاكتئاب قد يلعب دورًا أساسيًا في شفائه أو شفائها وحمايتهم من تطوّر المرض أو إيذاء أنفسهم. فالاكتئاب حالة خطيرة ولكنّها لا تستعصي على العلاج، وهي تؤثر على حياة الكثيرين من الشباب وكبار السنّ من شتّى الخلفيّات والظروف الاجتماعية والاقتصادية. إنّه مرض يقف حائلًا أمام المضيّ قدمًا في الحياة اليوميّة، ويترك صاحبه في ألمٍ فظيع، وينعكس ذلك على من حوله من عائلة وأصدقاء.
يستصعب المصاب بالاكتئاب التواصل مع الآخرين على المستوى العاطفيّ حتى لو كان يحبّهم، وقد يندفع أحيانًا لإهانة الناس الأقرب له
إن رأيت شخصًا تكترث لأمره تظهر عليه بعض الأعراض كالشعور باليأس والتبرّم الدائم والإحباط والغضب والخوف ويميل إلى لوم نفسه وتأنيبها باستمرار مع حالة متواصلة من الحزن والوجوم فقد يكون هذا الشخص أسيرًا لمرض الاكتئاب، وسيكون عليك واجب مساعدته، وقد لا يكون هذا الأمر سهلًا.
ابدأ أولًا بالتعرّف أكثر إلى مرض الاكتئاب والقراءة عنه وتحدث عن ذلك مع صديقك أو قريبك، ولا تنسَ في خضمّ ذلك أن تراعي صحّتك العاطفيّة أنت وأن لا تنجرف كثيرًا في التأثّر والكآبة، فهذا لن يساعدك على مساعدة من تحبّ.
اقرأ/ي أيضًا: كيف تتخلى عن مسكنات الألم؟
تذكّر هذه الحقائق عن الاكتئاب:
الاكتئاب حالة خطيرة: لا تستخفّ بخطورة مرض الاكتئاب، فهو مرض يستولي على طاقة الفرد ويطرح عنه كل دواعي التفاؤل والمرح والتحمس للحياة، وقد لا يستطيع المصاب بالاكتئاب الخروج من هذه الحالة بمجرّد إقناع نفسه بذلك.
الاكتئاب يؤثر على العلاقات الشخصية: فالمصاب بالاكتئاب يستصعب التواصل مع الآخرين على المستوى العاطفيّ حتى لو كان يحبّهم، وقد يندفع أحيانًا لإهانة الناس الأقرب له والتلفّظ بما لا يليق بشأنهم، ولكن تذكّر أنّ اكتئابه هو الذي يتحدّث من وراء نفسه، فلا تتضايق كثيرًا.
التغاضي عن المشكلة لن يساعد في حلّها: لا تمكّن لمرض الاكتئاب من خلال تجاهله وتناسي وجوده في حياة من حولك. إن حاولت تقديم الأعذار وتغطية المشكلة من خلال تجنّب إخبار صديقك أو قريبك بوجود المشكلة، فأنت لا تساعدهم وإنّما تزيد المشكلة تعقيدًا.
أنت وحدك لا تستطيع إنقاذ المريض: لا تحاول أن تبادر إلى إنقاذه أنت من الاكتئاب، ليس هذا من اختصاصك، ولا يقع في دائرة إمكانك ومعرفتك. ولا تلق اللوم على نفسك، وتذكّر أنّ النجاح في التعامل مع الاكتئاب يعتمد على المريض نفسه.
اقرأ/ي أيضًا: هل عليك التوقف عن تناول الغلوتين؟
ماذا يمكن أن أقول لمريض الاكتئاب؟
- أنت لست وحدك، وأنا هنا من أجلك
- أنا متأكّد أنّ هذه الحال ستزول وتتغيّر حتى لو بدا هذا صعبًا الآن
- قد لا أفهم تمامًا ما تشعر به، ولكنّي أهتمّ لأمرك وأرغب في مساعدتك
- أنت تعني لنا الكثير ونحن نحبّك
- أخبرني بأي شيء يمكن أن أفعله لأساعدك
تجنّب قول العبارات الآتية لمريض الاكتئاب:
- أنت بخير فقط لا تفكّر بالأمر كثيرًا
- كلّنا نمرّ بهذه الحالة من حين لآخر
- "انظر إلى الجزء المليء من الكأس"
- هنالك الكثير لتفعله في الحياة؟ لماذا تريد أن تموت؟
- عليك أن تُخرج نفسك من هذه الحالة وحسب
- ما مشكلتك؟
بعض الخطوات لمساعدة مريض الاكتئاب
1. اقترح عليه إجراء فحص طبي شامل عند الطبيب. قد تكون زيارة طبيب عامّ في البداية أهون وقعًا على المريض من اقتراح الذهاب إلى طبيب نفسيّ، خاصّة في مجتمعات تنظر بعين الريبة إلى المرض النفسي وتخلط بينه والجنون أحيانًا. قد يقترح الطبيب بعد التأكّد من صحّة المريض البدنيّة أن يذهب لزيارة طبيب نفسي مختصّ يمكن الوثوق برأيه.
2. ساعد صديقك أو قريبك في العثور على طبيب نفسيّ جيّد ورافقه في الزيارة الأولى. قد يكون العثور على طريق العلاج الأنسب أمرًا صعبًا، وفي أمراض كهذه قد تقع بعض الأخطاء. ولأن مريض الاكتئاب قد يعاني من اليأس وضعف العزم والطاقة فقد يكون من الجيّد لو ساعدته في إجراء المكالمات الهاتفية للسؤال عن الأطباء وترتيب موعد مناسب له عند أحدهم ومرافقته في الموعد الأول.
3. احرص على أن لا ترفع سقف التوقعات كثيرًا. عليك أن تذكّر نفسك وبقية الأصدقاء وأفراد العائلة أنّ العلاج من الاكتئاب لا يحصل بين عشيّة وضحاها.
4. شجّع صديقك أو قريبك على الحركة والخروج من البيت. اذهبوا سويّة للعب كرة القدم مع مجموعة من الأصدقاء أو اخرجوا للسينما أو وسط المدينة لتناول الطعام. ممارسة الرياضة دومًا مفيدة وترفع المعنويات ولها أثر هام في التخلص من حالات الاكتئاب، خاصّة ممارسة الجري الخفيف وبعض الرياضات الممتعة. كن لطيفًا حين تقترح فكرة ما وحاول الإصرار بلطف ولا تيأس من المحاولة. مريض الاكتئاب يحتاج المثابرة منك ومن جميع من حوله.
5. إن كنت تشعر أنّ هذا الشخص في حالة قد يقدم فيها على الانتحار بسبب الاكتئاب، فلا تتركه وحده. تواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء الآخرين للمساعدة أو اتّصل بجهة مختصّة في بلدك إن أمكن.
اقرأ/ي أيضًا: