14-أكتوبر-2024
مشكلة الطائرات المسيّرة

جنود إسرائيليون يسيرون قرب القاعدة التي استهدفها حزب الله بالمسيّرات الانقضاضية (رويترز)

بعد ساعات من تأكيد وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، أن الجيش الإسرائيلي عازم على تدمير "الخط الأول من القرى" في جنوب لبنان المحاذية لشمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، زاعمًا أنه "لم يتبق لدى حزب الله سوى ثلث ترسانته الصاروخية متوسطة وقصيرة المدى"، أعلن "حزب الله" تنفيذه هجومًا بالمسيّرات الانقضاضية استهدف قاعدة عسكرية في جنوب مدنية حيفا.

وجاء الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية، بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" نشر بطارية الدفاع الصاروخي "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية في "إسرائيل" مع فريق من 100 جندي أميركي لتشغيلها، وذلك في إطار تعزيز القدرات الدفاعية الإسرائيلية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

ماذا نعرف عن هجوم المسيّرات الانقضاضية؟

وفقًا لبيان "حزب الله" الذي نشر عبر قناة "تليغرام"، أمس الأحد، فإنه "في عملية نوعية ومركبة، أطلقت القوة الصاروخية في المقاومة الإسلامية، عشرات الصواريخ باتجاه أهداف متنوعة في مناطق نهاريا وعكا بهدف إشغال منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي"، وتابع البيان موضحًا أنه "بالتزامن أطلقت القوة الجوية في المقاومة الإسلامية أسراب من مسيرات متنوعة، بعضها يستخدم للمرة الأولى، باتجاه مناطق مختلفة في عكا وحيفا".

وجاء الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية، بالتزامن مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" نشر بطارية الدفاع الصاروخي "ثاد" في "إسرائيل"

وأضاف البيان بأنه "تمكنت المسيّرات النوعية، من اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها في معسكر تدريب للواء النخبة "غولاني" في منطقة بنيامينا جنوب مدينة حيفا المحتلة، وانفجرت في الغرف التي يتواجد فيها العشرات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي الذين يتحضرون للمشاركة في الاعتداء على لبنان وبينهم ضباط كبار، مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات".

ووفقًا لبيان جيش الاحتلال، وتقارير نشرتها وسائل إعلام عبرية، فإن الهجوم استهدف قاعدة عسكرية قرب وادي عارة في منطقة بنيامينا، جنوب مدينة حيفا، وأسفر عن مقتل أربعة جنود، فضلًا عن إصابة 67 آخرين، بينهم ثمانية جنود وصفت إصابتهم بالحرجة، في هجوم يعتبر الأعنف منذ اندلاع المواجهات بين "حزب الله" وجيش الاحتلال في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقال تقرير للقناة الـ12 العبرية، إن الطائرة المسيّرة من طراز "مرصاد"، المصنعة من قبل وزارة الدفاع الإيرانية، مضيفًا أن وزن رأسها الحربي يبلغ نحو 20 كغ، وتصل سرعتها إلى نحو 200 كم في الساعة، فيما أكد جيش الاحتلال أن "الطائرة المسيرّة لم تطلق صواريخ، وهي طائرة مسيّرة، من المعروف أن حزب الله يستخدمها، ومصنوعة في إيران".

وبحسب ما ذكرت إذاعة جيش الاحتلال، فإن التحقيق الأولي يشير إلى "انقطاع الاتصال بالطائرة المسيّرة، التي عبرت منطقة نهاريا وعكا"، مضيفًا أنه "لم يتم رصد الطائرة المسيّرة، من قبل أنظمة الكشف، ولم يطلق إنذار واحد، ولم تكن هناك أي محاولات لاعتراضها"، فيما قال غالانت عقب زيارته للقاعدة المستهدفة، "نعمل على تطوير حلول تساعد على مواجهة تهديد الطائرات المسيرة".

لا يوجد حل لمشكلة الطائرات المسيّرة

وشكّل الهجوم الذي استهدف القاعدة العسكرية التي تضم جنودًا في لواء النخبة "غولاني" صدمة لدى جيش الاحتلال، خاصة أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن طائرات حربية ومروحية طاردت المسيّرة قبل اختفائها عن الرادار، بعدما تمكنت الدفاعات الجوية من اعتراض المسيّرة الأولى، فيما لم تظهر المسيّرة الثانية بعد اختفائها، ما أدى إلى عدم إطلاق صافرات الإنذار.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، في بيان، "سندرس ونحقق في حادثة اختراق المسيّرة للقاعدة العسكرية وضربها دون انطلاق إنذار"، وتابع مضيفًا "نواجه تهديد المسيّرات منذ بداية الحرب، ونحن مطالبون بتوفير حماية أفضل، وسوف نقوم بالتحقيق في هذا الحادث، والتعلم والتحسن".

من جانبها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن قائد منظومة الدفاعات الجوية السابق، العميد في الاحتياط، دورون غبيش، قوله في أعقاب هجوم المسيّرة على القاعدة العسكرية "عندما نتحدث عن تهديد المسيّرات، يجب النظر إليه في سياق المسافة والحرب الحالية"، مضيفًا "بشكل عام، هناك رد على المسيّرات بعيدة المدى، يتكون من عدة أجزاء".

وبحسب غبيش، تتمثل هذه الأجزاء بـ"معلومات استخبارية مبكرة، وطائرات القوات الجوية، ونظام الدفاع الجوي"، مشيرًا إلى اعتراض معظم المسيّرات التي أطلقت من العراق وسوريا واليمن، وتابع مضيفًا "إلى جانب هذه المعطيات، ينبغي القول، للأسف، إن هذا النظام ليس مثاليًا، والحماية ليست محكمة. في بعض الأحيان قد يقع خطأ بشري، أو تكنولوجي أو خلل وظيفي. والحل هو التحذير"، وفق قوله.

من جهته، رأى محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة ذاتها، رون بن يشاي، أن مشكلة المسيّرات ستجد حلًا عندما تتمكن "إسرائيل" من القيام بعمليات اعتراض بواسطة تقنية الليزر من الأرض وعبر الطائرات، "بحيث تكون عمليات الاعتراض أسهل وناجعة أكثر من عمليات الاعتراض بواسطة صواريخ القبة الحديدية أو الصواريخ الاعتراضية التي تطلقها الطائرات".

وأضاف بن يشاي أن "الاعتراض بواسطة الليزر لن يكون متاحًا قبل منتصف عام 2025 على الرغم من إجراء عدة تجارب"، لافتًا إلى أن المشكلة الأساسية تبقى في "اكتشاف وتعقب المسيّرات التي تحلق على ارتفاع منخفض جدًا وتختفي بين تضاريس المنطقة"، وخلص في نهاية تحليله "إلى أنه لا حل جيدًا لهذه المشكلة حتى الآن، وهذا هو سبب عدم انطلاق إنذار، حتى تحطم المسيّرة على الهدف الذي قصدته في بنيامينا".

ووفقًا لتقديرات جيش الاحتلال، فإن "حزب الله" أطلق أكثر من ألفي مسيّرة نحو أهداف إسرائيلية منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، فضلًا عن مئات المسيّرات التي أطلقت من إيران واليمن والعراق والأراضي السورية، تم اعتراض معظمها، فيما تسبب بعضها بمقتل جنود في جيش الاحتلال.